دعت حركة فتح التي يترأسها الرئيس محمود عباس السبت الفلسطينيين الى تظاهرة ضخمة الاسبوع المقبل احتجاجا على زيارة نائب الرئيس الاميركي مايك بنس الى القدس وتعبيرا عن رفضهم قرار واشنطن الاعتراف بالمدينة المقدسة عاصمة للاحتلال.
وتتواصل تداعيات قرار الرئيس دونالد ترمب بشأن القدس الذي شكل خروجا على السياسة الاميركية المتبعة منذ عقود، مع تظاهرات غاضبة في الدول العربية والاسلامية وكذلك صدامات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
كما دفع قرار ترامب في 6 كانون الاول نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس، بالرئيس الفلسطيني الى الغاء لقاء كان مقررا مع بنس الاربعاء في القدس محذرا من انه لم يعد لواشنطن اي دور تؤديه في عملية السلام.
وأعلنت حركة فتح في بيان السبت انها "تؤكد على ضرورة التظاهر في مسيرات احتجاج وغضب عارمة تجاه بوابات القدس تزامنا مع وصول نائب الرئيس الاميركي الى دولة الاحتلال يوم الاربعاء القادم".
وكان بنس الذي يفترض ان يزور مصر وتل أبيب، الغى الشق الفلسطيني من رحلته بعدما رفض عباس استقباله.
وفي نيويورك ينظر مجلس الامن الدولي اعتبارا من الاثنين في مشروع قرار طرحته مصر السبت ويؤكد ان اي قرار آحادي الجانب حول وضع القدس ليس له اي مفعول قانوني ويجب ابطاله.
ويشدد مشروع القرار الذي حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه على ان مسألة القدس "يجب حلها عبر المفاوضات" ويعبر "عن اسف شديد للقرارات الاخيرة بخصوص وضع القدس" دون الاشارة تحديدا الى خطوة ترامب.
ويؤكد مشروع القرار ان "اية قرارات واعمال تبدو وكأنها تغير طابع او وضع او التركيبة الديموغرافية" للقدس "ليس لها اي مفعول قانوني وهي باطلة ويجب الغاؤها".
وقال دبلوماسيون انهم يتوقعون ان تستخدم الولايات المتحدة حق النقض ضد مشروع القرار فيما يرتقب ان تؤيد كل الدول الاعضاء ال14 الاخرى النص.
وفي الداخل الفلسطيني اكدت حركة فتح السبت استمرارها في برنامج "فعالياتها الشعبية في كافة المحافظات"، موجهة في بيانها نداء الى الفلسطينيين لـ"اغلاق الطرق الالتفافية في وجه المستوطنين الاثنين والخميس القادمين"، في اطار تلك الفعاليات.
وينذر اغلاق الطرق الالتفافية التي يستخدمها المستوطنون لتجنب المرور عبر الاراضي الفلسطينية بمزيد من الصدامات.
واعلنت فتح الجمعة المقبل "يوم غضب" في كل الاراضي الفلسطينية "رفضا وتنديدا بالقرار الاميركي الجائر".
وجاءت الدعوة للتظاهر فيما شيع آلاف الفلسطينيين اربعة شبان قتلوا الجمعة خلال مواجهات مع الجيش الاسرائيلي اندلعت في اطار الاحتجاجات على قرار الرئيس الاميركي في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
وكان أربعة فلسطينيين بينهم شاب هاجم جنديا قتلوا وأصيب نحو 270 آخرين بجروح في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي إثر تظاهرات حاشدة الجمعة في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة ضد الاعتراف الاميركي بالقدس عاصمة للاحتلال.
- "لا عذر"-
خرج عشرات آلاف الفلسطينيين في مسيرات وتظاهرات غاضبة بعد صلاة الجمعة أعقبتها مواجهات في القدس القديمة وعند النقاط الساخنة من شمال الضفة الغربية المحتلة الى جنوبها قرب الحواجز العسكرية وكذلك على طول الشريط الحدودي شرق قطاع غزة.
وقتل اثنان من الشبان الاربعة في الضفة الغربية واثنان في قطاع غزة. وبذلك يرتفع الى ثمانية عدد الفلسطينيين الذين قتلوا في اعمال عنف او غارات منذ اعلان ترمب فيما اصيب مئات آخرون ايضا بجروح.
وخلال تشييع باسل مصطفى في بلدة عناتا المتاخمة لمدينة القدس، اطلق ملثمون فلسطينيون النار في الهواء بينما رفع المشاركون في الجنازة رايات حركتي حماس وفتح. وقد رددوا هتافات ضد الاحتلال وضد قرار ترمب.
في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة شارك اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس في جنازة الشاب المقعد والمبتور الساقين ابراهيم أبو ثريا الذي قتل برصاصة في الراس بينما كان على كرسيه المتحرك يشارك في الاحتجاجات شرق مدينة غزة.
وقال هنية في كلمة في مسجد "شهداء الشاطئ" انه "لا يوجد كائن على وجه الأرض يستطيع أن يغير حقيقة أن فلسطين والقدس للفلسطينيين وحدهم ولا عذر لأحد بعد شهادة الشاب إبراهيم أبو ثريا ان يجاهد".
وأكد هنية ان "الارهاب هو هذا المحتل، وهذا الشعب يريد الحرية".
- "استفزاز خطير"-
ينضم الى بنس في زيارته جيسون غرينبلات مبعوث ترامب الخاص الى الشرق الاوسط الذي لم يجتمع مع مسؤولين فلسطينيين منذ القرار الاميركي حول القدس.
ويرى الفلسطينيون ان قرار ترامب بشأن القدس يخرج الولايات المتحدة من عملية السلام بشكل تام.
إقرأ أيضاً: اشتية: النهج التفاوضي انتهى بلا رجعة
وما زاد من الاستياء الفلسطيني تصريح مسؤول اميركي كبير الجمعة بان حائط المبكى (البراق) الواقع في القدس الشرقية يجب ان يبقى بيد اسرائيل في كل الاحوال. وقال المسؤول في البيت الابيض "نحن لا نتصور سيناريو لا يكون حائط المبنى فيه جزءا من إسرائيل".
ورفضت الرئاسة الفلسطينية هذه التصريحات السبت وقال الناطق باسمها نبيل ابو ردينة "لن نقبل بأي تغيير على حدود القدس الشرقية المحتلة عام 1967".
وأضاف "هذا الموقف الاميركي يؤكد مرة أخرى أن الادارة الأميركية الحالية أصبحت خارج عملية السلام بشكل كامل".
وقال ابو ردينة إن "استمرار هذه السياسة الأميركية، سواء في ما يتعلق بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو نقل السفارة الاميركية إليها او البت في قضايا الحل النهائي من طرف واحد، كلها خروج عن الشرعية الدولية وتكريس للاحتلال".
وشدد ابو ردينة على ان هذه المواقف الاميركية "بالنسبة لنا أمر مرفوض وغير مقبول ومدان ويشكل استفزازاً خطيراً".
ويقع حائط المبكى أو حائط البراق في القدس الشرقية المحتلة التي ينشدها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم العتيدة. وضمت إسرائيل الجزء الشرقي من القدس بعد احتلالها خلال حرب 1967، واصدرت قانونا يؤكد ان المدينة بشطريها هي عاصمتها "الابدية الموحدة".