7 ملايين جنيه (نحو 780 ألف دولار) تكلفة إقامة وزير التموين المصري خالد حنفي في أحد الفنادق الشهيرة الرابضة على النيل بالعاصمة القاهرة، خلال فترة توليه منصبه منذ العالم 2014، بحسب ما كشفه برلمانيون ووسائل إعلام متسائلين: من أين له هذا؟!
فحنفي لم يكن يوماً رجل أعمال أو صاحب شركات، أو مستثمراً، أو تاجراً، وإنما رجل أكاديمي ترأس العديد من المؤسسات في الدولة المصرية، منها جهاز تنمية التجارة الداخلية، وعميد كلية النقل الدولي واللوجيستيات بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري.
وأشرف وحكم على العديد من الرسائل والأبحاث العلمية في الأكاديمية وفي العديد من جامعات مصر، ليتولى بعدها وزارة التموين المصرية منذ عامين ونصف.
ورداً على هذا الجدل خرج الوزير ليؤكد لوسائل الإعلام، أنه يسدد تلك الأموال من ماله الخاص، و أنه غير مطالب بتوضيح ذلك لأحد، كونه أمراً شخصيًّا ولا يخص الرأى العام.
"الشهبندر" والوزير
ومع غموض إجابة الوزير تناقلت أقوال حول علاقته بأحمد الوكيل، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، والذي كان يرأس خالد حنفي في اتحاد الغرف، قبل أن يرشحه لوزارة التموين في حكومة إبراهيم محلب، رئيس الوزراء السابق، ليصبح الوكيل صاحب الفضل الأول لتعيين "حنفي" في وزارة التموين.
وتؤكد مصادر متعددة بوزارة التموين، أن أحمد الوكيل يلقب في أروقة الوزارة بـ"خال الوزير"، نظراً لعلاقتهما الوثيقة، ومشاركة الوكيل في غالبية مؤتمرات الوزارة والتي لا يكون له صلة بها. على حد قول المصادر.
وأحمد الوكيل هو رئيس اتحاد عام الغرف التجارية ورئيس غرفة الإسكندرية، ونائب رئيس اتحاد الغرف البحر الأبيض "الإسكامي"، وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطنى المنحل، فضلا عن امتركه لشركة "ويكالست" أحد أكبر الشركات المستوردة للسكر الخام .
وشكك د. نادر نور الدين -أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة- في أساب إقامة وزير التموين في فندق "سميراميس" على وجه الخصوص قائلاً "الغرفة التجارية تقوم بالحجز في هذا الفندق على وجه الخصوص لأعضائها وضيوفها في جميع المؤتمرات والندوات التي تنظمها الغرفة التجارية في القاهرة، كما تقيم حفل إفطارها السنوي في شهر ومضان من كل عام بهذا الفندق دون غيره، وتدعو إليه عدداً كبيراً من المحافظين والوزراء والمسؤولين والضيوف وهذا مثبت ولا يمكن إنكاره".
وقال في تدوينة على فيسبوك "تساءلت في مقالي بصحيفة الدستور منذ عامين هل تتحمل الغرفة التجاربة نفقات إقامة وزير التموين بفندق سميراميس بتكاليف خمسة آلاف جنيه في الليلة أي 150 ألف جنيه كل شهر، بينما راتب الوزير الرسمي 32 ألف فقط، وبالتالي تكون تكاليف إقامته بالفندق خمسة أضعاف راتبه؟!
وتساءل نور الدين "هل هي صدفة أن يقيم وزير التموين القادم من الغرفة التجارية في نفس الفندق التي تقوم الغرفة بجميع أنشطتها فيه؟!".
ولفت إلى أنه فور أداء وزير التموين خالد حنفي لليمين القانونية أمام الرئيس (السابق) عدلي منصور في مارس/آذار 2014 وبعدها بساعة واحدة فقط قام وزير التموين بإصطحاب رئيس الغرفة التجارية أحمد الوكيل في جوله تفقدية بسوق سليمان جوهر بالدقي ولأول مرة في تاريخ مصر يقوم وزير الغلابة بجولة بصحبة رئيس التجار وكأنهما يعلنان للجميع أن الغرفة التجارية استولت على وزارة التموين أو أن وزير التموين أصبح تابعا للغرفة التجارية رغم تضارب المصالح بين التجار وبين المستهلكين.
