دعا الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكري الحاكم في السودان قادة الحركة الاحتجاجية إلى مفاوضات غير مشروطة، في وقت لا يزال التوتر سائدا بعدما خلّف فض اعتصام في الخرطوم عشرات القتلى.
وفي الثالث من حزيران هاجم مسلحون يرتدون الزي العسكري اعتصاما أمام القيادة العامة للقوات المسلحة في العاصمة السودانية مطلقين النار ومنهالين بالضرب على المعتصمين ما خلف عشرات القتلى.
وجاءت عملية فض الاعتصام إثر انهيار مفاوضات سابقة بين المجلس العسكري الحاكم وقادة الحركة الاحتجاجية لعدم توصّل الجانبين إلى اتفاق حول الشخصية التي ستقود هيئة الحكم الجديدة. ويطالب المجلس العسكري بشخصية عسكرية في حين تطالب الحركة الاحتجاجية بشخصية مدنية.
وأطاح الجيش في 11 نيسان الرئيس السابق عمر البشير الذي وصل إلى الحكم على إثر انقلاب عام 1989، وأوقفه عقب حركة احتجاج غير مسبوقة بدأت في كانون الأول/ديسمبر بسبب ارتفاع سعر الخبز ثلاثة أضعاف قبل أن تتحول لتظاهرات ضد حكم البشير.
لكن القادة العسكريين شكلوا مجلسا عسكريا تولى الحكم ورفضوا تلبية مطالب المحتجين بتسليم السلطة للمدنيين.
والأربعاء نقل تلفزيون السودان عن البرهان وهو يتحدث لمجموعة من العاملين في الحقل الصحي "دعوتنا إلى إخوتنا في كل القوى السياسية والحرية والتغيير تعالوا إلى المفاوضات دون أن نضع شروطا مسبقة".
وجدد البرهان الاعتراف بان تحالف الحرية والتغيير هو الذي قاد الاحتجاجات التي بدأت في كانون الاول الماضي وحتى إطاحة الجيش البشير في الحادي عشر من نيسان.
وقال إن "الحرية والتغيير هي المبتدرة للحراك ونحن لا ننكر دورها في الثورة وقيادتهم للجماهير، لا ننكر ذلك عليهم".
وأشار البرهان إلى مخاوف من حدوث انقلاب عسكري وقال إن "ظروف البلاد لا تسمح أن تمضي دون حكومة حتى لا يظهر انقلاب جديد. تعالوا اليوم قبل الغد".
وقال إن "البلاد حاليا دون حكومة ولمدة ثلاثة أشهر وهذا يمهد لتدخل المخابرات الخارجية والسفارات".
- البرهان يدافع عن قوات الدعم السريع -
والأسبوع الماضي أعلن الفريق أول شمس الدين كباشي للصحافيين أنه تم التخطيط لـ"أكثر من انقلاب" أحبطت جميعا، وهناك "ضباط من مجموعتين مختلفتين الآن قيد الإيقاف".
وبعد تصاعد التوتر بين الجانبين إثر عملية فض الاعتصام في 3 حزيران/يونيو قاد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد وساطة وافق على أثرها قادة الحركة الاحتجاجية على استئناف المفاوضات مع المجلس العسكري إنما بشروط.
وقال محمد ناجي الأصم، أحد قادة التحالف، لقد "قبلنا بالوساطة الاثيوبية... وضعنا عدد من الاشتراطات قبل استئناف التفاوض، منها وأهمها الالتزام بما تم الاتفاق عليه سابقا بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي مع عدد آخر من الشروط منها تكوين لجنة تحقيق مستقلة باشراف دولي او إقليمي".
ويطالب قادة الحركة الاحتجاجية بإعادة خدمة الإنترنت التي قُطعت بعدما أطلقوا في حزيران/يونيو الحالي حملة عصيان مدني.
كذلك يطالبون بتحقيق دولي لكشف ملابسات سقوط عشرات القتلى وبتطبيق ما اتُّفق عليه سابقا مع المجلس العسكري.
وكان الجانبان قد اتّفقا على تشكيل مجالس مختلطة لفترة انتقالية مدّتها ثلاث سنوات وبرلمان من 300 عضو يكون ثلثاه من "تحالف الحرية والتغيير".
واتهم المحتجون وشهود عيان ومجموعات حقوقية "قوات الدعم السريع" التي يقودها نائب رئيس المجلس العسكري الفريق أول محمد حمدان دقلو بتنفيذ الحملة الأمنية الدامية ضد المتظاهرين.
والأربعاء دافع البرهان عن هذه القوات وقال "رغم أن الاعتصام كان ساحة للأجانب والمخابرات تحملناه ولم نسع لفضه لأننا نعتبره رمزا للثورة والشباب"، مشيرا إلى أن أحداث فض الاعتصام صاحبتها شائعات وتضليل واسع النطاق وحملة استهدفت صورة المجلس العسكري والقوات المسلحة والدعم السريع، بحسب ما نقلت عنه وكالة السودان للأنباء "سونا".
- تظاهرات ليلية -
وكان المجلس العسكري قد أعرب عن "أسفه" لارتكاب "انحرافات" اثناء فض الاعتصام وأصر على أنه أمر بتطهير منطقة أخرى على مقربة من ساحة الاعتصام معروفة بوجود تجار المخدرات.
من جهته قال سفير بريطانيا في السودان عرفان صديق لوكالة فرانس برس "يتحمل المجلس العسكري مسؤولية اتخاذ خطوات بناء وإعادة بناء الثقة التي يمكن أن تسمح بحدوث الانتقال المدني".
ويقول محلّلون إن الانتفاضة التي أطاحت البشير قد تخسر أهدافها وشعاراتها المطالبة بالحرية والديموقراطية.
وقال آلان بوسويل المحلل في مجموعة الأزمات الدولية إن "المواجهة لا تزال بين قوة السلاح وقوة الشارع"، مضيفا أن "الثورة تواجه خطرا محدقا لكنها بعيدة كل البعد عن الانتهاء".
ودعا قادة الحركة الاحتجاجية لتظاهرات ليلية في المناطق السكنية، وقد تجمّع الأربعاء عشرات المتظاهرين في أحياء الخرطوم هاتفين شعارات تطالب بحكم مدني، بحسب ما أفاد شهود عيان.
وقال شهود إن نشطاء التقوا سكان عدد من الأحياء لحثّهم على إبقاء الحركة الاحتجاجية مستمرة بعد أن أعاق انقطاع شبكة الانترنت تعبئة الحشود.