رؤيا - حمزة الشوابكة وأسامة العدوان - رعى جلالة الملك عبدالله الثاني، اليوم الثلاثاء، في قصر الملك الحسين بن طلال للمؤتمرات، في منطقة البحر الميت، افتتاح مؤتمر الأردنيين في الخارج 2015، والذي يلتئم تحت عنوان (الأردن يجمعنا).
ويبحث المؤتمر، على مدى ثلاثة أيام، محاور سياسية واقتصادية، ومحور الأردنيين في الخارج (نجاحات وتحديات وحلول)، ومحور دور البعثات الأردنية في الخارج.
ويهدف المؤتمر إلى توثيق صلة الأردنيين في الخارج بوطنهم، والوقوف على التحديات التي تواجههم، ووضع آليات مستدامة للشراكة معهم وتعزيز مشاركتهم الاقتصادية والارتقاء بالخدمات المقدمة لهم.
وشاهد جلالة الملك والحضور، خلال الحفل، فيلما عرض لرسائل مصورة لمغتربين أردنيين في مختلف أنحاء العالم، جسدت مشاعر ارتباط الأردنيين في الخارج بوطنهم، وقدمت صورة مشرقة عن نجاحاتهم وانجازاتهم وتفوقهم في مختلف المجالات. وأكد رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، في كلمة ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية، أن هذا المؤتمر جاء، منذ البداية، استجابةً لرؤية جلالة الملك وتنفيذاً لأوامره السامية؛ وتعبيراً عن اهتمام جلالته الدائم، ببنات وأبناء الأردن المغتربين، ودورهم المتقدم، في خدمة الوطن وصورته الناصعة، وتقديم الوجه الصادق لمسيرته المباركة، بالعمل والإخلاص والجدّ.
كما أكد أن التوجيهات الملكية السامية كانت على الدوام، تحثُّ الحكومات المتعاقبةَ، على أولويّة تعزيز التواصل مع الأردنيين في الخارج وتوثيق ارتباطهم العضوي والمباشر مع وطنهم؛ بأن يكون مفهوم الاغتراب، محصوراً في البعد المكاني فحسب، ومحفزاً لأواصر الارتباط القِيَمي الضميري، ولكل المشاعر المخلصة الصادقة، تجاه الوطن، ومسيرة البناء والإنجاز، وبالدفاع عن قضاياه الحيّة ومصالحه الوطنيّة العليا، ومن هنا كانت رؤية جلالة الملك بأن تصبح وزارة الخارجية وزارة للمغتربين تعبيرا عن المكانة التي يراها جلالته لهذه الفئة من أبناء وبنات الوطن.
ولفت النسور إلى أن هذا المؤتمر يمكن أن يحقق غاياته المأمولة، وأن يشكل مجالاً مهمّاً لتبادل الأفكار والرؤى والخبرات، مثلما أنه يمثّل فرصة حقيقيّة، للإفادة من النقاشات والحوارات، وتطويرها إلى برامج قابلة للتطبيق؛ ما يؤدي إلى الارتقاء بالخدمات المقدمة للأردنيين المغتربين، وتعزيز مشاركتهم في مسيرة التنمية الشاملة والاستفادة من الخبرات والكفاءات الأردنية في الخارج.
واكد أن الحكومة وضعت، من خلال وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، خطة استراتيجية للعمل مع المغتربين للأعوام (2014-2018)، وتضمّنت هذه الخطة أهدافاً استراتيجية ببرامج ومشاريع غايتها خدمة المغتربين الأردنيين ورعاية مصالحهم.
ولفت النسور إلى أن الأردنيين المغتربين أخذوا على عاتقهم تجسيد السمعة الطيبة لوطنهم ومثلوا الصورة الحضارية له، فالأردنيون في الخارج متميزون في الأداء ويمثلون خبرة متقدّمة في الحياة العملية والعلمية في البلدان التي يقيمون بها، كما أن لهم دوراً مهماً وحيوياً بصفتهم سفراء للأخلاق الأردنيّة والنبل والكرامة.
وقال "كما ينقل الأردنيون معهم، في كل مكان، نموذجَنا الفريدَ في التآخي المسلم المسيحي ويعيشون معاً، خارج الأردن، كما في مدننا وقرانا، عائلة واحدة، وجسداً واحداً، ونموذجاً فريداً، ويجمعهم الأردن في الخارج كما يجمعهم ويوحّدهم ايمانهم في الداخل".
