ليلة موحشة... كانت ونحن نقطع الطريق سيرا على الأقدام باتجاه النار، في آخر لحظات لنا في العراق، بعد احتلال القوات الأمريكية البلد عام 2003، غادرنا ونحن أطفال لا نحمل سوى الذكريات الجميلة في حضن الرئيس... وخفايا أخرى عن العائلة وثقتها الحفيدة، ابنة البنت الكبرى لصدام حسين، عشية الوداع.
كشفت حفيدة الرئيس السابق للعراق، صدام حسين، حرير حسين كامل، عن خفايا ومذكرات لها، مع رسائل إلى العالم، في حوار لها مع موقع وكالة سبوتنيك الروسي، أجرته معها
وتاليا نص الحوار كما نشرتة الوكالة:
حرير: مواطنة عراقية… وابنة للفريق (الجنرال) حسين كامل وحفيدة الرئيس الراحل صدام حسين من ابنته رغد صدام حسين، عمري 32، ودرست في كلية الاقتصاد وإدارة الأعمال في الجامعة الكندية في الأردن.
سبوتنيك: صدر لكِ حديثا مؤلف بعنوان "حفيدة الرئيس"، هل تمنحينا ملخص منه وأبرز ما يحتوي؟ ومن أي دار نشر؟ ومتى بدأتِ بكتابته؟
حرير: كتابي بعنوان حفيدة صدام… محتواه يشبه عنوانه… كل ما مررنا به كعائلة… من أيام جميلة، وصعبة ومن مشاكل وأسبابها..سلطت الضوء على الجانب المخفي لعائلتي بحيث يستطيع كل مهتم أن يفهم هذه العائلة بشكل اصدق… تمت طباعته على حسابي الخاص وتوزيعه من قبل دار العربية للعلوم، بدأت بكاتبته قبل سنتين.
سبوتنيك: كيف تعيش الحفيدة وعائلة الرئيس، حاليا ما هي ظروفكم؟
حرير: بعد الاحتلال الأمريكي، غادر كل منا العراق.. أي كل أم مع أولادها، ولم نكن نحمل جوازات عراقية مما صعب المسألة، ثم تم التزامنا من قبل الأردن، وقطر بما يسمى بالثقافة العربية استضافة.. كنا نساء وأطفال وأكبرنا مراهق، وتم منحنا جوازات عربية لعدم استطاعتنا إلى اليوم من الحصول على الجواز العراقي، بأمر من الحكومة التي تسمي نفسها بالعراقية، فوفرت لنا الدول العربية المقومات الرئيسية للمعيشة كأوراق ثبوتية، وراتب شهري، ومنزل للسكن، وبقي الحال على ما هو عليه إلى اليوم باستثناء من يتزوج (مثلي)، أو من يسافر للدراسة، مثل الكثير من الأحفاد.
سبوتنيك: هل تحدثينا عن ليلة مغادرتكم العراق؟
حرير: كانت ليلة باردة موحشة ومظلمة… غادرنا بعد أن تم تسريب الخبر بأن ابنتي الرئيس رغد ورنا موجودين مع أطفالهما في الموصل "مركز نينوى، شمال بغداد"، وخوفاً على المستضيفين وعلينا كأطفال ونساء غادرنا مشياً على الأقدام على الساتر الترابي الحدودي الفاصل بين العراق وسوريا، وكانت مجازفة كبيرة حيث لو شعرت القوات السورية بوجود أشخاص هناك فكان لديها أمراً بإطلاق نار عشوائي.
سبوتنيك: وبعد دخولكم سوريا، كيف غادرتم إلى الأردن؟
حرير: أيام قليلة قضيناها في سوريا، وبعدها تلقينا استضافة من المملكة الأردنية الهاشمية، وتم نقلنا.
سبوتنيك: كيف استقبلتم خبر اعتقال الرئيس، وإعدامه؟
حرير: لم يكن تقبل الأمرين سهلا فأنتِ تتكلمين عن رئيس لنا، وعن جدنا بنفس الوقت، وعن بطل أحببناه، لم يكن سهلا أبدا، لكن مع الوقت تدرك الحكمة من الأمور الصعبة، أعتقد أنه لو لم يخدر كان سيقاوم أكيد و"سيستشهد" لكن ستغيب الكثير من الحقائق عن الناس والتي كنا نعرفها جيداً كعائلة باستثناء العالم أجمع الذي كان مضللاً بشكل كبير، وبرأيي المحاكمة ومع إننا كنا نتابع تفاصيلها بألم إلا إنها وضحت للعالم العربي حقيقة هذا الرجل كما هو وليس كما اعتادوا أن يسمعون عنه أو يتصوروه.
سبوتنيك: من غدر بالرئيس وعائلته؟ هل هناك أسماء معينة؟
حرير: الأسماء معلومة لنا كعائلة لكن تخلى عنه الكثير من أقاربه الذين كان يعتمد عليهم.
سبوتنيك: هل تفكرون برئاسة العراق مرة أخرى؟ وهل لو حكتم سيكون حكمكم على نهج الرئيس؟
حرير: هذا قرار عراقي وهم من يقرر ويختار، لكل مرحلة لها سياستها وما يتماشى مع تلك المرحلة لذلك يجب أن تكون السياسة المستقبلية مناسبة للمرحلة القادمة.
