أطلق المركز الوطني لحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء تقريره السنوي السابع عشر حول حالة حقوق الإنسان في المملكة لعام 2020، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقده بمقر المركز رئيس مجلس الأمناء الدكتور رحيل الغرايبة، والمفوض العام علاء الدين العرموطي.
وجرى خلال المؤتمر استعراض أبرز محتويات التقرير الذي ارتكز في منهجيته على رصد السياسات والتشريعات والممارسات من منظور حقوقي يستند إلى الدستور الأردني والمعايير الدولية الناظمة لحقوق الإنسان، ليكون بذلك أحد الأدوات الوطنية للتقويم الحقوقي .
وتضمن التقرير ثلاثة محاور أساسية، وهي محور الحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحقوق الفئات الأكثر حاجة للحماية، بالإضافة إلى ملحقٍ خاصٍ يتضمن إحصائية بعدد الشكاوى التي استقبلها المركز خلال العام 2020، موزعة تبعا للحق محل الانتهاك، كما تضمن التقرير توصيات تأسيسية وتفصيلية.
وتحت محور الحقوق المدنية والسياسية، أورد التقرير عدد الشكاوى التي استقبلها المركز خلال عام 2020 حيث بلغ (310) شكاوى.
أما قضايا سوء المعاملة المرتكبة بحق نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل فقد بلغت (42) قضية، وبلغ عدد الشكاوى التي تلقاها المركز من المواطنين عام 2020 (37) شكوى تتضمن الادعاء بالتعرض للتعذيب وسوء المعاملة على أيدي موظفي إنفاذ القانون مقارنة بـ (98) شكوى خلال العام 2019.
وحول التوقيف الإداري، لم يطرأ خلال العام 2020 أي تعديلاتٍ على قانون منع الجرائم رقم (7) لسنة 1954 وتعديلاته رغم توصيات المركز المتكررة لجهة ضرورة إلغاء هذا القانون الذي يشكل مخالفة جوهرية للمبادئ والمعايير الدستورية، وقد بلغ عدد الموقوفين إداريّاً خلال العام 2020 نحو (21.322) موقوفاً، مقارنة بـــــــ(37.853) موقوفاً خلال العام 2019.
ومن ناحية أخرى بلغ العدد الفعلي للنزلاء الموجودين في مراكزالإصلاح (17708) نزيلاً، في حين أنّ الطاقة الاستيعابيّة لهذه المراكز هي (13352) نزيلاً. وبذلك يكون الاكتظاظ في مراكز الإصلاح والتأهيل تجاوز نسبة (33%) تقريبا، مما يؤثر سلبا على أوضاع النزلاء وحقوقهم في كافة المجالات.
وحول الحق في الانتخاب والترشح لم يشهد عام 2020 أيّ تعديلاتٍ على قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم (6) لسنة 2016 وتعديلاته، ويؤكد المركز على ضرورة إجراء التعديلات اللازمة للقانون المذكور.
وفي محور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، استقبل المركز خلال عام 2020 نحو (89) شكوى ذات علاقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الموزعة بين (7) حقوق رئيسة، وهي: الحق في التنمية، الحق في مستوى معيشي لائق، الحق في العمل، الحق في التعليم، الحق في الصحة، الحق في بيئة سليمة، والحقوق الثقافيّة.
وقد رصد التقرير الارتفاع المضطرد في نسب الفقر، إذ بلغت نسبة الفقر المطلق نحو (15,7%) وتمثّل (1,069) مليون مواطن أردني، وبلغت نسبة البطالة نحو (24.7%) خلال الربع الرابع من عام 2020، مما ينم عن عدم نجاعة الإجراءات الحكومية في التصدي لهاتين الظاهرتين على الرغم من تنفيذ العديد من المبادرات والسياسات على المستوى الوطني وبدعم دولي في سبيل التصدي لذلك، وعلى رأسها المنح والمساعدات المقدمة من المجتمع الدولي.
وعلى صعيدٍ آخر، فقد رصد المركز أثر جائحة كورونا على الحق في مستوى معيشي لائق، حيث انعكست سلبا على تمتع المواطنين بهذا الحق وخلقت أزمة ثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وتمثل ذلك في عدة أمور، أبرزها تحميل المواطنين أعباء إضافية على أعبائهم المعيشية جراء ارتفاع أسعار العديد من السلع والخدمات وارتفاع الضرائب والرسوم المفروضة عليهم، والتعثر المالي لعدد كبير من المواطنين والشركات في الأردن، بسبب تداعيات جائحة كورونا وعجز مدينين عن تسديد التزاماتهم المالية للبنوك ومؤسسات التمويل وغيره؛ نتيجة إغلاق العديد من القطاعات الإنتاجية جراء الإجراءات الحكومية لمواجهة هذه الجائحة على الرغم من الإجراءات المتخذة لتخفيف آثارها على المواطنين.
