اختُتمت مساء أمس الأربعاء 21/12 فعاليات "مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان" في دورته الـ13، التي حملت عنوان "التحولات في حقوق الإنسان"، بتوزيع جوائز ريشة كرامة للأفلام الفائزة وعرض الفيلم شد الحبل - الثوار من تنزانيا للمخرج أميل شيفجي، الذي يتحدث عن قصة حب تدور أحداثها في السنوات الأخيرة لحكم الاستعمار البريطاني لزنجبار. وتبعه عرض الفيلم الفرنسي دموع نهر السين، الذي يتحدث عن أحداث عام 1961، ونزول العمال الجزائريون إلى الشوارع للتظاهر ضد حظر التجوال الإجباري الذي فرضته سلطات الاستعمار الفرنسي. وناقش المهرجان في عروضه التحولات والانعطافات التي طرأت على مسار حقوق الإنسان في العالم، بتنظيم من جمعية المعمل 612 للأفكار.
ونال الفيلم "يوغو" لمخرجه أرلوس غوميز سالامانكا جائزة أفضل فيلم تحريكي، وهو فيلم من فرنسا- كولومبيا يتحدث عن نطاق العمر، من خلال مسار رحلة امرأة ورجل أُجبرا على مغادرة ريفهما الأصلي، في إشارة إلى حركة النزوح من الريف إلى المدينة كنتاج للموجة الاقتصادية الرأسمالية والليبرالية لأمريكا اللاتينية وعواقبها على المجتمعات المهمشة، من خلال التغييرات البيئية والمجتمعية التي تولدها.
وحاز الفيلم الكرواتي "ماركو" للمخرج ماركو شانتيتش، على جائزة ريشة كرامة لأفضل فيلم روائي قصير. ويتناول الفيلم عدم قدرة ماركو وأنكيكا من التغلب على ألمهما بعد مقتل ابنهما الوحيد خلال مرحلة حرب البلقان إثر تقسيم يوغسلافيا. وتدور أحداث الفيلم عن العلاقة مع صربي يحمل الاسم ماركو حل سائحًا في منزلهما الذي حول احدى غرفه لنزل. كما نوهت لجنة التحكيم بفيلم ( لغة "الأم" المميتة ) من الباكستان للمخرج علي سهيل جورا وهو يتحدث عن غياب ابن البطل عن المنزل في وما عانته العائلة بعد قرارات السلطات ووضع مدينة كراتشي في حالة اضطراب مستمر.
وحصل فيلم "أفلاطون الصغير" من أيرلندا، فرنسا، بلجيكا على جائزة أفضل فيلم وثائقي للمخرجين ديكلان ماكغرات ونيسا ني شينون والذي يتناول قضية مدرسة ابتدائية في حي أردوين شمال العاصمة الأيرلندية بلفاست تستحضر حكمة الفلاسفة اليونانيين القدماء لاستعادة الأمل والسلام في قلب مجتمع محطّم عقب حرب أهلية وانقسام طائفي. كما تم في هذه الجائزة التنويه لفيلم "ميت حي" من انتاج فرنسا، قطر، تونس ويتحدث عن شخص نام عند جانب القبر، ولم يغادر المقبرة أبدًا على مدى 40 عامًا، على تلال الجلاز في تونس، حيث أقام منزله، كان يراقب الموتى ويراقب الأحياء. بحثًا عن الحب والحرية. الفيلم من إخراج ليلى الشايبي.
بينما مُنحت ريشة كرامة لأفضل فيلم روائي طويل للفيلم "بوتكس" من كندا-إيران للمخرج كاوه مظاهري، وهو يتحدث عن إكرام وأزار شقيقتان تكذبان بشأن اختفاء شقيقهما بإخبار الجميع أنه هرب إلى ألمانيا. لكن مع مرور الوقت تتحول "الكذبة" إلى "حقيقة" في ذهن إكرام، فتعتقد أن شقيقها سيعود.
ونال جائزة "أنهار" لأفضل عمل سينمائي يعالج قضايا حقوقية في العالم العربي، الفيلم المغربي "أسماك حمراء" للمخرج عبد السلام الكلاعي، والذي تدور أحداثه عن قصة السيدة "حياة" التي تغادر السجن بعد أن أمضت عقوبة طويلة المدة. تعود إلى مسقط رأسها في شمال المغرب لتجد نفسها في مواجهة أخٍ يرفضها خوفاً من العار. رغبتها الوحيدة هي أن تلتقي ابنها وتحكي له حقيقة ما حصل. كما تمت الإشارة إلى فيلم "من القاهرة" للمخرجة المصرية هالة جلال والذي يتحدث عن سيدة تلاحقها القاهرة، وتخشى أن تصيبها بالشلل، فتقابل إمرأتان تعيشان حياة واحدة لكنهما تمكنتا من مواجهة مخاوفهما وخلق مساحة لأحلامهما.
