يتألم بعض المرضى بشكل خطير، عندما تتعرض قلوبهم للعدوى أو من النوبات القلبية. وفي كل حالة منها، كان النظام الكهربائي للجسم الذي يحافظ على نبضات القلب العادية يصاب بما يشبه الماس الكهربائي.
فهؤلاء المرضى يتعرضون لما يشبه رشقات متكررة من ضربات القلب السريعة، والتي يمكن أن تنتهي بالموت المفاجئ.
وتودي هذه الحالة المرضية بحياة مئات الآلاف حول العالم كل عام، فيما يعد أحد الأسباب الأكثر شيوعاً للوفاة في الولايات المتحدة، بعدما يتم استنفاد جميع العلاجات التقليدية، وفقاً لما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
إقرأ أيضاً: مؤشرات مبكرة على إصابتك بأمراض القلب
رشقات إشعاعية
ولهذا السبب، قرر باحثون في جامعة "واشنطن" بسانت لويس الإقدام على عمل تجريبي لمرضاهم، يتلخص في تسليط رشقات قصيرة من الإشعاع على القلب في محاولة لطمس الخلايا التي تتسبب في الخلل الكهربي.
وتم نشر نتائج العلاج الخاصة بأول 5 مرضى مؤخراً في دورية "نيو إنغلاند الطبية"، ويبدو أن التجربة قد أثبتت فاعليتها، وتقدم أملاً جديداً لمرضى آخرين حول العالم، لم يكن لديهم بدائل إلا زرع القلب.
يقول دكتور ميلفين شينمان أستاذ الطب في جامعة "كاليفورنيا" بسان فرانسيسكو، والرئيس السابق لجمعية إيقاع القلب: "إن هذا الكشف سيغير قواعد اللعبة". ويضيف: "ليس هناك شك في أن هذا الأسلوب يقدم حلاً ناجعاً".
نقلة نوعية
ويصف دكتور رودريك تونغ، مدير الفيسيولوجيا الكهربية للقلب في جامعة "شيكاغو للطب"، تلك الطريقة الجديدة بأنها تمثل "نقلة نوعية".
ويتطلب العلاج عدة أسابيع ليحدث تأثيره الكامل، لذلك لا يمكن استخدامها لمرضى القلب، الذين يحتاجون إلى مساعدة فورية. ويجب أن تتم دراسة نتائج تلك الطريقة على مجموعات أكبر من المرضى على مدى فترات أطول، وقد بدأت بالفعل خطوات في هذا الاتجاه.
ويوضح دكتور تونغ: "أن أسوأ شيء يمكننا القيام به هو اعتماد هذا الأسلوب بحماس جامح، ثم نجد أنفسنا بعد ذلك بـ5 أو 10 سنوات، نقول: لقد اكتشفنا آثاراً جانبية لهذا الأسلوب العلاجي".
حاول المرضى الخاضعون للدراسة استخدام الأدوية للسيطرة على معدلات ضربات القلب. وعندما فشلت الأدوية، اضطروا للمجازفة بأن تجرى لهم جراحات تسمى "الاجتثاث"، يقوم خلالها الأطباء باستخدام القسطرة لحرق كل خلية تساهم في الخلل الكهربي في القلب.
ومع ذلك، لا يزال آلاف المرضى يعانون من حالات عدم انتظام دقات القلب البطيني، حيث يعاني القلب من حالة "تاكيكارديا tachycardia" حيث تصل ضربات القلب إلى 200 مرة في الدقيقة، مع انخفاض في ضغط الدم.
إن جهاز تنظيم ضربات القلب في صدور المرضى يصدم قلوبهم مرة أخرى لتعود إلى إيقاع طبيعي عند الضرورة، ولكن الأجهزة لم تمنع حدوث تلك الحالات.
دمج تقنيتين
في الأشهر الـ3 التي سبقت العلاج التجريبي، عانى المرضى من أكثر من 6500 نوبة من نوبات عدم انتظام دقات القلب. واستغرق الأمر قرابة شهر لشفاء قلوبهم عن طريق العلاج، ولكن في العام التالي لم يحدث لهؤلاء المرضى سوى 4 حالات من عدم انتظام دقات القلب، ولم يعان بعضهم أي شيء على الإطلاق.
ويرجع نجاح الطريقة الجديدة إلى دمج تقنيتين هما: الإشعاع المجسم، المستخدم في بعض المراكز الطبية لعلاج مرضى السرطان، وهو عبارة عن إشعاع شديد التركيز ومكثف لتدمير الأورام.
أما التقنية الأخرى، فهي خرائط القلب لتحديد الموقع الدقيق للأنسجة ذات الندبة، حيث يرتدي المرضى سترة مصنوعة من سلاسل من الرصاص الكهربائي – يبلغ عددها الإجمالي 256، بالمقارنة مع 10 فقط المعتادة في أجهزة رسم القلب الكهربائية. ويقوم الأطباء بعمل تراكم للبيانات من سترة تتضمن صور أشعة مسح للقلب.
يقول دكتور فيليب كوكوليتش، خبير إيقاع القلب في جامعة واشنطن في سانت لويس، والمؤلف الأول للدراسة الجديدة: "إن هذا الأسلوب يعطينا صورة ثلاثية الأبعاد واضحة عن مكان عدم انتظام ضربات القلب".