أصيب تجار القدس المحتلة، خاصة أسواقها التاريخية في البلدة القديمة (خان الزيت، العطارين، اللّحامين، القطانين، النصارى، باب السلسلة، الواد...)، بخيبة أمل بسبب ضعف القوة الشرائية، وحركة التسوق، في "وقفة" عرفة، علما أن هذه الأسواق كانت تشهد طوفانا من المتسوقين، وتزدحم حتى ساعات فجر اليوم التالي، في مثل هذه المناسبات التي كان ينتظرها التاجر بفارغ الصبر، للتعويض عن أيام السنة التي تشهد فيه الأسواق حالة من الركود.
ويؤكد تجار المدينة المقدسة أن الاحتلال نجح في ضرب اقتصاد المدينة، من خلال فرض إجراءات متعاقبة على البلدة القديمة، أبرزها بناء الجدار، وفرض الحصار عليها من خلال دوريات عسكرية راجلة وثابتة على البوابات الرئيسة للبلدة، يمارس خلالها الجنود تفتيشات مذلة ومهينة بحق الشبان والشابات، ما دفعهم لعدم الدخول إلى البلدة وأسواقها ومتاجرها.
ويؤكد عضو الغرفة التجارية في القدس مصطفى أبو زهرة، أن هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى هذه الوضع الحزين لأسواق القدس، من أبرزها التفاف جدار الضم والتوسع العنصري حول المدينة، وحرمان أهل الضفة وضواحي القدس من الوصول إليها، وما تبع ذلك من حصار آخر تتعرض له البلدة القديمة بحجج واهية، وفق ما نقله موقع وطن للأنباء.
ولفت أبو زهرة إلى حصار القطاع السياحي في القدس، مؤكدا أن هذا القطاع يتعرض لعملية تحريض ودعاية ممنهجة وتعبئة من قبل مؤسسات الاحتلال المختلفة للأفواج السياحية وتحثهم على عدم الشراء من الأسواق العربية، ما أدى إلى ضربة قوية لهذا القطاع.
وأشار أبو زهرة إلى عوامل أخرى أدت إلى ضرب إمداد أسواق المدينة بالمتسوقين، منها وضع الحواجز والمتاريس الشرطية والعسكرية على مداخل المدينة والبلدة القديمة وأحيائها وبلداتها، وكلها إجراءات مدروسة لعرقلة وصول المواطنين إليها.
بدوره، أكد التاجر مازن عبد ادريس، من سوق العطارين، أن الاحتلال يسعى بكل الوسائل لضرب متاجر وأسواق المدينة، خاصة في البلدة القديمة، لافتا إلى الحملات التي تشنها مصلحة ضريبة الاحتلال، وضريبة المسقفات "الأرنونا"، بحراسة جنود الاحتلال، التي باتت يومية، وكثيرا ما دفعت التجار إلى إغلاق متاجرهم وهجرها.
وقال التاجر المقدسي محسن النابلسي، إن الركود التجاري يمتد من أسواق القدس القديمة إلى خارج أسوارها ليشمل متاجر شوارع الزهرة، والرشيد، وصلاح الدين، ونابلس، والسلطان سليمان، كما أن الأمر يمتد إلى الأحياء القريبة والمتاخمة للبلدة القديمة مثل: الصوانة، ووادي الجوز.
وأكد عدد من تجار سوق باب خان الزيت والعطارين، أن الحركة التجارية باتت في أدنى مستوياتها في هذه الأسواق كنتيجة طبيعية لإجراءات الاحتلال المتتالية والممنهجة.
من جانبها، أوضحت لجنة تجار شارع صلاح الدين (أشهر شوارع وأسواق القدس-خارج السور) أن الحالة الاقتصادية للمقدسيين لا يمكن وصفها بالجيدة.
ولفتت اللجنة، على لسان رئيسها وعضو الغرفة التجارية في القدس حجازي الرشق، إلى ضعف حركة التسوق في متاجر شارع صلاح الدين خاصة، علما أنه يضم مئات المتاجر لمختلف السلع.
وقال إن إجراءات الاحتلال المشددة في المدينة وحصارها العسكري بالحواجز العسكرية وجدار الضم التوسعي ضرب اقتصاد المدينة منذ فترة ليست بالقصيرة، لكن الوضع التجاري السيئ والضعيف أخذ بالتعاظم مع مبالغة الاحتلال بإجراءاته المشددة في المدينة وتحويلها إلى ما يشبه الثكنة العسكرية.
المواطنة حنان مغربي، من سكان حارة باب حطة الملاصقة في المسجد الأقصى، أكدت أن حالة من الحزن تنتاب المدينة وأسواقها بفعل الإقبال الضعيف على التسوق من متاجرها، مشددة على أن هذه الحالة غير مسبوقة في المدينة، وتؤشّر لغد قاتم ومستقبل مجهول لمتاجر القدس.
ومن الجدير ذكره أن بلدية الاحتلال شددت على منع ذبح الأضاحي في المحال التي تبيع اللحوم، أو أمام ساحات المنازل، واشترطت أن تتم في مسلخ البلدية العبرية، تحت طائلة الملاحقات القانونية والغرامات المالية العالية، ما أصاب هذا القطاع بالشّلل التام.