رؤيا - بترا - بدأت في عمان اليوم الاحد برعاية سمو الامير الحسن بن طلال، اعمال المنتدى الالماني العربي الثالث، الذي تنظمه المنظمة العربية الاورومتوسطية للتعاون الاقتصادي( EMA ) -انطلاقا من اهمية المياه كقضية وجودية وتحت شعار "اللاجئين وقطاع المياه/ الانتقال بالمنطقة من منطقة مواجهات الى منطقة للتعاون الاقتصادي" .
ويناقش خبراء ومشاركون في المنتدى، الذي ينظم بالتعاون مع غرفة تجارة عمان ووزارة المياه والري ومجموعة طلال ابو غزاله، على مدى يومين التحديات المائية في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا وتأثيرات ازمة المياه على الواقع الاقتصادي والبيئي والاجتماعي والسياسي فيها.
وتعاني 12 دولة عربية من فقر مائي شديد وباتت تحت خط الفقر المائي الحاد والبالغ 500 متر مكعب في العام، وفقا لدراسات الامم المتحدة، في وقت تفاقمت فيه ازمة نقص المياه في المنطقة العربية خلال خمس سنوات الاخيرة لأسباب مختلفة، في ظل نزوح ما يزيد عن 8 ملايين لاجئ سوري وعراقي خارج بلادهم الى المناطق الاقل شحا في المياه.
وفي كلمة له في افتتاح المنتدى، اكد سمو الامير الحسن بن طلال، الرئيس الفخري للمنظمة العربية الاورومتوسطية للتعاون ، اهمية الاصرار والتكيف والقدرة على التغيير كعناصر مهمة للمرونة والصمود في وجه التحديات، بالإضافة الى التعاون الدولي وايجاد شراكات استراتيجية وخلاقة، فيما دعا الى التركيز على اللامركزية والتوزيع العادل للثروات والتمكين لبناء القدرة البشرية والاقتصادية والانطلاق الى العالمية.
وقال سموه، إن القضايا المزمنة للتنمية في المنطقة، تسارعت في ظل غياب الاطار الاقليمي وقاعدة المعرفة القائمة على الاحصاء الدقيق والموثوق، في وقت استمر فيه التدهور في النمو الاقتصادي وتراجع الاستثمار وفرص العمل وزاد الطلب على المصادر الحيوية كالمياه والكهرباء بالإضافة الى الادارة السلمية للنفايات.
وبين أن الامن المائي وحماية الامن الانساني في المنطقة، لا يمكن ان يتحقق الا من خلال توحيد الجهود ما بين المجتمعات والمنظمات الدولية والاستغلال الامثل لوفرة المياه ومصادر الطاقة، وايجاد استقرار اقليمي وتجنب اي صراعات محتملة، مبينا سموه ان الادارة غير المسؤولة لتزويد المياه خلال الحروب والنمو السكاني غير المدروس الى جانب السياسات الزراعية الخاطئة اسهمت في تدهور الوضع المائي في منطقتنا.
وأشار سموه الى تراجع جودة المياه المتوفرة في المنطقة نتيجة لتلوث خطوط المياه والابار بالمياه العادمة وكذلك نضوب الآبار الجوفية بسبب الضخ الجائر، فيما اكد ان التنمية ستكون عرضة للإحباط وعدم النجاح بعيدا عن الامن والمساءلة.
ودعا الى دعم خطة الاردن على المديين البعيد والقصير لتطوير البنية التحتية الخاصة بالمياه، فيما طلب المجتمع الدولي لإيجاد خطة استقرار في المنطقة والتفكير في مرحلة البناء لما بعد النزاع وسكوت البنادق.
بدوره، اكد وزير المياه والري الدكتور حازم الناصر، ان الاحتباس الحراري وتزايد شح المياه واستنزاف الموارد المائية، في المنطقة العربية ومنطقة جنوب المتوسط، فاقم الازمة المائية في ظل غياب الإدارات الحديثة وترشيد الاستهلاك وضعف الحاكمية الرشيدة وما تعانيه من صراعات اقليمية ودولية.
وبين ان قضية نقص المياه وامداداتها وتراجع مواردها وشحها لا يمكن فصلها عن التحديات الاخرى في منطقتنا كمتلازمة الغذاء والطاقة، في ظل تضاعف استيراد الحبوب في المنطقة العربية منذ عام 1990 الى اكثر من 60 بالمئة من احتياجاتنا، والزيادة السكانية في المنطقة العربية التي سجلت 27ر3 بالمائة وتعتبر الاعلى عالميا.
