قرار الحكومة الأردنية، الذي اتخذته الثلاثاء بتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع دولة قطر وإلغاء تراخيص مكتب قناة الجزيرة في المملكة، لم يكن مفاجئا ولا حتى مزاجيا بل جاء نتيجة ظروف صنعتها الدوحة طوال الفترة الماضية ومست فيها عمّان بشكل مباشر.
أولى هذه الأسباب التي دفعت الأردن لاتخاذ مثل هذه القرار محاولات قطر المستمرة تشويه صورة المملكة عبر وسائل الإعلام المختلفة سواء قناة الجزيرة وحتى قنوات أخرى تلقت دعما ماليا مباشرا من الدوحة لأجل هذه الغاية.
كما أن تخلف قطر الدولة الوحيدة عن دفع حصتها من المنحة الخليجية للأردن، ظل شرخا قائما في العلاقة بين عمّان والدوحة، رغم تأكيدات الحكومة الأردنية أنها شأن داخلي يخص الدوحة وحدها.
مسؤول أردني بارز قال في وقت سابق، إن الحكومة اتخذت قرارا " صريحا "، بعدم مطالبة قطر دفع حصتها من منحة الصندوق الخليجي " إطلاقا وتحت أي ظرف.
وانتهت مدة المنحة الخليجية للأردن والمقدرة قيمتها بـ 5 مليارات دولار والتزمت السعودية والإمارات والكويت بدفعها في حين تخلفت قطر عن دفع حصتها المقدرة بـ 1.25 مليار دولار.
وجاء القرار الأردني بتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع الدوحة وليس قطعها نهائيا، كما فعلت السعودية والإمارات ومصر والبحرين، وتبعتها موريتانيا ودول أخرى، في إشارة واضحة على أن القرار سيادي ولا يمكن وصفه بالتابع.
وفسر المتحدث باسم الحكومة الأردنية وزير الإعلام محمد المومني، القرار بأنه جاء لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين، إضافة لالتقاء الدول العربية على السياسات التي تنهي أزمات منطقتنا العربية.
وأعرب المومني في وقت سابق عن ثقته بحكمة قادة دول الخليج في حل الخلافات بينهما بما يفضي إلى حماية الدولة الوطنية وبناء المستقبل الآمن المستنير لشعوبنا أولويات ستبقى المملكة تبذل أقصى جهودها لتحقيقها.
واتخذت الحكومة قرارها من الأزمة بين الدول المقاطعة وقطر، بعدما تجلت أسبابها وأصبحت واضحة بالنسبة لصانع القرار الأردني، وأكد المتحدث باسم الحكومة أن التشاور مع الأشقاء مستمر ومتواصل في هذا الصدد.
إضافة لما سبق، فقد كانت قطر أول دولة تعارض انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي، وهذا من وجهة نظر محللين كان سببا إضافيا لاتخاذ الأردن قراره بقطع العلاقات، وإن جاءت الأسباب تراكمية.
ووصفت الحكومة الأردنية هذه المرحلة التي وصلت إليها العلاقات بين هذه الدول وقطر بالمؤسفة، لكنها أعربت عن أملها بأن يكون حلها على أرضية صلبة كذلك تضمن تعاون الأطراف كافة وصولا لبناء مستقبل أفضل لشعوبنا.
لماذا قرار إلغاء تراخيص الجزيرة؟
قبل أشهر قليلة، التقى مسؤول أردني بارز سفير قطر في عمّان، الشيخ بندر بن محمد العطية، وأبلغه صراحة أن الدوحة تعمل باستمرار على محاولة تشويه صورة الأردن والإساءة لقيادتها، وتحدث عن دور قناة الجزيرة في ذلك.
حينها رد السفير العطية، بأن بلاده لا تتدخل بما تبثه وسائل الإعلام، لكن إجابة المسؤول الأردني وقتها كانت حاضرة بقوله " لا حاجة للتدخل ما دام التمويل من حكومتكم ".
وأكد المسؤول أن قطر " ترعى تفريخ قنوات فضائية في الخارج وتمولها وتسعى لتشويه الأردن وصورته وتحاول إظهار العلاقات على أنها غير ودية". بحسب تصريحات تناقلتها وسائل الاعلام المختلفة حينها.
ومن وجهة نظر محللين، فإن العلاقات الأردنية القطرية تتراوح بين توتر وانفراج منذ سنوات، وتظهر جليا في مواقف البلدين من أزمات المنطقة، سيما من الملف السوري والملف المصري والقضية الفلسطينية.
إقرأ أيضاً: الحكومة تقرر تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي في قطر وإلغاء ترخيص مكتب الجزيرة
والقطيعة مع قطر في الوقت الحالي، تعد أخطر أزمة تمر على مجلس التعاون الخليجي منذ انشائه في 1981، حتى أن وسائل إعلام دولية ذهبت لوصف الحدث بأكبر زلزال دبلوماسي يهز الشرق الأوسط.
وتتهم الدول التي أعلنت مقاطعتها، "بدعمها الإرهاب" بما في ذلك تنظيمات القاعدة وتنظيم داعش والإخوان المسلمين.