قال وزير التخطيط والتعاون الدولي المهندس عماد الفاخوري ان الهم الاقتصادي والمتمثل بتكاليف المعيشة ومعدلات الفقر والبطالة ما زال يعتلي سلم الاولويات لدى الاردنيين.
جاء ذلك خلال محاضرة في كلية الدفاع الوطني الملكية الاردنية اليوم السبت ضمن منهاج الكلية لدورتي الدفاع والحرب الوطنيتين بعنوان "التخطيط الاستراتيجي للتنمية الاقتصادية في الاردن" استعرض خلالها مفهوم التخطيط الاستراتيجي للتنمية الاقتصادية وتطوره في المملكة.
وقال الفاخوري "جاءت وثيقة الاردن 2025 لتعالج هذه التحديات ولتنقل المواطن الاردني وخلال السنوات العشرة المقبلة الى مرحلة اكثر ازهارا ورفاها.
واكد الفاخوري ان الاردن ماض في مسيرة الاصلاح التي يقودها جلالة الملك وفي تنفيذ برامجه وخططه الاصلاحية والتنموية ومن ضمنها وثيقة الاردن 2025 والبرنامج التنموي التنفيذي (2016-2018) وبرامج تنمية المحافظات (2016-2018) اضافة الى الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية التي تم اطلاقها اخيرا لتشكل احد اهم الاولويات التنموية للمرحلة المقبلة والتي انبثقت عن اولويات وثيقة الاردن 2025.
واضاف ان المطلوب في العقد المقبل هو احداث تحول في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة نحو نموذج جديد يحفز جميع الاردنيين على المشاركة بشكل كامل وبإحساس عال بالمسؤولية في تحقيق المستقبل الذي نريده لا نفسنا مواطنين ولأسرنا واطفالنا.
واشار الى ان العمل من اجل تطوير الوضع الاقتصادي لا بد ان يرتكز على جملة من القطاعات المختلفة وبسبب صغر السوق المحلية فيجب على الاردن ان يصبح احد البوابات الاقتصادية الاقليمية الرئيسة من خلال تطلعه الى محيطه المباشر المتمثل في السوق الاقليمية كقاعدة اساسية واتفاقيات التجارة الحرة التي يمتاز بها الاردن للوصول الى اقتصاد معتمد على التصدير وعلى الخدمات.
واشار الى ان الاردن ومنذ نشأته ادرك اهمية تحقيق التنمية المستدامة نتيجة لمحدودية الموارد وهذا ادى الى انتهاج الاردن لأسلوب التخطيط الشمولي فكانت الخطط التنموية متوسطة الاجل.
وقال ان الاقتصاد الاردني حقق وثبات تنموية في اواخر السبعينيات واوائل الثمانينيات من القرن الماضي وتمكنت الخطط التنموية من تحقيق الجزء الاكبر من اهدافها بسبب الظروف المواتية آنذاك والتدفقات المالية سواء على شكل مساعدات او تحويلات عاملين. كما واجه الاقتصاد الاردني ازمة حادة في اواخر عام 1988 رافقها تزايد ملحوظ في عجوزات كل من ميزان المدفوعات والموازنة العامة وتفاقم مشكلة المديونية الخارجية ونضوب الاحتياطيات الرسمية من العملات الاجنبية.
ولمواجهة التحديات الثقيلة التي افرزتها تلك الازمة اوضح وزير التخطيط والتعاون الدولي ان ذلك تطلب اعادة النظر بأمور عدة على مستوى التخطيط الاقتصادي حيث سارعت الحكومة الى انتهاج سياسات التصحيح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.
وقال الفاخوري "ادراكا لحاجة الاردن الماسة الى صياغة اجندة وطنية تحدد الاولويات الوطنية للاردن اطلق جلالة الملك عبدالله الثاني مبادرة كلنا الاردن والاجندة الوطنية والتي حظيت باجماع وطني من اطياف المجتمع الاردني لتحدد ملامح التنمية لعشر سنوات (2006-2015).
واكد أهمية المبادرة الملكية "هاديا ومرشدا" للحكومة في اعداد خطط وبرامج تنموية قصيرة ومتوسطة المدى وبما يعزز انتقال الاردن من اعتماده في السابق على التخطيط المركزي الى التخطيط اللامركزي التشاركي بين مختلف اطياف المجتمع من وزارات ومؤسسات حكومية وقطاع خاص وممثلي المجتمع المدني.
وأضاف انه في النصف الاول من عام 2012 زادت التحديات على مستوى الاقتصاد الكلي و زادت الضغوط على المالية العامة وهو ما يرجع في الاساس الى ارتفاع اسعار النفط وانخفاض المنح عن المستوى المتوقع وتزايُد النفقات لاغراض استضافة اللاجئين السوريين.
واشار الى انه وفي الوقت ذاته زادت الضغوط على ميزان المدفوعات حيث تكرر تخريب خط انابيب الغاز وانخفضت تدفقات الغاز وارتفعت معها خسائر شركة الكهرباء بالاضافة الى ارتفاع الدين العام ومزاحمة القطاع الخاص في مصادر تمويله ما دفع الحكومة وبهدف مواجهة هذه الصدمات الخارجية السلبية لاعتماد برنامج وطني للاصلاح على مدار الفترة (2012-2015) وبالتعاون مع صندوق النقد الدولي.
وزاد انه واستكمالا لمسيرة التنمية ضمن نهج تخطيطي واضح يمثل الترجمة العملية لرؤية جلالة الملك اعدت الحكومة وثيقة الاردن 2025 (الاطار المتكامل للسياسات الاقتصادية والاجتماعية 2016- 2025) والتي جاءت بهدف رسم طريق المستقبل وتحديد الاطار العام المتكامل الذي سيحكم السياسات الاقتصادية والاجتماعية القائمة على اتاحة الفرص للجميع.
