عُقد لقاء ضم مجموعة من منسقي المواد العلمية، ومختصين أكاديميين وتربويين، إضافة إلى منسق الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة "ذبحتونا"، حيث تباحث المشاركون في اللقاء، التداعيات الخطيرة لقرارات وزارة التربية في ملف التوجيهي، وخاصة ما يتعلق بالدورة الواحدة واختيارية التوجيهي، وأصدروا بياناً أكدوا فيه على الآتي:
إن وزارة التربية تعمل جاهدة لإلغاء التوجيهي، واعتماد القبول الجامعي المباشر، وأن كافة قراراتها المتخبطة التي أعلنتها في الأيام الأخيرة، ما هي إلا محاولات بائسة لخداع المواطنين والمعلمين والطلبة، وإظهار القضية على أنها عملية "تطوير للتوجيهي".
وأبدى البيان استغرابه من تصريحات وزير التربية والتي أعلن فيها أن النظام الجديد سيتم تطبيقه لعام دراسي واحد، ليصار إلى تعديله في العام الذي يليه. وتساءل المشاركون في اللقاء عن الأسباب التي تجعل الوزارة تقر النظام الجديد للتوجيهي، في ظل أنه سيتم تعديله بعد عام!! ألم يكن من الأجدى أن يكون التعديل شاملاً لا مجتزءاً؟!!
وأكد البيان على أن وزير التربية لم يخف توجهه لإلغاء التوجيهي، في عدة لقاءات ومقابلات، كان آخرها لقاؤه على قناة الأردن اليوم والذي أكد فيه صراحة على أنه يريد أن تكوون شهادة التوجيهي هي تقدير لدراسة الطالب 12 عاماً، وأن القبول الجامعي يجب أن يكون عبر امتحان قبول جامعي وليس شهادة التوجيهي.
وذكّر المشاركون بمخرجات مؤتمر التطوير التربوي عام 2015 والذي نص صراحة في النقطتين 3،4 في محور التعليم والتعلم من بند "تطوير الامتحانات والاختبارات" واللتين أقرهما مؤتمر التطوير التربوي وتم الإعلان عنها عبر الموقع الرسمي لوزارة التربية، هاتان النقطتان بعيدتان كل البعد عن أي تطوير ممكن للتعليم العام أو التعليم العالي، بل إن نتائجهما "إن تم إقرارهما" ستسهم في تراجع العملية التعليمية وخصخصة الجامعات الرسمية.
وتنص النقطتان على الآتي:
3. عقد امتحان الثانوية العامة مرة واحدة بدءًا من العام الدراسي 2016/2017. –تم تأجيل تطبيقه ليتم اعتباراً من العام الدراسي القادم(2018/2019)
4. إلزام الجامعات بتطبيق امتحان للقبول فيها حسب التخصصات المختلفة في كل منها. (أي إلغاء شهادة التوجيهي كمعيار للقبول الجامعي).
وربط البيان بين التوجهات الجديدة لوزارة التربية وتوصيات البنك الدولي في تقاريره حول وضع التعليم في الأردن. واعتبر البيان أن كافة الإجراءات الأخيرة لوزارة التربية تصب في خانة خدمة مشروع البنك والصندوق الدوليين، من ناحية خفض موازنة وزارة التربية، والتجهيل الممنهج لأجيالنا.
وفي ما يتعلق باختيارية التوجيهي، أكد البيان على أن الوزارة أقدمت على هذا القرار، دون وجود دراسات علمية تستند عليها، أو اجتماعات مع جهات مسؤولة وخبرات أكاديمية وتربوية. بل إن لجنة تطوير التوجيهي التي قام معالي الوزير بتشكيلها بنفسه قبل مايقارب العام، تفاجأت حالها حال الطلبة والمعلمين، بتصريحات الوزير على قناة "الأردن اليوم"، حيث أن اللجنة لم تكن قد اجتمعت منذ أكثر من ستة أشهر، وتم دعوتها للاجتماع بعد تصريحات الوزير وليس قبلها!!!
