رؤيا - الرأي - أوصى تقرير متخصص بضرورة وضع تعريف محدد للعمل الجبري في قانون العمل بشكل يتوائم ومعايير العمل الدولية، وتعديل نص المادة (58) من قانون العمل بحيث يتم شمول العمال الذين يقومون بالمهام الإشرافية والنقل بساعات العمل المنصوص عليها بالقانون، واستفادتهم من حق العمل الإضافي.
وقال التقرير لابد من إجراء تعديلات على نصوص قانون العمل بحيث يتم التعامل مع ممارسي العمل الجبري باعتباره جريمة وليس مخالفة.
وجاء في التقرير الصادر أمس عن المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية، أن منظومة التشريعات الأردنية على اختلاف مستوياتها توفر بيئة حاضنة للعديد من ممارسات العمل الجبري في سوق العمل الأردني.
وهي تحتوي على فجوات تشريعية يجب العمل على معالجتها، فالاستثناءآت التي أوردها قانون العمل في المادة (58) من الالتزام بساعات العمل الأسبوعية لبعض الوظائف (المهن الإشرافية والنقل والمهن التي تتطلب السفر)، والتعامل القانوني مع ممارسات حجز جوازات السفر الخاصة بالعاملين باعتبارها مخالفة وليس جريمة وفقا لقانوني العمل وجوازات السفر، ودون النظر إلى أن عمليات الحجز هذه تستخدم لإجبار العاملين على العمل، وبالتالي هي شكل من أشكال التهديد للإجبار على العمل.
والصلاحيات الواسعة المتاحة للحكام الإداريين للتوقيف الإداري، فتحت المجال أمام توقيف العديد من العمال المهاجرين (الوافدين) لإجبارهم على العمل عند أصحاب عمل معينين دون رغبتهم.
ويفقد العاملين الحق في تغيير أصحاب العمل، وإذا أضيف إلى ذلك عدم وجود نصوص في قانون العقوبات تعالج موضوع العمل الجبري، إلى جانب الفجوات الموجودة في الأنظمة الخاصة بعمال المنازل وتنظيم المكاتب الخاصة العاملة في استقدام واستخدام غير الأردنيين العاملين في المنازل لسنة 2009، والأنظمة المتعلقة بالعمالة الأجنبية في المناطق الصناعية المؤهلة، والممارسات المتعلقة بالتعميم الأمني وتكريس ممارسات نظام الكفالة دون أن تنص عليه القوانين والتعليمات بشكل مباشر، فإن ذلك يخلق بيئة ملائمة لممارسة العمل الجبري.
وأشار مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية احمد عوض الى ان "هنالك العديد من المظاهر التي يمكن تصنفيها عملا جبريا، في سوق العمل الأردني، ويتم ممارستها على نطاق واسع وبشكل يومي"، مثل تأخير أجور العمال عن مواعيد استحقاقها، بشكل متكرر ولفترات طويلة، وعدم التزام العديد من أصحاب العمل بالحد الأدنى للأجور مستغلين حاجة العاملات والعاملين للعمل.
إلى جانب التفاف العديد من أصحاب العمل على التشريعات العمالية مثل قانون الضمان الاجتماعي بتحميل العمال كامل اقتطاعات الضمان الاجتماعي أو الاقتطاع على أجور أقل من الأجور الحقيقية لهم، مستغلين حاجة العاملين للعمل، بالإضافة إلى إجبار العاملين على العمل ساعات إضافية طويلة أكثر مما نص عليه قانون العمل، وجزء منها يكون مدفوع الأجر حسب القانون، وجزء آخر مقابل مبلغ محدد يقل عن نصوص قانون العمل والبعض يعمل ساعات إضافية دون الحصول على أية تعويضات.
وجاء في التقرير أن العمال المهاجرين (الوافدين) يتعرضون للعديد من أشكال العمل الجبري مثل حجز وثائق سفرهم لإجبارهم على العمل في المؤسسة أو لدى صاحب العمل نفسه، هذا إضافة إلى إجبار العديد من العمال المصريين للعمل فترات زمنية طويلة لتعويض الإجازة الخاصة البالغة ستة أشهر، وتحميلهم مبالغ إضافية للموافقة على الإجازة، كذلك اختلاف العمل الحقيقي عما هو في عقد العمل.