متحدث التموين: مسائل شخصية
طرحت "هافينغتون بوست عربي"، على محمود دياب المتحدث باسم وزارة التموين، سؤالا بسيطا: هل يسمح راتب الوزير بالسكن في فندق ودفع نحو 150 ألف جنيه شهرياً؟ فأجاب أن "راتب الوزير مثل أي موظف في الدولة ويطبق عليه قانون الحد الأقصى للأجور".
وأوضح أن الوزير ينفق على سكنه ومعيشته من ماله الخاص، وأنه بصفته متحدث الوزارة ليس له الحق في التدخل في حياة الوزير الشخصية.
ورداً على سؤال "من أين تلك الأموال خاصة بينما الوزير مجرد أستاذ أكاديمي سابق ولم يكن يوماً رجل أعمال"، قال متحدث الوزارة، إن "الرقم الذي ذكرته وسائل الإعلام عن سكن الوزير مغلوط ومبالغ فيه"، مكرراً "هذه مسائل شخصية لا يجب التحدث فيها".
وعن علاقة الوزير بأحمد الوكيل، رئيس اتحاد عام الغرف التجارية، أوضح "دياب" أنها علاقة عمل لا أكثر، ولا تخفى على أحد، مستخفاً بمن يردد أقاويل أن "الوكيل" هو من يدفع فاتورة الوزير.
الراتب: 32 ألفاً فقط!
وأعلن مجلس الوزراء، في بيان له عام 2015، أن الحكومة ملتزمة دستورياً بمبدأ تكافؤ الفرص وتحقيق التوزيع العادل لعوائد التنمية، وكذلك ملتزمة قانونياً بالحد الأقصى للأجور والتي لا تتجاوز 42 ألف جنيه شهرياً.
وأكد مجلس الوزراء، أن الوزير يحصل على إجمالى دخل من وزارته ومن مجلس الوزراء، لا يتجاوز 32 ألف جنيه شهرياً.
أزمات متلاحقة
ويواجه وزير التموين المصري الذي ظل محتفظًا بمنصبه منذ أكثر من عامين أزمات متلاحقة تزايدت وتيرتها مؤخرا، مما جعل بعض المواقع الإلكترونية المصرية تتحدث عن إمكانية إقالته.
خاصة في ظل غضب أعضاء البرلمان ومطالبتهم بسحب الثقة منه.
وبحسب صحيفة الوفد، فإن وزير التموين يواجه وحده سبعة استجوابات مقدمة ضده في مجلس النواب خلال الدورة البرلمانية الحالية، من أصل عشرة استجوابات، حول مافيا القمح والصوامع والفساد فى عمليات توريد القمح وإهدار المال العام، وتسهيل استيلاء الغير عليه، مما يهدد الأمن القومي المصري.
ووصل الأمر بالبعض للتشكيك في مؤهلات حنفي العلمية حيث قال النائب جلال عوارة، عضو لجنة تقصى الحقائق بالبرلمان إن وزير التموين غير حاصل على درجة الدكتوراه، وهو ما رد عليه دياب مؤكدا حصول حنفي، على درجة الأستاذية وليس فقط الدكتوراه وله العديد من الأبحاث المنشورة دولياً.
وواجه حنفي في مايو/أيار 2016 "أزمة الأرز" موجة من الغضب والاستياء الشعبي، بسبب تصاعد أزمة الأرز وارتفاع أسعاره، كما واجهت وزارة التموين اتهامات عديدة، أبرزها أن الوزارة تدار بمنظومة العمل من أجل رجال الأعمال، بسبب رفضها استلام الأرز الشعير من الفلاحين عام 2015 وتركهم للتجار، وعدم اتخاذ إجراءات لمراقبة السوق.
"فساد صوامع القمح"
إلا أن القضية الأخطر التي واجهت الوزير هي أزمة "فساد صوامع القمح" .
وكانت لجنة تقصي الحقائق المُشكلة من أعضاء البرلمان، قد أعلنت عن أن إجمالى العجز وصل إلى نحو 198 ألف طن قمح أي بما يعادل 557 مليون جنيه، وهو ما يمثل إهداراً للمال العام وتلاعبًا في الكميات الموردة.
وفي يونيو/حزيران 2016، أقام سمير صبري، المحامي بالنقض والدستورية العليا، دعوى مستعجلة أمام محكمة القضاء الإداري بطلب إلزام رئيس مجلس النواب بدعوة أعضاء مجلس النواب للانعقاد للنظر في سحب الثقة من وزير التموين.