واستغرب المجتمعون أن تقوم الوزارة بوضع نظام للتوجيهي بناءً على مقال أو "اطلاع سطحي" على تجارب دولية، واقتباسها بطريقة مشوهة تماماً. وفي هذا السياق، أكد البيان على أن النظام الذي وضعته وزارة التربية لا يمت بصلة بالأنظمة والبرامج الدولية، فلا يوجد برنامج أو نظام في العالم يتم فيه تخيير الطلبة في التوجيهي، حيث يتم عادة التخيير في الصف العاشر أو الحادي عشر، وذلك كي يتم تأسيسه بشكل جيد. كما أن معظم هذه البرامج تفرض على الطلبة مرحلة تأسيسية (o level) يتم فيها تأسيسه بكافة العلوم والمباحث الأساسية. إضافة إلى أن هذه البرامج لا تطبق نظام الدورة العادية الواحدة.
ولفت البيان إلى أن وزارة التربية، وفي أقل من شهر، تخبطت في مقترحها حول اختيارية التوجيهي، بل إن التصريحات المتخبطة للمسؤولين بالوزارة، كانت محط دهشة المتابعين. فبينما صرح الوزير بأن مادة الحاسوب ستكون ضمن المواد الاختيارية لطلبة العلمي والأدبي، تراجع بعد أقل من أسبوع عن هذه التصريحات، ليعلن أن الحاسوب لن يكون ضمن المواد الاختيارية العليمة في الفرع العلمي، ليعلن لاحقاً، بأن الحاسوب سيتم تدريسه في العلمي ، كشرط للنجاح في المدرسة دون أن يدخل في امتحان التوجيهي!!
والحال نفسه ينطبق على مادة اللغة العربية/تخصص، التي أعلن الوزير عمر الرزاز، أنها ستكون مادة اختيارية لطلبة الفرع الأدبي، ليتراجع عن قراره، ويعلن أنها مادة إجبارية، دون أن يوضح السبب الذي جعله يضع اللغة العربية/تخصص اختياية أو السبب الذي جعله يتراجع ليضعها كمادة إجبارية، في أقل من اسبوع!!
كما أعلنت الوزارة أن وزن المواد جميعها سيكون متساوياً، بغض النظر عن قيمة المادة وحجمها. فوفقاً لهذه التعديلات، فمادة الثقافة الإسلامية التي يتم تدريسها بثلاث حصص أسبوعياً ولمدة فصل دراسي واحد، سيكون مساوياً لوزن مادة الرياضيات التي يتم تدريسها بمعدل خمس حصص أسبوعياً ولفصلين دراسيين، أو الفيزياء التي يتم تدريسها بواقع ست حصص أسبوعياً.
وما لبثت الوزارة أن تراجعت عن قرارها حول تساوي أوزان المواد. ويبدو أن هذا التراجع سيكون مؤقتاً، كون التوجهات العامة للوزارة وتصريحات مسؤوليها تشير إلى جدية في محاولات الوزارة تمرير تساوي الأوزان.
إلا أن الأهم، كان تخبط الوزارة في ما يتعلق بالمواد الاختيارية للفرع العلمي. فإضافة إلى اعتبار الحاسوب ضمن حزمة المواد العلمية الاختيارية ثم سحبها، قام الوزير بالتصريح بأن الوزارة "تنصح" الطالب الذي يرغب بدراسة الطب أن يقوم بدراسة الأحياء والفيزياءي بالتوجيهي، ثم قامت الوزارة بطرح فيديو توضيحي لنظام الحقول، أكدت فيه على أن دراسة مادة في التوجيهي هو أمر "مفضل" إلا أنه غير ملزم بحكم أن الطالب يستطيع دراسة مادة استدراكية في الجامعة، لتتراجع الوزارة بعدها، نتيجة لضغوطات المعلمين، وتجعل الحقول إجبارية رغم استمرار رفض المعلمين لهذه الآلية، وهذه التقسميات.
