أكد خبراء من كل من قطاع الرعاية الصحية والتعليم والاتصالات على أن وباء كورونا شكل حافزًا لتسريع تبني التقنيات المتقدمة في هذه القطاعات لتستطيع الاستمرار في تقديم خدماتها عبر المنصات الرقمية.
وجاء ذلك خلال مشاركتهم في جلسة تناولت "تفاعل كل من قطاع الرعاية الصحية والتعليم والاتصالات مع أزمة وباء كورونا" خلال فعاليات اليوم الثاني من المؤتمر الافتراضي للقمة العالمية للصناعة والتصنيع.
وأشارت أولغا غولوديتس، نائبة رئيس المجلس التنفيذي في مصرف سبيربنك، ونائبة رئيس الوزراء الروسي السابق، إلى أن التقنيات الجديدة مثل منصات التطبيب عن بعد وأجهزة المراقبة عن بعد والذكاء الاصطناعي قد احتلت موقع إلى الصدارة خلال الوباء، وأتاحت الرعاية الصحية عالية المستوى لمجموعة واسعة من المرضى ووفرت المعرفة الجديدة للأطباء.
وقد ارتفع الطلب على منصات التطبيب عن بعد خلال انتشار الوباء، ليصل إلى 60 ضعفًا في الولايات المتحدة، حيث كان الناس مترددين في مغادرة منازلهم لزيارة الطبيب.
اقرأ أيضاً : العراق يسجل رقما قياسيا في إصابات كورونا والمستشفيات على وشك الانهيار
وقام مختبر الذكاء الاصطناعي في مصرف سبيربنك بتطوير نموذج سريع لتشخيص فيروس كورونا باستخدام الأشعة المقطعية، والذي يستخدمه الأطباء على نطاق واسع في جميع أنحاء روسيا.
وقالت غولوديتس: "يوجد اليوم المئات من نماذج الذكاء الاصطناعي حول العالم التي تساعد الأطباء على تشخيص مرضاهم. وتستعرض برامج الذكاء الاصطناعي العديد من الحالات لتكوين معرفة أكثر دقة حول الأمراض ومسارها وعلاجها المقترح."
وأكدت غولوديتس على أنه وبالرغم من تجاوز المرحلة الحادة لانتشار الوباء، إلا أن الطلب على التقنيات الجديدة سيستمر، وأن تجربة الوباء قد سرعت من تطبيق حلول رعاية صحية جديدة في كل مجالات الرعاية الصحية مثل التعليم الطبي، والاستشارات الطبية، والتمريض وخدمات دعم المرضى.
وقالت: "يشهد قطاع الرعاية الصحية تغيرًا كبيرًا بعد الوباء. فقد تمثلت المهمة الرئيسية لقطاع الرعاية الصحية في الماضي في علاج المرضى فحسب. أما بعد الوباء، فقد تحولت للتركيز على الحفاظ على صحة الإنسان والوقاية من المرض.
وتساعد التقنيات الجديدة في اختيار النهج الصحيح للرعاية الوقائية. حيث بدأ الناس في استخدام تطبيقات وبرامج خاصة لتتبع صحتهم على أساس يومي، وأصبحت وظيفة الأطباء مساعدتهم بأكثر الطرق فعالية وكفاءة ".
وناقش حسين بن إبراهيم الحمادي، وزير التربية والتعليم في دولة الإمارات، وإدوارد زو، نائب الرئيس للشؤون العامة العالمية في شركة هواوي، تأثير الوباء على قطاعي التعليم والاتصالات.
وأشار معاليه أن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت مستعدة بشكل جيد للتحول إلى منصات التعلم عن بعد في مرحلة انتشار الوباء لأنها أطلقت في العام 2012 مبادرة محمد بن راشد للتعلم الذكي. وقد سمحت الخبرات المكتسبة التي طورتها الدولة منذ إطلاق المبادرة للوزارة بتطوير نسختين من المناهج الدراسية، نسخة مخصصة للفصول الدراسية والأخرى للتعلم عن بعد.
وقال: "لقد استثمرنا منذ وقت طويل في كل متطلبات البنية التحتية التي مكنتنا من ضمان توفير خدمات التعليم وفق أعلى المعايير العالمية وفي كافة الظروف. وقد استطعنا بناء أفضل منصة تعليمية تتسم بالذكاء والمرونة وتفي بالمتطلبات الحديثة.
كما زودنا المعلمين والطلاب بالأجهزة المناسبة التي تمكنهم من الدخول إلى الشبكة وتوفر لهم الإمكانيات لاستخدام التطبيقات والبرامج المتقدمة التي تم تضمينها في نظام التعليم الأساسي ".