وأضاف رئيس الوزراء أن الأردني الذي يخدم بإخلاص وكفاءة البلد المستضيف، فإنما يخدم بلده الأردن وأمته العربية، ويفتح الباب واسعاً للأردنيين للعمل والإبداع، وعلى قاعدة من الثقة والاحترام والمصداقية.
وأكد النسور أن دعم مشاركة المرأة الأردنيّة المغتربة في نشاطات الجالية الاجتماعية والثقافية وفي خدمة صورة الأردن، لهي مسألة في غاية الأهميّة؛ فالمرأة حظيت بدعم ملكيّ كبير، في تعزيز حضورها في مجالات العمل العام داخل الأردن، وتقدّمت في جميع القطاعات، وأثبتت أنها على قدر ثقة وطموح قائد الوطن، وقد حققت الأردنيّات المغتربات، كذلك، قصص نجاح وتميّز، تستحق منّا المزيدَ من الرعاية والاحترام والتحفيز.
ولفت إلى أنه روعي عند الإعداد للمؤتمر أن يكون ذا طبيعة تفاعلية، تحفّز الأفكار والخبرات، وتحقق مشاركة أفضل وأعمق، لجميع القطاعات، وإثراءً للنقاش وللخروج بمبادرات تخدم عملية التطوير والتحديث.
وأكد رئيس الوزراء "أن الحكومة وبتوجيهات جلالته الدائمة، تواصلُ متابعتَها لقطاع الشباب، من أبنائنا المغتربين، سواءً أكانوا من العاملين والموظفين، أم من قطاع الطلاب والطالبات، أم من بنات وأبناء عائلاتنا في الخارج، بهدف تعميق الصلة بالأجيال الشابة المغتربة، وتأكيد معاني الانتماء للوطن ولرسالته، ولثقافتنا المستنيرة المعتدلة، وتحصينهم من الأفكار الظلامية المتطرفة، والمعادية لجوهر عقيدتنا، والمسيئة لماضينا وحاضرنا ومستقبل أمّتنا".
وقال "لقد حدّد الأردن، خلف قيادتكم الواثقة المستنيرة، موقعه المتقدّم، في الدفاع عن الإسلام، وصورته ووحدة مكوّناته"، مؤكدا أن الأردن يبرز اليوم، وانطلاقاً من هذه القِيَم، وصوناً لمصالحه ومصالح امته وأمنه واستقراره، في طليعة الدول التي تحارب الإرهاب والتطرف، وندرك أنها مواجهة شاملة، يقوم فيها جيشنا العربي بدوره المشهود بكل كفاءة، ويمنع تمدد العصابات الإجرامية، وتسهر عيون أجهزتنا الأمنية لمنع تسللها إلى داخل بيتنا الآمن المستقر".
وأكد النسور أن قضية فلسطين هي قضية جلالة الملك وشغله الشاغل في كل محفل ومنبر وعلى أي صعيد، وقال " فأنتم جلالتكم اللسان الصادق الجسور المؤازر لعدالة قضية شعب فلسطين وحقه في دولته ومقدساته وحقه قبل كل شيء في كرامته كباقي أمم المعمورة"، منوها "بأن الأردنيين سيبقون على عهد جلالته بهم مثالَ النخوة والشهامة العربية الأصيلة، وهم يفتحون قلوبهم وبيوتهم، ملاذاً آمناً، للأشقاء من حولنا، الذين شردتهم عن أوطانهم الأحداث الدامية، التي عصفت ببلدانهم، ومزّقت مجتمعاتهم".
من جانبه، أشار نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة، في كلمته خلال حفل الافتتاح، "إلى أهمية انعقاد هذا المؤتمر، الذي أراده جلالة الملك منبراً للتواصل والحوار واللقاء، ومنتدىً للتفاعل المسؤول الصريح، تعزيزاً لدور الأردنيين المغتربين، وتأكيداً لشراكتهم، في كل ما يخصُّ شؤون وطنهم، وبحيثُ تنتجُ هذه الحواراتُ والأوراق اقتراحاتٍ وتوصياتٍ قابلةً للتطبيق والتنفيذ".