كما تراجعت الصادرات والنمو الاقتصادي وارتفعت نسبة التضخم، بالتوازي مع استمرار ارتفاع نسب الفقر والبطالة، وتراجعت الإيرادات المحلية التي سجلت انخفاضاً خلال الثمانية شهور الأولى من عام 2020 حيث بلغت نحو (602,7) مليون دينار.
أما بالنسبة للحق في التعليم، وفي ظل انقطاع الطلبة عن التعليم الوجاهي واللجوء إلى التعليم عن بعد، كبديل مؤقت استجابة لمتطلبات مواجهة فيروس كورونا، فقد أصدر المركز بيانا بهذا الصدد بتاريخ 2/11/2020 دعا فيه الحكومة إلى إعادة تقييم القرار الصادر بانتهاج سياسة التعليم عن بعد، والبحث عن خيارات بديلة، كالتعليم المدمج الذي يجمع بين التعليم عن بعد وبين الوصول الى المدارس، مع التأكيد على حل الإشكاليات المتعلقة بمدى قدرة الطلبة جميعاً على التعامل مع هذا النوع من التعليم، وفي حال تعذر ذلك، فإنه لا مناص من إعادة فتح المدارس أمام الطلبة وفق اشتراطات صحية صارمة مع مراعاة المصلحة الفضلى للطلبة.
ويؤكّد المركز على ضرورة تعويض الفاقد التعليمي لدى الطلبة، وإيجاد نظام واضح وثابت ومحدد لسد الفجوة التي أحدثها غياب التعليم الوجاهي؛ على أن يراعي مثل هذا النظام قياس الفاقد التعليمي لدى الطلبة وشموليته للمواد الأساسية في كافة المراحل التعليمية، وتحليل المحتوى التعليمي لمرحلة التعليم عن بعد، وخصوصاً في ظل السياسة التعليمية والمستقرة غير الثابتة للصفوف الأولى ورياض الأطفال وطلبة الثانوية العامة، وذلك لضمان إكساب الطلبة المهارات والمعارف الأساسية لغايات معالجة مواطن الضعف والقصور لديهم.
وضمن الحق في الصحة، ذكر التقرير انه جرى توجيه جميع أشكال الرعاية الصحية نحو مجابهة فيروس كورونا على حساب الرعاية الصحية الأخرى للمواطنين، فضلا عن قلة عدد الأسرة في أقسام العناية الحثيثة (ICU) والطوارئ، ونقص أجهزة التنفس الصناعي الضرورية للحالات الحرجة المصابة بفيروس كورونا خاصة لكبار السن، ونقص عدد الفرق الطبية المؤهلة للتعامل مع مثل هذه الأوبئة الأمر الذي أدى إلى استنزاف طاقات الكوادر الطبية العاملة.
وتحت محور الفئات الأكثر حاجة للحماية، أورد التقرير أن المركز استقبل المركز خلال عام 2020م (34) شكوى ذات علاقة بمحور الفئات الأكثر حاجةٍ للحماية الموزعة بين (4) فئات رئيسة، وهي: حقوق المرأة، حقوق الطفل، حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، حقوق كبار السن.
ففي حقوق المرأة ورغم مصادقة الحكومة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ونشرها في الجريدة الرسمية بتاريخ 1/8/2007م إلا أن الأردن ما زال متحفظا على المواد (9/2، 16/ج، د، ز) من الاتفاقية. أما في المشاركة السياسية، فقد تراجعت نسبة مشاركة المرأة في مجلس الوزراء حيث بلغ عدد النساء في المجلس (3) من أصل (32) وزيراً بما فيهم الرئيس أي ما نسبته (9%)، وتراجعت نسبة مشاركة المرأة في مجلس الأعيان لعام 2020، حيث بلغ عدد النساء في مجلس الأعيان (7) نساء من أصل (65) عضواً.
وشهد عام 2020م استحداث مبدأ قضائي تقدمي يتلخص بإدانة محكمة الجنايات الكبرى شاب بالحبس ثلاث سنوات لارتكابه جريمة هتك عرض لفتاة قاصر (عن بعد) وأيدته محكمة التمييز. ويرى المركز أن مثل هذا المبدأ سيساهم في توسيع نطاق الحماية الجزائية للمرأة على وجه الخصوص، ومجابهة أنماط الجرائم المستحدثة في ضوء تطور وسائل ارتكاب الجريمة عبر الوسائل الإلكترونية.
وحول حقوق الطفل أكد التقرير على ضرورة الإسراع في إقرار قانون حقوق الطفل الذي ما يزال لدى اللجنة القانونية في رئاسة الوزراء.
وحول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة شهد عام 2020 تطورا حول السياسات الداعمة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، منها: صدور قرار مجلس الوزراء المتضمن توجيها بتنفيذ الالتزامات الواردة في قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم (20) لعام 2017م.