قالت جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" إن التكنولوجيا الحديثة كالإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكية أسهمت في تجاوز العديد من عقبات عدة فرضتها جائحة كورونا، التي أثبتت بأن الحياة الرقمية والالكترونية أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، لانجاز الأعمال وتنفيذ النشاطات وشراء المستلزمات المختلفة والتواصل مع الأهل والأقارب والأصدقاء، فإنتشر التعليم والعمل عن بعد، وازدادت نسب الدفع الالكتروني، وتراجعت أعداد مستخدمي الوسائل التقليدية، مما يؤشر على أن العالم ومن بينه الأردن مقدم على تغييرات جذرية في مختلف المجالات وتعتمد اعتمادا كبيرا على التكنولوجيا.
اقرأ أيضاً : تضامن: 15 جريمة قتل أسرية منذ بداية العام في الأردن
وتشير "تضامن" إلى أن التحول الرقمي أصبح ضرورة من ضروريات الحياة، لكن هل نحن جاهزون له في مواجهة مخاطره؟ بالتأكيد ليس بالصورة المأمولة وذلك لعدة أسباب من بينها سوء أو ضعف البنية التحتية التي تتيح الوصول السهل ذا الكلفة البسيطة لكل وسائل التكنولوجيا، وبسبب ضعف القدرة على استخدام التكنولوجيا خاصة للنساء وكبيرات السن تحديدا، وبسبب تزايد إنتشار أنواع مختلفة من العنف الالكتروني ضد النساء والفتيات والطفلات، ومن أكثرها شيوعا المطاردة والملاحقة الإلكترونية، والابتزاز الإلكتروني، والتحرشات الجنسية الإلكترونية، والمراقبة والتجسس على أجهزة الحاسوب، والإستخدامات غير القانونية باستخدام التكنولوجيا والإنترنت للصور ومقاطع الفيديو وتحريفها والتهديد بها، والاتجار بالبشر للاستخدامات الجنسية غير المشروعة ، وانتحال أسماء وشخصيات معروفة للإيقاع بالنساء والفتيات والطفلات خاصة في غرف الدردشة وغيرها الكثير.
وتضيف "تضامن"، في تقرير لها وصل إلى رؤيا نسخة عنه، أن مركز الإرشاد القانوني والاجتماعي والنفسي التابع لها، استقبل شكاوى عدة لنساء تعرضن للاستغلال والابتزاز الجنسي عبر الإنترنت، خاصة مواقع التواصل الاجتماعي، واستطاعت "تضامن" في أغلب الحالات تقديم الدعم القانوني والنفسي والاجتماعي المناسب، وأسهمت في الحفاظ على إستقرار الأسر وحمايتها من التفكك، وتقديم مرتكبي هذه الجرائم الى القضاء.
تمكنت "سناء" من تجاوز محنة ابتزاز الكتروني تعرضت له بتفهم وتعاون الزوج وبتدخل ودعم نفسي واجتماعي
ومن أمثلة العنف الإلكتروني ما تعرضت له سناء (اسم مستعار) وهي امرأة متعلمة وعاملة ومتزوجة ولها عدد من الأطفال، إذ نشرت صورة لها في مناسبة خاصة على برنامج واتس آب، واستغل أحد الأشخاص وجود زوجته على قائمة اتصال سناء وقام بتنزيل صورة سناء من هاتف زوجته، وأعطاها لشخص آخر على أساس أن سناء هي من قامت بإعطائه صورتها، ليواجه الأخير سناء بالأمر كونه يعرفها ويعرف أسرتها.
اقرأ أيضاً : "تضامن": 26% من الزوجات تعرضن لعنف الأزواج مقابل 1% للأزواج في 2017
راجعت "سناء" الجمعية طالبة المساعدة من هذا الابتزاز، ومتخوفة في الوقت ذاته من أن يصل الأمر الى علم زوجها وأبنائها كونها من عائلة محافظة، مشيرة الى أنها تعيش في قلق وتوتر دائميين، مما أثر على عملها وحالتها الجسدية والنفسية بسبب ترقبها المستمر لانكشاف الأمر أمام أسرتها.
وتضيف "تضامن" أنه تم تقديم الخدمات اللازمة لسناء، وتمت مقابلة الزوج الذي أبدى تفهما كبيرا، إلا أن كل منهما رفض تقديم شكوى لإدارة الجرائم الالكترونية، مكتفيا بتوبيخ الشخصين بعد مواجهتهما بالواقعة، وطلب الزوج منهما أن يتقوا الله وأن لا يكررا الأمر مع نساء آخريات حفاظا على خصوصية الناس.
لقد كان للزوج دور كبير في الحفاظ على أسرته وعائلته التي يسودها الاحترام والمحبة، فقد وقف الى جانب زوجته سناء التي لا يشك بتصرفاتها أبدا، وتجاوزا هذه المحنة التي تخللها دعم وتدخل نفسي واجتماعي من قبل "تضامن".