وقال الفاخوري ان الاردن حقق خلال العقد الماضي من القرن الحادي والعشرين العديد من الانجازات على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي وكان من الضروري مراجعة ما "حققناه" من انجازات على المستوى الاقتصادي، مشيرا الى ان الناتج المحلي الاجمالي ارتفع الى ما يقارب الضعفين وارتفع متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي ثلاثة اضعاف كما تضاعفت كل من معدلات التصدير والاستثمارات المحلية والاجنبية المباشرة.
واضاف ان الحكومة وبتوجيهات من جلالة الملك اعدت وثيقة الاردن 2025 لترسم طريقا للمستقبل وتحدد الاطار العام المتكامل الذي سيحكم السياسات الاقتصادية والاجتماعية القائمة على اتاحة الفرص للجميع.
وعن المبادئ الأساسية قال ان المواطن سيكون في قلب العملية التنموية فيما يعتمد الاقتصاد على التنافسية والمنافسة وتوسيع قاعدة التصدير من خدمات ومنتجات وتعزيز سيادة القانون وتكافؤ واتاحة الفرص للجميع وزيادة التشاركية في صنع القرارات وتحقيق الاستدامة المالية المبنية على استدامة الاستقرار المالي وزيادة الاعتماد على الذات.
وقال ان الوثيقة تجسر الفجوة بين المحافظات وتعزز الانتاجية وتنافسية الاقتصاد الاردني والخروج التدريجي من اشكال الدعم العشوائي واستهداف الفئات المستحقة للدعم وتعزيز منعة الاقتصاد الاردني وقدرته على الصمود والحد من تاثير الصدمات الخارجية على ادائه.
واوضح ان خارطة الطريق المستقبلية هذه تمت صياغتها باسلوب تشاركي على مدى اكثر من عام ومبنية على مسار تراكمي وعلى اساس ثوابت الدولة الاردنية.
وقال الوزير الفاخوري ان الحكومة وبهدف وضع مخرجات وثيقة الاردن 2025 موضع التنفيذ اعدت برامج تنفيذية متوسطة الامد الاول 2016-2019 والثاني 2020-2022 والاخير 2023-2025 وتم الانتهاء من وضع البرنامج الاول بالاستناد الى الوثيقة والاستراتيجيات القطاعية والمستجدات في الاقتصاد الوطني للاعوام 2016-2019 واعتماد مبدا مشاركة الجميع في الاعداد كشركاء في تحقيق التنمية الشاملة بالاضافة الى اتباع النهج الواقعي في تحليل الواقع التنموي في الاردن والانجازات المتحققة.
وأضاف ان وزارة التخطيط والتعاون الدولي وبالشراكة مع المؤسسات الوطنية وممثلي الفعاليات المحلية المعنية تعمل على اعداد برامج تنفيذية تنموية للمحافظات للاعوام الثلاثة المقبلة بهدف تحقيق التوازن في توزيع مكتسبات التنمية بين مناطق ومحافظات المملكة للحد من التفاوت التنموي بينها وبما يحقق التناغم والتكامل بين السياسات التنموية على المستويين المركزي (البرنامج التنفيذي التنموي) والمحلي (برنامج تنمية المحافظات).
واكد وزير التخطيط والتعاون الدولي ان التطورات الاقتصادية والسياسية الاقليمية والدولية فرضت واقعا جديدا على مختلف الدول وافضت كل هذه التطورات الى مجموعة من الحقائق المؤثرة على التخطيط الاستراتيجي وابرزها ان تدخل الحكومة المفرط في النشاط الاقتصادي وانخراطها في عمليات الانتاج المباشر اصبح ضربا من الماضي.
كما افضت الى ان دور الحكومة ودور السوق ليسا بديلين او متناقضين ولكنهما مكملان لبعضهما وان على الحكومة مسؤولية كبرى في تامين المناخ المناسب للاستثمار وتوفير الخدمات الاساسية كالصحة والتعليم للجميع وخصوصا للطبقات الفقيرة واتاحة الفرص امامها حتى تتمكن من المشاركة بفاعلية في النشاط الاقتصادي.
واكد فاخوري ان نهج الدولة الاقتصادي والاجتماعي نهج متوازن ومتكامل مقتبسا من خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة غير العادية لمجلس الامة السابع عشر اذ اشار الى انه " تميز النهج الاقتصادي الاجتماعي للدولة الاردنية على مدار تسعين عاما بالمرونة والتطور المستمر معتمدا على الشراكة والتكامل بين القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني.
ولهذا ينبغي ان يكون القطاع العام المحفز والمنظم والمراقب الذي يحمي المواطن والمستهلك ويكفل تقديم الخدمات الاساسية النوعية ويحفز بيئة الاعمال. ويكون القطاع الخاص المبادر الرئيس في الاستثمار وايجاد فرص العمل وتكون مؤسسات المجتمع المدني والتعاونيات المحلية حاضنة للريادة والعمل التطوعي. وبهذا المزيج القائم على عمل تكاملي ومسؤوليات متبادلة ومتوازنة بين القطاعات الثلاثة نتجاوز تحدياتنا الاقتصادية والاجتماعية".
وقال ان نجاح الجهود التنموية لا يقوم على تصميم السياسات الجيدة فقط،بل يتطلب ايضا التزاما حكوميا ابتداء من مستوى مجلس الوزراء واجماعا من مختلف الاطراف ذات العلاقة وهذا يؤكد اهمية التشاركية في تصميم السياسات وتنفيذها.
وحضر اللقاء رئيس واعضاء هيئة التوجيه ودارسو دورة الدفاع الوطني ودورة الحرب ومن بينهم عدد من الدول الشقيقة.