حيث وفي الكثير من الحالات، يختلف العمل المتفق عليه في عقد العمل اختلافاً جوهرياً عن المهنة التي يتم إجبار العامل على العمل بها، وبذلك يتم استغلال حالة العامل لإجبارة على عمل لم يختره طوعا، وهو بذلك يمكن أن يشكل صورة من صور العمل الجبري.
أما العمالة المنزلية فإن نسبة كبيرة من عاملات المنازل يتعرضن للعمل الجبري وذلك بحكم طبيعة عملها الذي يفتقرإلى الحماية، وغلبةالطابع الشخصي على العلاقة القائمة بين العامل وصاحب العمل، حيث أن غالبية عاملات المنازل يتعرضن للاحتجاز الجبري في مكان العمل، نظرا إلى بقائهن في منزل صاحب العمل، كما ويتعرضن إلى حجز جوازات سفرهن.
وطالب التقرير بضرورة إجراء تعديلات على صلاحيات الحاكم الإداري في اطار قانون منع الجرائم، والتي تمكنه من توقيف الأشخاص وفقا لسلطته التقديرية، وحصرها في قضايا محددة.
وتعديل أنظمة استخدام واستقدام العمال المهاجرين (الوافدين) بحيث تزيد من استقلالية العامل في تغيير صاحب العمل وضمان حقوق أصحاب العمل.
وتعديل نظام العاملين في المنازل وطهاتها وبساتيينها ومن في حكمهم، بوضع نص صريح يعاقب صاحب العمل على حجز جواز سفر العامل.
وطالب أيضا بضرورة تنفيذ توصيات المركز الوطني لحقوق الانسان الواردة في تقريره السنوي الحادي عشر لسنة 2014، والتي تطالب "بتفعيل التعليمات الخاصة بحماية عاملات المنازل من خلال تخفيض عدد ساعات العمل لعاملة المنزل الى (8) ساعات عمل يوميا، والزام أصحاب العمل بفتح حساب بنكي لعاملة المنزل".
كذلك طالب التقرير بضرورة وقف العمل بتعليمات التعميم الأمني في قضايا نزاعات العمل، والانضمام الى الاتفاقية الدولية لحماية العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لسنة 1990، وتفعيل نظم إنفاذ القانون من خلال زيادة فعالية نظم التفتيش والرقابة العاملة في إطار وزارة العمل والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.
وجاء في التقرير أن العمل الجبري يتمثل في جميع الأعمال أو الخدمات التي تفرض عنوة على أي شخص (تغتصب منه) تحت التهديد بأي عقاب، والتي لا يكون هذا الشخص قد تطوع بأدائها بمحض اختياره.
وتم استثناء مجموعة من الأعمال من مفهوم العمل الجبري تتمثل في أية أعمال أو خدمات تفرض بمقتضى قوانين الخدمة العسكرية الإلزامية لأداء عمل ذي صبغة عسكرية بحتة، وأيةأعمال أو خدمات تشكل جزءا من واجبات المواطنين المدنية العادية في أيةأعمال أو خدمات تفرض على شخص ما بناء على إدانة قضائية شريطة أن ينفذ هذا العمل أو الخدمة في ظل إشراف وسيطرة سلطة عامة.
ويعد العمل الجبري محظورا وفقا للشرعة العالمية لحقوق الإنسان ومعايير العمل الدولية، ويعتبر القضاء على العمل الجبري أحد المبادىء والحقوق الأساسية في العمل، الذي أصدرته منظمة العمل الدولية عام 1998 بإعلان خاص إلى جانب ثلاثة مبادىء وحقوق أساسية أخرى تمثلت في حرية التنظيم النقابي والاعتراف بحق المفاوضة الجماعية، وإلغاء كافة أشكال التمييز في العمل والمهنة،بالإضافة إلى حظر عمالة الأطفال.