وبين، في هذا الإطار، أن هذه التوصيات ستعمل على كل ما من شأنه تطوير آليات التواصل، ودعم مبادرات وجهود الأردنيين المتواجدين بشكل فاعل ومؤثر في مختلف بقاع العالم، والذين يحملون الأردن في قلوبهم؛ ليس كعاطفة ومشاعر فقط، بل كرسالة، وأخلاق أصيلة، وأمانة. حيثُ يدرك كل أردني في الخارج، أنه مسؤول عن تقديم الوجه الحقيقي المشرق لوطنه وأمته.
وقال جوده "إن الأردني المغترب برهن أنه سفير حقيقي لبلده، ولثقافة بلده، يمثّل أفضل ما لدينا، في كل مجال من مجالات العمل والعطاء، لأنه يحمل عاداتنا وتراثنا وأخلاقنا الأردنية الأصيلة، وهو يمثل كل هذه المعاني في عمله وفي محيطه الاجتماعي أو في جامعته، فالأردنيون يرفعون رؤوسهم عالية بقائدهم ورائدهم ومصدر فخرهم واعتزازهم جلالة الملك عبدالله الثاني، ويؤكدون كل يوم، أنهم على العهد، خيرُ جنود لخير رسالة".
وبين أنه وفي القطاع الخاص حقق الأردنيون المغتربون قصص نجاح، وعبروا عن أبهى صور الأمانة والاجتهاد، فالأردنيون الذين يعملون في القطاع العام في الخارج، يحملون معهم أخلاقيات وتجربة وكفاءة الإدارة العامة في الأردن، ومؤسساتها الراسخة، ويتعامل معهم الأشقاء والأصدقاء على أنهم بيوت خبرة ومعرفة، فالأردني دائماً، يرفع رأس الأردن أينما كان.
وقال جوده "إن الأردني المغترب، هو محطُّ رعاية واهتمام جلالة الملك، يجسّد دائماً، جزءاً أصيلاً، من جبهتنا الوطنية الداخلية، ويقوم بدوره من أيّ مكان في العالم، لتحصينها وتقويتها"، فالأردنيون في الخارج هم العلماء وسيّدات ورجال الأعمال والمهنيّون والمبدعون وأهل الكفاءة، وهم ثروة حقيقية للوطن. ويشكلون، معاً، في كل مجتمع فريقاً واحداً، منسجماً، ومتكافلاً، من خلال النوادي والجمعيات الأردنية، ويحرصون على التعريف بالأردن ومد جسور التواصل مع المجتمعات المقيمين فيها.
وأضاف إنه "وفي ظل ما تواجهه منطقتنا من تحديات واستهداف، أخطرُها تحدي التيارات الظلامية التكفيرية؛ يقوم المغتربون الأردنيون بدورهم المنشود، والذي هو جزء من رسالة قيادتنا الهاشمية المباركة؛ بالتعبير عن الصورة الحقيقية للإسلام الواحد المستنير المعتدل، الذي يؤمن بالانفتاح والتواصل والحوار، الإسلام الذي يجمع ولا يفرق، إسلام جدّكم الأعظم رسول الهدى والحق، محمد صلى الله عليه وسلم، المبعوثِ رحمةً للعالمين".
وقال مخاطبا جلالته "ولقد استطعتم يا مولاي، وفي أحلك الظروف الإقليمية، بقوّة خطابكم وجلاء مصداقيتكم، أن تقنعوا العالمَ، بأولويّة مجابهة الفكر الانعزالي الظلامي دفاعاً عن جميع القِيم والمعاني ودفعاً للشرور والفِتَن، وبقيادة مولاي الحكيمة، وبقوّة مؤسسات الدولة، وبأخلاق الأردنيين وشيمهم الأصيلة، يشعر الأردنيون وضيوفُهم بكل معاني الأمن والأمان. ونمدُّ أيدينا لأشقائنا الذين حرمتهم قوى الشر من هذه النعمة، ونقوم بواجبنا وواجب غيرنا، رغم محدودية الموارد والإمكانات".
وأوضح "أنه وبتوجيهات جلالتكم، ومتابعتكم الدؤوبة، تواصل الدبلوماسيةُ الأردنيةُ، دعمَ جهود الحلّ السياسي السلمي، والذي أكدتم مراراً أنه الحل الوحيد في سوريا، ولنضمن عودةً آمنةً للاجئين، إلى حيث يكونون مطمئنين على أبنائهم وأرواحهم".