وكشف البيان حجم الانعكاسات السلبية التي أحدثها القرار المفاجىء للوزارة على صعيد الطلبة والمعلمين والمدارس وحجم التخبط والفوضى التي أحدثها هذا القرار. حيث أصبح الطلبة أكثر لا مبالاة في التعاطي مع الحصص العلمية، وخاصة طلبة الصفين العاشر والحادي عشر، إضافة إلى عدم فهم الكوادر التعليمية والطلبة وأوياء الأمور لتفاصيل القرار الذي جاء مع قرب انتهاء العام الدراسي، مما زاد من حالة الإرباك لدى الجميع.
وحول تفاصيل قرار الوزارة، وتقسيم الفرعين العلمي والأدبي إلى حقول، أكد البيان على أن طريقة تصنيف الحقول، لم تخضع لدراسة علمية أكاديمية دقيقة، ولم تكن ناتجة عن اجتماعات ولقاءات مشتركة مع أكاديميين وأساتذة جامعات، واطلاع على الخطط الدراسية للمساقات في الجامعات والكليات المختلفة، ليتم ربطها بالحقول التي تتبع لها. كل هذا لم يحدث، بل إن وزارة التعليم العالي لم تكن شريكة بالمطلق بهذا القرار، الأمر الذي يزيد من شكوكنا حول آليات اتخاذ القرار في وزارة التربية، والأسس العلمية التي يتم بناء عليها اتخاذ هذه القرارات.
وتوقف البيان أمام قرار الوزارة بتحديد نسبة الرسوب ب5% كحد أقصى، حيث بعكس هذا القرار توجهاً رسمياً بعملية "تنجيح أقرب ما تكون إلى "التجهيل". فهذه النسبة تعني أن الشعبة الواحدة التي يبلغ عدد طلبتها ال20 طالباً وطالبة لا يجوز أن يرسب فيها أكثر من طالب واحد فقط. حيث سيؤدي هذا القرار إلى استخفاف الطلبة بالحصة الصفية، وعدم الاكتراث بالمادة التي يدرسونها وبالمعلم، خاصة أنه يأتي بالتزامن مع قرار كارثي آخر اتخذته الوزارة ويتمثل بزيادة نسبة الغيابات المسموحة بها للطلبة سنوياً. وهو الأمر الذي انتقده أكاديميون وتربويون.
وأكد المشاركون في اللقاء في بيانهم على مطالبهم المتمثلة بالآتي:
1_ أن إصلاح المنظومة التعليمية يبدأ من المرحلة الأساسية، وليس التوجيهي، وذلك من خلال خلق بيئة صفية قادرة على النهوض بالعملية التعليمية، وتأهيل المعلمين وإعادة النظر بالمناهج من على قاعدة أكاديمية تربوية وطنية وليس وفق إملاءات غربية استعمارية، إضافة إلى البنية التحتية القادرة على توفير كافة الخدمات اللوجستية للمعلم والطالب والإدارة المدرسية. كل هذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال إعادة النظر بالميزانية المخصصة لوزارة التربية بالتوازي مع رقابة حقيقية على أوجه الصرف.
2_ التراجع الفوري عن قرار الدورة العادية الواحدة، لما له من آثار سلبية على التحصيل الأكاديمي للطلبة. وكون تجربة الدورة الواحدة تم العمل بها لأكثر من مرة وأثبتت فشلها.
3_ التراجع الفوري عن قرار اختيارية التوجيهي والدعوة لعقد مؤتمر وطني يضم كافة الجهات المعنية للخروج بآليات وبرنامج وطني تربوي أكاديمي يسهم بالنهوض بالعملية التعليمية.
4_ التراجع عن النظام الجديد المتعلق بالغيابات والرسوب، والذي لن يسهم إلا بالمزيد من الفوضى والإرباك للعملية التعليمية وللطلبة وتحصيلهم الأكاديمي.
5_ إعادة النظر بمبدأ "ترشيق المواد العلمية"، والذي لا يهدف إلا لرفع نسب النجاح في الثانوية العامة بغض النظر عن حقيقة التحصيل الأكاديمي للطلبة. إضافة إلى أن آليات "ترشيق المواد" التي تتبعها الوزارة، هي بالحد الأدنى غير مدروسة.