العنف والتحرش الإلكتروني يهددان 2.7 مليون أنثى في الأردن يستخدمن الإنترنت من بينهن مليون طفلة
وتشير "تضامن" إلى أن ما تعرضت له سناء قد تتعرض له نساء وفتيات وطفلات أخريات، ما لم تتخذ الاجراءات اللازمة، خاصة في مجال التوعية بالاستخدام الآمن للإنترنت، وقد أطلق المشروع الذي تنفذه "تضامن" حملة تحت اسم "سلامتك_في_خطوتين" تهدف الى نشر الوعي حول عملية التحقق بخطوتين على التطبيقات الخاصة بالتواصل الاجتماعي الموجودة على الأجهزة والهواتف الخلوية.
اقرأ أيضاً : تضامن: 47% من النساء في الأردن أصواتهن غير مسموعة فيما يتعلق بالعنف الأسري
وقد أظهر "مسح استخدام وانتشار الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في المنازل 2017" الصادر عن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بالتعاون مع دائرة الإحصاءات العامة، أن 98.4% من الأسر في الأردن لديها هاتف خلوي، و10.2% من الأسر لديها هاتف ثابت، و38% لديها أجهزة حاسوب، و88.8% من الأسر لديها خدمة الإنترنت، فيما أكدت 98.8% من الأسر موافقتها على حجب المواقع الإباحية.
وتشير "تضامن" إلى أن النتائج أظهرت أيضا أن أكثر طرق الاتصال بالإنترنت كانت عن طريق الهواتف الخلوية وبنسبة 97.3%، في حين كان تطبيق Whatsapp الأكثر استخداما وبنسبة 91%، تلاه Facebook وبنسبة 87.6%. وشكلت الإناث ما نسبته 47% من عدد الأفراد الذين يبلغون من العمر 5 سنوات فأكثر ويستخدمون الإنترنت، مقابل 53% من الذكور.
%65 من الأفراد في الأردن أعمارهم 5 سنوات فأكثر يستخدمون الإنترنت.. 47% منهم إناث
هذا وقد بلغت نسبة الأفراد مستخدمي الإنترنت وأعمارهم 5 سنوات فأكثر نحو 65%، شكل الذكور 53% والإناث 47%، علما بأن 61% من الأفراد يستخدمون الإنترنت بواسطة الهواتف الذكية و33% بواسطة الكمبيوتر و3.7% بواسطة أجهزة التابلت.
وبتحويل النسب إلى أرقام حسب عدد السكان لعام 2017 البالغ 10.053 ملايين نسمة، فإن عدد الذين يبلغون من العمر 5 سنوات فأكثر 8.9 ملايين نسمة من بينهم 4.168 ملايين أنثى. ومن بين هؤلاء فإن عدد الذين يستخدمون الإنترنت 5.8 ملايين نسمة منهم 2.7 مليون أنثى.
وبلغت أعداد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5-18 عاما 3.3 ملايين طفل من بينهم 1.6 مليون طفلة، في حين بلغ عدد الأطفال الذين يستخدمون الإنترنت 2.1 مليون طفل من بينهم مليون طفلة.
%81 من أفراد عينة دراسة "ظاهرة التحرش في الأردن" تعرضوا للتحرش الإلكتروني
ومن جهة أخرى ذات علاقة، بينت نتائج دراسة "ظاهرة التحرش في الأردن" لعام 2017 بأن 8 أفراد من كل 10 ضمن العينة (80.8% منهم ذكورا وإناثا) تعرضوا لواحد أو أكثر من أفعال وسلوكيات التحرش الالكتروني.
وتضمنت الأفعال والسلوكيات المتعلقة بالتحرش الالكتروني: تلقي مكالمات خلوية متكررة وغير مرغوب فيها، واستلام رسائل نصية غير لائقة أو صور فاضحة أو جنسية، واستغلال الصور الشخصية والتهديد فيها، وعرض القيام بأفعال فاضحة أو ذات طابع جنسي بالإبتزاز الكترونيا أو على أرض الواقع، والملاحقة والتتبع من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف الذكية، وكتابة تعليقات فاضحة أو ذات طابع جنسي على الحسابات الالكترونية، واختراق الخصوصية أو الحسابات الالكترونية أو البريد الالكتروني، وطلب القيام بأفعال ذات طابع جنسي أمام كاميرا الهاتف أو الكمبيوتر.
تدعو "تضامن" إلى رفع وعي النساء والفتيات والأطفال تكنولوجيا وتجويد التشريعات والسياسات
وتؤكد "تضامن" أن مواجهة هذه الأنواع من الجرائم الإلكترونية يصطدم مع حقيقة أن أغلب النساء والفتيات اللاتي يتعرضن لها ويقعن ضحايا لأشكالها المختلفة، لا يملكن الأدوات والمعرفة للخطوات الواجب اتباعها لمواجهة هذه الاعتداءات الإلكترونية ووقفها وملاحقة مرتكبيها من جهة، وأن التشريعات لمواجهة جرائم كهذه قد تكون قاصرة في حمايتهن من الأشكال الجديدة للعنف الذي تتعرضن له، ولذا تبرز الحاجة الى التصدي لهذه الانتهاكات من خلال البرامج والسياسات والتشريعات التي من شأنها التوعية بخطورتها وكيفية مواجهتها للأفراد والأسر على حد سواء، وإنهاء سياسة إفلات مرتكبيها من العقاب وتعويض الضحايا/الناجيات.