وقال إن القضية الفلسطينية كانت دائماً وأبداً تتصدر اهتمامات جلالته، وجهوده، وقد كان لتحرك جلالته وقوّة تأثيره، وحضوره الدولي، الدورُ الأبرز، في منع محاولات استغلال اللحظة الإقليمية المعقدة، للتحايل على أولويّة هذه القضية ومركزيّتها، وحرص جلالته على التأكيد أن أيّ تطوّر، يطرأ، لا ينبغي له، مهما كان حجمُه، أن يشغل انتباهَ العالم، عن حق الشعب الفلسطيني المقدّس، بإقامة دولته المستقلة، على ترابه الوطني، وعاصمتها القدس الشرقية.. وسيواصلُ الأردن، دفاعَه الشجاعَ عن حقّ اللاجئين الفلسطينيين، بالعودة والتعويض؛ بوصفه حقاً مقدّساً، وغير قابل للتأويل.
وبين جودة، في هذا الصدد، أن مسيرةَ الإعمار الهاشمي، هي عهد هاشمي متصل، تحققت به سلامةُ المقدسات الإسلاميّة والمسيحيّة، وهويّةُ مبانيها، وتواصل مؤسّساتُ الدولة الأردنيّة، قيامَها بواجبها، ومسؤوليّاتها، في تنفيذ توجيهات جلالة الملك وأوامره، ومتابعة كل التفاصيل، في هذا الإطار.
ولفت إلى أنه وبتوجيهات جلالة الملك، تمّ تعديل هيكل وزارة الخارجية، لتصبح وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، وتواصل الوزارة،ُ وهي تدخل عامها السادس والسابعين؛ تطويرَ وتحديثَ سفاراتنا وأدوارها وأساليب عملها، حتى تقومَ سفاراتُنا بدورِها الأساس في خدمة ورعاية الأردنيين المغتربين، ومشاركتهم آمالهم وتطلعاتهم، وبأساليب حديثة غير تقليدية، مؤكداً أن السفاراتُ الأردنيّةُ ستواصل أداءَ واجبها في متابعة شؤون الطلبة، في الجامعات والمعاهد خارج الأردن، وتوفير كل ما يلزم لنجاحهم وتسهيل حياتهم.
ويسلط المحور السياسي، في المؤتمر، الضوء على قصة نجاح الأردن واستقراره السياسي والأمني ودوره البارز في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، كما يعرض أهم الإنجازات في مسيرة التحديث والإصلاح الشاملة وعملية ترسيخ الديمقراطية.
ويتحدث المحور عن رسوخ واستقرار النظام السياسي الأردني من خلال معاني ومضامين قرب حلول الذكرى المئوية للثورة العربية الكبرى (2016) وذكرى تأسيس المملكة (2021).
أما المحور الاقتصادي، فسيركز على اطلاع المغتربين على التصور المستقبلي للاقتصاد الأردني (رؤية 2025)، لتحقيق الرؤى الملكية في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة والارتقاء بالقدرات التنافسية للاقتصاد الوطني، وتعزيز البيئة الجاذبة للاستثمار.
كما يتطرق إلى الإصلاحات الاقتصادية والتشريعات المحفزة للنمو الاقتصادي وتطوير بيئة الأعمال، ودور الأردنيين في الخارج كشركاء في التنمية.
ويركز محور الأردنيين في الخارج (نجاحات وتحديات وحلول)، على قصص نجاح المغتربين وعلى مقترحاتهم، والوقوف على التحديات التي تواجههم والمشاكل التي يتعرضون لها وسبل معالجتها، وتطوير الخدمات المقدمة للمغتربين، كما سيبحث آليات مأسسة علاقة التواصل مع المغتربين، والمبادرات الهادفة لتوطيد علاقتهم بالوطن.
وفي ما يتصل بمحور البعثات الأردنية في الخارج، سيتم مناقشة خطط عمل البعثات الدبلوماسية والدور المطلوب منها في نقل الصورة الحضارية عن المملكة إلى العالم.
وسيركز هذا المحور على وسائل تطوير الخدمات المقدمة في البعثات الأردنية للمغتربين، ودور البعثات الأردنية في رعاية مصالح الأردنيين في الخارج.
وحضر حفل الافتتاح عدد من أصحاب السمو الأمراء ورجال الدولة وكبار المسؤولين.