وتساءلت مديرة مهرجان كرامة سوسن دروزة في كلمتها في حفل الختام: "هل خضنا فعلا في التحولات الراهنة في حقوق الإنسان؟ وما هي الانعطافات التي شهدناها من خلال الأفلام المتنوعة؟ مؤكدة أن هذه الدورة "كانت فرصة كبيرة كي نفحص معا هذه المرحلة الجديدة، و نعيد إستكشافها إعتمادا على موضوع المهرجان، التحولات والانعطافات و الطفرات".
وقال المدير الفني للمهرجان إيهاب الخطيب في كلمته: "عشنا خلال الأيام الماضية تحولات ومنعطفات من السينما بقدراتها وأدواتها المؤثرة على إحداث التغيير ، من رؤية جودار الحداثية التي حاولنا الالتحاق بلغته السينمائية العالية إلى أفلام سبرت في واقع الإنسان، عناء وعرق لقمة البقاء وشهقة الكرامة". وأضاف: "التحولات في حقوق الإنسان التي تعرضت لموجات ومستجدات تحاكي توجهات عالمية، نحن نرى الكثير منها انتقائي ولم يتحرر من النظرة الكولونية الاستعلائية"، مؤكدا أن مهرجان كرامة سيظل ملتزماً بأن يكون منصة للجميع رغم التحولات والانعطافات الحادة.
وعقدت أنهار (الشبكة العربية لأفلام حقوق الإنسان) اجتماعها السنوي في عمّان خلال أيام المهرجان، بحضور أعضائه من الأردن ولبنان وتونس واليمن وموريتانيا ومشاركة عبر الانترنت من فلسطين والمغرب. واستعرض المجتمعون نشاطات الشبكة والتطورات التي حدثت ضمن مهرجاناتهم ومشاريعهم المشتركة، كما تم الإتفاق على خطة عمل إنتاجات مشتركة وعروض تعليمية بين الأعضاء وإقامة ورشات تدريبية لتنظيم وإدارة مهرجانات لأفلام حقوق الإنسان.
وفي محاولة لتوسيع نطاق جمهور مهرجان كرامة لهذا العام أنشأت شراكة جديدة مع سينما الرينبو من خلال عروض متنوعه بعنوان "صدى الكرامة" حيث تم إعادة عرض أفلام مختارة رسميًا في جبل عمان بشكل يومي من الساعة 6 مساءً ولغاية الساعة 11 في الفترة ما بين 16-12 وتساتمر لغاية 23-12 بحضور العديد من رواد السينما الذين تابعوا العروض حيث اتيحت تذاكر الدخول من دون مقابل.
ومن بين الأفلام المعروضة في المهرجان ولاقت استحسان وتفاعل كبير من الحضور فيلم "السجناء الزرق" للمخرجة اللبنانية زينة دكاش، كما تميز فيلم "من القاهرة" للمخرجة هالة جلال من مصر بحضور مميز ونقاشات قيمة مع المخرجة. ولاقى الفيلم التشيكي للمخرج فيت كلوزاك بعنوان "لحظة واحدة إلى الأبد" حضور واسع واهتمام كبير من متابعي المهرجان. أما ندوة لازمنا اجتماع بعنوان" التحولات في الانتاج ودور العرض: السينما المستقلة تنعطف نحو المنصات الجديدة" فقد شهدت تفاعل كبير من المشاركين المختصين من مديري المنصات ومنظمي المهرجانات وصناع الأفلام والمخرجين والمنتجين من كرواتيا ولبنان وتونس والمغرب وهولندا والنرويج وفرنسا وسويسرا وموريتانيا والعراق وفلسطين والأردن.
واختتم "مهرجان كرامة " فعالياته في المركز الثقافي الملكي بعد 6 أيام من العروض السينمائية المتنوعة التي شملت 65 فيلمًا من 50 بلدًا تنوعت بين الأفلام الروائية والوثائقية والتحريكيّة العالمية والعربية والمحلية، وشهدت العروض طيلة أيام المهرجان حضوراً واسعًا من محبي السينما من مختلف الفئات العمرية وتحديدًا الشباب.