سبوتنيك: ما هي أبرز ذكرياتك الجميلة في العراق؟
حرير: كل شيء في العراق جميل لم أخذ من بلدي سوى ذكريات معنوية ما زلت اشتاق لمدرستي، وشارعي، وبيتي، وتلك هي ذكرياتي، وما تبقى لي من حطام تلك الحرب، لكن لم يتسنى لي اخذ أي شيء غير ذلك باستثناء ملابسي (قطعتا تيشيرت وبنطال).
سبوتنيك: هل تتعرضون لتهديدات أو مضايقات من جهات معينة؟
حرير: طبعاً، وبشكل مستمر خصوصاً والدتي، ومن ثم نحن أولادها، ونفهم ذلك حينما نمنع بالكثير من الأيام من الخروج وممارسة حياتنا الطبيعية.
سبوتنيك: ماذا قدمت لكم المملكة الأردنية الهاشمية؟
حرير: قدم الشعب الأردني الكثير من الحب، والاحترام، والمعاملة الخاصة، ومراعاة الجانب الإنساني، والى اليوم كان ذلك سبب كبير في تطييب جراحنا.. وعلى صعيد الدولة كما ذكرت تم منحنا جوازات بإسامي وهميه ومنزل للسكن وراتب شهري.. وحراسة مشدده.
سبوتنيك: هل لديكم تواصل مع ضباط أو وزراء من أصدقاء الرئيس والعائلة، حتى الآن؟ ومن أقربهم إليكم؟
حرير: نعم، منهم من كان صديقاً وبقي كذلك.
سبوتنيك: ماذا تقولين لأمريكا، وإيران ودول المنطقة التي أثرت على العراق؟
حرير: اعتقد أن التجربة خير برهان وابلغ من الكلام بكثير.. لقد راهن العالم على نجاح تجربة احتلال العراق، واليوم يستطيعون أن يستخلصوا الجواب من تجربتهم بأنفسهم.. لم تنجح تلك التجربة، ودفع العراقيون، والعالم الثمن باهظا، "إذن أصلحوا ما خربتموه".
سبوتنيك: وماذا تقولين لروسيا؟
حرير: أكن إعجابا خاصاً لروسيا، واعتقد أنها اليوم بأفضل حالاتها وتشهد نهض نوعية، بعد تولي رئيسها فلاديمير بوتين، رئاستها.
سبوتنيك: ما هي هواياتك؟
حرير: الكتابة، والقراءة، وممارسة دوري كامرأة وربة منزل يومي يشبه الكثير من نساء هذا العالم.
سبوتنيك: ماذا تتمنين؟
حرير: عراق موحد بكل طوائفه وأديانه.. حقوق للمسيحيين، والمسلمين بكل طوائفهم، وعيش رغيد لبلد عانى الكثير ويستحق كل ما هو أفضل.
سبوتنيك: ما هي رسالتك للشعب العراق؟
حرير: يدركوا حقوقهم ويكونوا يداً واحدة، ويجب أن يوضعوا حدا للطائفية المقيتة، وهو حلم ليس ببعيد فقد عشنا لعقود متحابين، ويجب أن نرجع كما كنا وأفضل.
سبوتنيك: هناك الكثير من الآراء للمحللين السياسيين والأمنيين، قالوا فيها إن العراق كان أفضل في ظل نظام الرئيس صدام، أما اليوم الحال سيء في ظل تعدد الأحزاب والعصابات والفساد… ما تعليقك؟
حرير: كمواطنة أنا مع تلك الآراء، وما يحصل اليوم هو خير برهان على صحة هذا الرأي.
سبوتنيك: ما هو طموحك؟
حرير: العيش بحب وسلام.
سبوتنيك: أية دولة تودين زيارتها؟
حرير: أحب السفر كثيراً ومكنني من معرفة هذا العالم بشكل اقرب، وفي كل دولة زرتها تعلمت شيء جديد، واستطعت أن افهم ثقافتها، وتعلمت من سفري احترام عادات وآراء واختلافات الغير..انوي أن ازور روسيا، ومتشوقة لزيارة اليابان والدول الآسوية.
سبوتنيك: ماذا لو خيروك العيش في العراق أو الأردن، أيهما ستختارين؟
حرير: اليوم كل الدول العربية تقريباً أصبحت مكاني وألاقي احتراماً وترحيباً كبيراً من الناس.. لكن يبقى العيش في بلدي هو حق من حقوقي، ولن أتنازل عنه حين يصبح العراق بلداً مناسباً للعيش ومرحباً بي كإنسانة ولا يمثل خطراً علي، وعلى عائلتي.
سبوتنيك: هل هناك دول أخرى عرضت عليكم الحماية واللجوء، غير الأردن؟ ولماذا قصدتم الأردن بالذات؟
حرير: حين كنا في سوريا عرضت الأردن استضافتنا ولأسباب إنسانية، وتم منحهم الموافقة الدولية، هذا فيما يخص والدتي رغد وخالتي رنا وأطفالهم، وقبلها عرضت المملكة المتحدة البريطانية الاستضافة ولكن بشروط، أما بخصوص جدتي ساجدة، وخالتي حلا، عرضت قطر استضافتهم واستضافتنا أيضاً لكن كنا في ذلك الحين باستضافة الأردن وأصبح بذلك لدينا التزام اخلاقي مع تلك الدولتين لذلك لم نغادر لأنهم لم يطلبوا منا ذلك.
سبوتنيك: وأخيرا، من يتحمل مسؤولية ما حل بالعراق من دمار بعد سنة 2003؟
حرير: العالم أجمع للأسف.