وقال الدكتور الناصر، ان عدد سكان المنطقة العربية من سيصل الى نحو 600 مليون نسمة بحلول عام 2030، ما يدعو الى ضرورة اعداد البرامج والمشاريع والتمويل لخدمتهم بالمياه والصرف الصحي، في ظل اتساع فجوة العجز المائي العربي التي ستصل بحلول عام 2030 الى ثلاثة أضعاف مما هي عليه اليوم اي من حوالي 45 مليار متر مكعب، الى حوالي 127 مليار متر مكعب.
وبين ان الازمتين السورية والعراقية والازمات في المناطق العربية الاخرى شكلت تبعات مفزعة على البنى التحتية عامة وعلى قطاعات المياه والصرف الصحي العربية بشكل خاص، مبينا ان الطلب على المياه في الاردن ارتفع نتيجة اللجوء السوري الى 22 بالمئة، فيما تقدر الكلف المنظورة لكل لاجئ بنحو 600 دولار سنويا، اي نحو 350 مليون دولار سنويا .
واعد الاردن بحب الناصر، خطة صمود وطنية تحتاج الى 725 مليون دولار لموجهة تبعات اللجوء السوري حتى عام 2016، داعيا الى ضرورة وضع خطة اقليمية للتعاون في موضوع اللجوء في مجالات المياه والبيئة والطاقة، خاصة وان المنطقة العربية هي من اكثر مناطق العالم لجوءاً.
واشار الى الدعم الكبير الذي يقدمه الاتحاد الاوروبي وبخاصة المانيا لتمكين قطاع المياه في الاردن من التعامل مع الظروف الاستثنائية، من خلال تمويل مشاريع مياه وصرف صحي تزيد عن 70 مليون يورو خلال السنوات الثلاث الماضية في المجتمعات المستضيفة وداخل المخيمات، وكذلك تحسين التزويد المائي وحماية مصادر المياه الجوفية وتحسين الواقع الصحي والبيئي من التلوث من خلال انشاء شبكات الصرف الصحي و نقل التكنولوجيا الحديثة، بما يعزز ويطور قدرات الاستجابة والتخطيط في قطاع المياه.
واكد رئيس غرفة تجارة عمان عيسى مراد، ان التحديات المائية التي تواجه المملكة ترتقي الى مستوى الخطر الحقيقي الذي يدعو لتنسيق ادارة الموارد المائية المشتركة مع دول الجوار ضمن اتفاقيات مدروسة ومشاريع مشتركة تحفظ للأردن حقوقه المائية وتساعد في تنمية التعاون الثنائي والاقليمي لتحقيق مصلحة الاردن.
وبين ضرورة تنمية المصادر المائية بصورة مستدامة عن طريق تحديد معدلات الضخ الامن من الطبقات المائية المختلفة والمحافظة على نوعية المياه المتوفرة ومعالجة المياه العادمة بصورة اوسع.
بدوره، اعتبر رئيس مجموعة طلال أبوغزاله الدولية، الدكتور طلال ابو غزالة، ان مشكلة المياه تشكل قلق رئيسي للأردن ودول المنطقة, ما يدعو الى الالتزام الدولي والاقليمي في مواجهة هذا القلق وتوفير المياه.
واكد اهمية ايجاد الحلول اللازمة لمشكلة المياه العادمة، وبما يتلاءم مع السياسات الاردنية من خلال التعاون ما بين القطاعين العام والخاص، مبديا استعداد المجموعة لتقديم الدعم للمنظمة للوصول الى حلول استراتيجية مشتركة وبخاصة ما يتعلق بقضايا المياه والطاقة والنفايات.
وكان رئيس جمهورية المانيا الاسبق، رئيس المنظمة العربية الاورومتوسطية للتعاون الاقتصاد كريستيان فولف، اهمية التنسيق بين صانعي القرار السياسي والاقتصادي والعلمي والاكاديمي في المانيا والعالم العربي للتعاون في قضايا ادارة المياه في الاردن بشكل خاص والمنطقة العربية.
وقال ان 20 دولة في العالم اغلبها دول عربية تعاني فقرا شديدا في المياه، ما يدعو الى تضافر الجهود الوطنية والاقليمية والدولية لإيجاد حلول ناجعة للازمة المائية في هذه الدول، مشيرا في هذا الاطار الى اهداف المنظمة في تعزيز التعاون والشراكة والتبادل بين المانيا والدول العربية في الاعضاء في المنظمة واشاد فولف بالدور الكبير والنبيل للأردن في قضايا المنطقة وبخاصة ما يتعلق بالأزمة السورية واستقباله اللاجئين السوريين ومواصلة تقديم الخدمات اللازمة لهم.