أقر البرلمان اللبناني في جلسة تشريعية قانون زراعة القنب الهندي (الحشيش) لأغراض طبية. وسيسمح هذا القانون بتشريع هذه الزراعة المحصورة تاريخياً وجغرافياً في شمال سهل البقاع شرق البلاد.
فقد اشتهرت منطقة بعلبك–الهرمل بهذه الزراعة لطبيعتها ومناخها وتربتها منذ أواسط العام 1920 بشكل مضطرد.
وعجزت الدولة منذ الاستقلال عام 1943 عن قمع ومنع هذه الزراعة التي وصلت إلى أوجها مع بدايات الحرب الأهلية سنة 1975 إلى أن تراجعت المساحات المزروعة بالحشيش منذ 1990 دون أن تنجح السلطات -رغم الدعم الدولي لها- في منع هذه الزراعة نهائياً وإيجاد زراعات بديلة تسهم في توفير مردود مالي يضاهي مردود إنتاج الحشيش المخدر وبيعه بالسوق المحلية أو تصديره إلى الخارج بطرق غير نظامية لا سيما إلى الأسواق الأوروبية.
قانون غير واقعي
يقول المراسل الصحفي في منطقة البقاع إبراهيم الشوباصي للجزيرة نت إن مردود الدونم الواحد من الحشيش كان يبلغ سنوياً حوالي سبعة آلاف دولار قبل نحو سنتين، وإنه تراجع نسبياً في الوقت الراهن.
ويوضح أن التقديرات الأولية كانت تشير إلى أن زراعة الحشيش المخدر تعطي ما يقدر بحوالي 125 مليون دولار سنوياً و"هذا مبلغ كبير ومهم بالنسبة إلى منطقة زراعية نائية تعاني من حرمان في أبسط الخدمات وغياب شبه كلي للبنى التحتية".
ويلفت المراسل الصحفي إلى أن الحرب السورية أسهمت في تصريف إنتاج حشيشة البقاع الشمالي بعد أن تراجعت عمليات التهريب عبر المرافئ غير الشرعية إلى دول أوروبية.
ويرى أن إقرار البرلمان زراعة الحشيش لأغراض طبية "لن يعطي المردود المأمول منه، سيما وأن القانون لحظ ضوابط متعددة لهذه الزراعة وتفاصيل تقنية تسهم في الحد من إقبال المزارعين على زرع الحشيش بطرق نظامية ووفق القانون الجديد". ويوضح أن القانون "قيد هذه الزراعة واشترط أن تكون النبتة التي ستزرع غير مخدرة، وبالتالي فإن المردود المالي لن يكون وفق آمال المزارعين، وأن ما يحكى عن مليار دولار رقم مبالغ فيه ووهمي".
اقرأ أيضاً : وصفت بـ"حفلة تدويخ".. برلمان لبنان يقرّ زراعة "الحشيش"
وأشار إلى أن القانون "ليس سوى حصيلة مزايدات سياسية محلية ضيقة، وهدفه القول للمزارعين إن الدولة أنصفتهم بعد أن أخفقت في إيجاد زراعات بديلة".
وأعرب المراسل الصحفي في منطقة البقاع عن اعتقاده بأن زراعة الحشيش المخدر ستبقى قائمة "ولن يلتزم المزارعون بالقانون".
مليار دولار سنوياً؟
كان مشروع قانون زراعة الحشيش للاستخدام الطبي -والذي عارضته كتلة نواب حزب الله في البرلمان لأنه "لم يقدم جدوى اقتصادية واقعية"- قد خضع لنقاش مستفيض على مدى سنوات من قبل اللجان النيابية التي استعانت بخبراء واختصاصيين في المجال الزراعي.
وخلصت هذه النقاشات والدراسات إلى أن ما يجري زراعته حالياً بطرق غير شرعية للقنب الهندي، مختلف عما حدده القانون المستحدث، كما يقول أحد النواب المشاركين في إعداده، فضل عدم الإفصاح عن اسمه.
ويضيف النائب للجزيرة نت أن ما تحدث عنه القانون هو عن نبات غير مخدر وليس لـ "الكيف".
ويوضح أن هناك عدة أنواع من هذه النبتة، و"ما شرعناه هو زراعة نوع لا يوجد فيه مخدرات" مشيراً إلى أن اللجنة النيابية التي كانت مخولة بدراسة مشروع القانون استمعت إلى عدد كبير من الخبراء والأطباء وفي علم الصيدلة والاختصاصيين بصناعة الأدوية، إضافة إلى مؤسسات دولية وجمعيات مختصة بالإدمان.
ويقول النائب كذلك إنه إذا ما تمت زراعة القنب وتأصيله بشكل جيد، فستكون هناك إفادة منه لصناعة الأدوية و"هذا ما نأمل أن يحصل بعدما أقر البرلمان القانون".
فالقانون -حسب النائب- شرع زراعة الحشيشة للاستخدام الطبي حصراً، وليس على صعيد تدخينها وترويجها.
وأكد أن هذه الزراعة وبعد تشريعها من المقدر أن تدر سنوياً نحو مليار دولار، لافتا إلى أن لبنان يتميز عن غيره من البلدان التي تزرع هذه النبتة من ناحية مناخه ونوع التربة والكلفة التي تبلغ أقل من كلفتها في دول أخرى.
وحول هواجس البعض من تشريع زراعة الحشيش، يقول النائب إن القانون سيسمح بزراعة نبتة تحتوي على ما نسبة ضئيلة جداً من المخدر، وبالتالي لا يمكن استخدامها إلا لدواع طبية.