قبل يومين فاجأ سيف الإسلام القذافي العديد من الليبيين، وغيرهم حول العالم بظهوره علنا في سبها، ليعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية في البلاد.
وظهر سليل النظام السابق، العمر 49 عاما، بزي بني "تقليدي" مذكرا الملايين بآخر خطاب ألقاه والده العقيد معمر القذافي، قبل أكثر من 10 سنوات، متوعدا ومهددا بطريقة غير مباشرة، عبر استعانته بآية قرآنية.
إلا أن محللين أكدوا أن نجل القذافي الذي لم يشاهد علنا لنحو 10 سنوات، تعمد استغلال حنين البعض من أهل الشرق الليبي لما قبل انتفاضة 2011، بحسب ما أفادت وكالة رويترز.
كما أن سيف الإسلام نفسه ألمح سابقا لاستراتيجيته في التعامل مع "الجماهير" في مقابلته الشهيرة مع صحيفة نيويورك تايمز في يوليو الماضي . فهو تعمد وتقصد يومها لف صورته بحالة من الغموض، لذا لم يسمح للصحفي الذي قابله حينها في مدينة الزنتان بأخذ صورة واضحة له، وأصر على تغطية جزء من وجهه بغطاء.
وفي تبرير لموقفه هذا، قال حينها، أريد أن يعرف الناس بأنني ظهرت فعلا، فيقولون "هذا هو الرجل ، لكنه غير واضح مثل الخيال أو الروح". وتابع "أريدهم أن يقولوا إنه ليس مريضا، بل قويا، لكنه غامض".
كما أضاف "لقد ابتعدت عن الشعب الليبي لمدة 10 سنوات، لذا يجب العودة ببطء وتشويق". ولعل أقوى ما قاله ضاحكاً، وبشيء من "التآمر" "أنت بحاجة إلى اللعب بعقولهم قليلاً."
إذا تعمد نجل العقيد الراحل عدم الإطالة في ظهوره، كما تعمد تماما عدم إلقاء كلمة مطولة أو إجراء مؤتمر صحفي.
رغم هذا التكتيك، والشعبية التي لا يزال يتمتع بها بين أنصار النظام السابق، يرى بعض المحللين بحسب رويترز، أن الرجل البارز في البلاد رغم تواريه لسنوات، قد لا يكون في صدارة السباق الانتخابي، لاسيما بعد أن طلبت النيابة العسكرية تعليق ترشحه، بالإضافة إلى قائد الجيش الوطني خليفة حفتر، إلى حين امتثالهما للتحقيق.
الملف القانوني حاضر!
فإلى جانب اعتراض عدد من المجموعات المسلحة والقبائل غرب البلاد على ترشحه هذا، لا يزال الملف القانوني وملاحقته من قبل المحكمة الجنائية الدولية، جاسما أمامه، على الرغم من إعلان مفوضية الانتخابات استكمال سيف الإسلام "المسوغات القانونية" لعملية تقديم ترشيحه رسمياً.
يذكر أن مجموعة مسلحة كانت ألقت القبض على سيف الإسلام، نهاية العام 2011، ثم نقل إلى مدينة الزنتان غرب البلاد، حيث قُدّم للمحاكمة أمام القضاء الليبي.
ثم عام 2015 صدر حكم بـ"الإعدام" في حقّه، رمياً بالرصاص، لتورطه بارتكاب جرائم حرب لقمع الانتفاضة التي أطاحت بنظام والده
لكن هذا الحكم لم ينفذ. لتعلن المجموعة المسلحة التي كان محتجزاً لديها، في 2017، إطلاق سراحه وفقا لقانون "العفو العام" المثير للجدل الذي أصدره البرلمان حينها.
إلا أن إطلاق سراحه لم يخضع لإجراءات قضائية حددها قانون العفو العام، إذ لم تصدر وزارة العدل أو المحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية) أي قرارات رسمية ترفع عنه الأحكام الصادرة بحقه، كما لا تزال مذكرة "التوقيف" الدولية الصادرة بحقه "سارية" حتى الآن.
وأكدت المحكمة الجنائية الدولية الأحد أن مذكرة التوقيف بشأنه لا تزال سارية المفعول. وقال متحدث باسم المحكمة فادي عبد الله "وضعية سيف الإسلام القذافي في المحكمة لا تزال كما هي، فهو مطلوب وفقاً للمذكرة التي صدرت عام 2011"، بحسب ما نقلت وكالة فرانس برس.
لكل تلك الأسباب، يرى العديد من المراقبين أن تقديم نجل العقيد ترشحه للانتخابات الرئاسية، سوف يزيد من "هشاشة" العملية الانتخابية برمتها!