وأشار الحمادي إلى أن التحول السريع إلى التعلم عن بعد على نطاق غير مسبوق لا يزال يخلق تحديات تقنية ولوجستية ضخمة لنظام التعليم. ولذلك، قامت وزارة التربية والتعليم بإنشاء مركز عمليات عبر الأقمار الصناعية لتلبية الطلب على منصات التعليم عن بعد والتواصل عبرها مع أولياء الأمور والطلاب.
وقال معاليه: "لدينا أكثر من 1.2 مليون طالب في التعليم العام وكان علينا الانتقال بهم بشكل كامل وفي غضون أسبوعين فقط إلى منصة التعلم عن بعد. ولنحقق هذا الانتقال بنجاح كان علينا زيادة سرعة الإنترنت بنسبة 100% تقريبًا ".
وسلط زو الضوء على الدور الذي لعبته الاتصالات السلكية واللاسلكية في الحفاظ على نشاط الاقتصادات العالمية خلال الوباء، لكنه شدد على التأثير الكبير للوباء على المجتمعات التي لا تزال غير قادرة على الاتصال بشبكة الإنترنت.
وقال زو: "لقد ساهم قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل كبير في استرجاع النشاطات الاقتصادية والاجتماعية بعد الوباء، ولكن لا تزال هناك العديد من الفجوات والتحديات التي يتوجب علينا التعامل معها.
وقد شهدنا، على مدى الثلاثين عامًا الماضية، قفزة كبيرة في تطوير تقنيات المعلومات، والاتصالات المتنقلة، والإنترنت، وكذلك اتصالات النطاق العريض عالي السرعة، مما أدى إلى تحسين حياتنا وعملنا واقتصاداتنا.
ومع ذلك، فإن الوباء كان بمثابة تذكير لنا بأننا لم نقم بكل ما يلزم علينا فعله، وأن الأسس الحالية التي يقوم عليها الاقتصاد العالمي ليست قوية كما نعتقد. ووفقًا للاتحاد الدولي للاتصالات، ما زال أقل من نصف سكان العالم لا يمتلكون اتصالًا بشبكة الإنترنت، ولا يمكنهم الوصول إلى التقنيات الرقمية. ولم يتمكن الأطفال في المناطق النائية من الانضمام إلى الفصول الدراسية عبر الإنترنت أثناء الوباء ".
وأشار زو إلى إن الاستثمار في البنية التحتية على المستوى الحكومي جزء أساسي من الحل، والذي يجب أن يكون مصحوبًا بسياسات ضريبية تصاعدية تحفز استثمار الشركات. وستساعد زيادة الاستثمار في دعم التحول الرقمي في الشركات، والذي أصبح أولوية ملحة في ضوء الوباء. وسيتعين على الحكومات النظر إلى معدات الشبكة على أنها بنية تحتية مهمة من شأنها أن تسمح لنا بتشغيل الشبكة وصيانة المعدات خلال وقت الأزمة.
ودعا زو إلى اعتماد معايير عالمية موحدة للتقنيات للمساعدة في خفض التكاليف وتمكين نشر التكنولوجيا والاتصال إلى جمهور أوسع بكثير. وقال: "إن وجود معايير مختلفة يزيد بشكل كبير من تكلفة خدمات القطاع بأكمله، مما يمثل تحديًا كبيرًا لقطاع الاتصالات.
ونشجع كافة شركات الاتصالات على العمل معًا وبالتعاون مع القطاع العام لتبني معايير موحدة لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ولا شك أن استخدام وتوظيف التقنيات ينتشر عبر الحدود، وبالتالي فإن المعايير الموحدة ستعود بالنفع على المستخدمين بغض النظر عن المكان الذي يعيشون فيه، حيث أن التقنيات المبتكرة والابتكارات ملك للجميع وليست حكرًا على دول أو أفراد معينين."
وعقدت الدورة الثالثة الافتراضية للقمة العالمية للصناعة والتصنيع، المبادرة المشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)، يومي 4 و5 سبتمبر 2020، تحت عنوان "العولمة المحلية: نحو سلاسل قيمة عالمية أكثر استدامة وشمولية"، وبمشاركة حوالي 100 متحدث من قادة القطاع الصناعي من القطاعين العام والخاص، والذين يشاركون في أكثر من 20 جلسة افتراضية لمناقشة دور توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في بناء سلاسل قيمة عالمية أكثر مرونة والمساهمة في تحقيق التعافي والازدهار في مرحلة ما بعد الوباء.
بالإضافة إلى 4 مجموعات عمل تتناول دور المرأة في القطاع الصناعي، ومؤشرات الأداء الصناعي التي تقوم بقياس أداء الشركات والحكومات بناءً على التزامها بالبيئة والمسؤولية الاجتماعية والحوكمة، والقيادات المستقبلية للقطاع الصناعي، والسلامة الصناعية والأمن.