رُفعت أقلام الطلبة عن كراريسهم لكن الصحف لم تجف منذ أن بدأت بوادر أزمة علاوة المعلمين تلوح في أفق الوطن، واليوم نحن أمام أزمة اجتماعية قوامها المعلم والطالب وولي الأمر، لكنها لم تبتعد عن الأزمتين الرئيسيتين في الوطن، الاقتصادية والتي ترتبط بتوفير العلاوة التي يطالب بها المعلم، والسياسية خاصة تلك المتعلقة بأزمة الثقة المتوارثة بين الحكومة والمواطن، لكن ما يزيد الطين بلّة والمر مرارة قلة الخبرة السياسية وانعدام أسس التفاوض بين النخبتين، المعلم والحكومة.
منذ بداية الأزمة والحال بين شد وجذب، فمع محاولة المعلمين الاعتصام على الدوار الرابع، بدأت أجواء الاحتقان والتوتر تظهر، لتلعب النقابة كرد فعل أقوى أوراقها للضغط على الحكومة وذلك عبر الإضراب المفتوح عن العمل حتى تحقيق مطلبها، ليتساءل المتابع ماذا تركت لمواصلة الضغط على حكومة تقول إنها لا تستطيع أن تعطي ما لا تملك، لتبدو مفلسة شكلاً ومضموناً.
الحكومة التي ترنحت بين خيارات عدة منها تقديم أرقام وجدها المعلم متواضعة بدت مرتبكة في تعاطيها مع الأزمة عبر مؤتمرات التكرار الصحفية والخطاب الذي لا تستسيغه عادة أذن المواطن ودعوات أدواتها لإعادة العام الدراسي إلى مجراه، أما نقابة المعلمين فكان بإمكانها تحقيق إنجاز عبر استرداد بعض الدنانير التي يرفد بها المواطن الخزينة من الضرائب والرسوم مع اشتراط إبقاء الحوار مفتوحاً لتحقيق مطلبها بالكامل وتفعيل أدوات الضغط على الحكومة عند الحاجة.
بين محاولات الحكومة لإعادة الاستقرار إلى العام الدراسي - الذي بات منقوصاً - قسراً، وبين إصرار نقابة المعلمين على مطلبها، لا تزال أزمة العلاوة اليوم في ذروتها، تَغلبُ عليها صفة المعركة، ساحتها المدرسة وسلاحها الطالب وطرفاها حكومة تفتقر للخبرة السياسية ونقابة بحاجة إلى تعلم أسس التفاوض.