فيما وصفوا المشكلة بأنها "قنبلة اجتماعية موقوتة"، طالب تربويون بـ "خطة طوارئ مستعجلة" لإنقاذ عشرات الآلاف من الطلبة، ممن لم يحالفهم الحظ في امتحان الثانوية العامة (التوجيهي)، والذين وصل عددهم على مدى الثلاثة أعوام الماضية بحسب تقديرات وزير التعليم العالي والبحث العلمي د. وجيه عويس، الى نحو 240 ألف طالب وطالبة.
واعتبر هؤلاء الخبراء التربويون في تصريحات لصحيفة "الغد" أن إيجاد خطة عمل وطنية تتبنى إيجاد مخرج للتوجه التقني "هو مسألة ضرورية وملحة"، داعين وزارة التربية والتعليم إلى تصنيف الطالب اعتبارا من الصف العاشر، إما إلى أكاديمي أو مهني، إلى جانب ضرورة سعي وزارة التعليم العالي إلى تهيئة البنى التحتية لجامعاتها لاستيعاب الطلبة في كليات تقنية.
وأشاروا الى أن عدم إيجاد حلول منطقية وعلمية "سيفرز مخرجات خطيرة على المجتمع"، محذرين من أن الحلول الجزئية ستراكم المشكلة، وأن الحل يجب أن يكون شاملا ويبدأ من وزارة التربية والتعليم مرورا بوزارة التعليم العالي وبمشاركة مؤسسات الدولة المعنية للخروج بالحل وإعداد الخطة.
وكان عويس قال في تصريحات صحفية امس، ان وزارته أعدت خطة متكاملة للتعامل مع الأعداد الكبيرة من طلبة الثانوية العامة الذين لم يتمكنوا من اجتياز الامتحان الوزاري، والذين بلغ عددهم، بحسبه، على مدى ثلاثة أعوام حوالي 240 ألفا، "تقوم على رعايتهم وتأهيلهم للعمل مباشرة بعد انخراطهم ببرنامج دبلوم في تخصص يختاره الطالب".
واضاف عويس، إنه تم تشكيل لجنة لدراسة المقترح من جميع جوانبه وتحديد كيفية تطبيقه بكفاءة لضمان تحقيق الهدف منه، ومن مهامها تحديد عدد الطلبة الذين يمكن قبولهم ضمن هذا البرنامج استنادا إلى مدى تحمّل البنية التحتية للكليات التي ستدعم البرنامج.
وقدر عويس ان البرنامج سيتمكن من انتشال 1000-2000 طالب في بدايته، وعددا أكبر في المستقبل إلى أن يتم استيعاب الحدّ الأقصى من الطلبة الذين لم يتمكنوا من النجاح.
ولم يتسن لـ"الغد" الاتصال بوزير التعليم العالي للحصول على توضيحات حول هذه الخطة، لكن وزير التربية والتعليم الأسبق وليد المعاني فرّق بين الدبلوم الاكاديمي والدبلوم التقني قائلا، "اذا تحدثنا عن دبلوم أكاديمي فهذا لن يحل المشكلة إطلاقا لأنه لن يوجه الطلبة للتخصصات المطلوبة بسوق العمل"، رائيا أن "الدبلوم التقني توجه حميد على الرغم من التأخر في إخراجه الى حيز الوجود، لكن المشكلة في كيفية استيعاب العدد الكبير من هؤلاء الطلبة".
وأشار بهذا الخصوص الى ان "جامعة البلقاء التطبيقية لم تعد قادرة على استيعاب الطلبة الذين يرغبون بالدراسة التقنية على مستوى الدبلوم لأن كثيرا من مقاعدها مشغولة بتخصصات تمنح شهادات اكاديمية بعضها غير تقني"، فيما هناك عشرات آلاف من الطلبة الذين رسبوا في امتحان "التوجيهي" ينبغي ايجاد حل لمشكلتهم قبل أن يصبحوا مشكلة في المجتمع.
وشدد المعاني على "ضرورة عمل خطة طوارئ تتبنى ايجاد مخرج للتوجه التقني لهذه الأعداد من الطلبة، وعدم ربط ذلك بالبنية التحتية أو القدرة الاستيعابية للكليات، فنحن بحاجة الى خطة طوارئ مستعجلة لتفادي مشاكل اجتماعية قد تحدث لهؤلاء الطلبة".
وتساءل المعاني عن سبب استنكاف آلاف من الطلبة الذين سجلوا لامتحان "التوجيهي"، والذين بلغت نسبتهم في النتائج الأخيرة حوالي 30 % من إجمالي المسجلين، رابطا ذلك بحسب اعتقاده بـ "قلة مبلغ رسوم الامتحان".
ودعا المعاني وزارة التربية والتعليم الى تصنيف الطلبة من الصف العاشر من خلال امتحان يقسم الطلبة الى الاكاديمي أو المهني، وعلى وزارة التعليم العالي ان تسعى الى تهيئة البنى التحتية لجامعاتها لاستيعاب الطلبة في كليات تقنية، مشددا على ضرورة توحيد جهود عمل هاتين الوزارتين.
من جانبه، أثنى وزير التربية والتعليم الأسبق فايز السعودي على توجه وزير التعليم العالي والبحث العلمي، بإعداد خطة متكاملة للتعامل مع الأعداد الكبيرة من طلبة "التوجيهي" الذين لم يتمكنوا من اجتياز الامتحان، تقوم على رعايتهم وتأهيلهم للعمل مباشرة من خلال برنامج دبلوم في تخصص يختاره.
وشدد على اهمية وجود برنامج متكامل يشارك في إعداده القطاع الخاص ووزارات العمل والتربية والتعليم والتعليم العالي ومؤسسة التدريب المهني والجامعات، معتبرا ان "رقم 240 ألف طالب فشلوا في التوجيهي قضية خطيرة وتؤثر على الأمن القومي، ذلك أنهم في مرحلة عمرية خطيرة اذا لم تستثمر الآن وتستوعب بطريقة ايجابية فسيشكلون خطرا على البيئة المجتمعية بشكل عام".
وإضافة الى الخطورة التي يشكلها هؤلاء الطلبة، أشار السعودي ايضا الى وجود 350 الف شخص جامعي عاطلين عن العمل، يشكلون مع طلبة التوجيهي الراسبين نحو نصف مليون شاب في مقتبل العمر يعانون من حالة نفسية سيئة وسيكونون عرضة لجذبهم من قبل المنظمات المتطرفة".
وبين ان "دور وزارة التريبة الحقيقي هو توجيه الطلاب وتأهيلهم للنجاح في الثانوية العامة"، محذرا من زيادة نسب الرسوب في التوجيهي، مشددا على ضرورة "ايجاد خطة وطنية يشارك فيها الجميع لأنه اذا لم يتم التعامل مع الوضع الحالي بشكل صحيح سيكون له مخرجات خطيرة على الجبهة الداخلية في الأردن".
من ناحيته، اعتبر وزير التربية والتعليم الأسبق ابراهيم بدران ان التأخر في حل المشكلات عنوان لتفاقم المشكلة وتعقدها، مشيرا الى انه "تم التطرق منذ أعوام الى ضرورة النظر للتعليم نظرة مختلفة من حيث مستوياته واتجاهاته".
وفيما دعا وزارة التعليم العالي الى إعداد خطة لتطوير كليات المجتمع لتصبح جاذبة للطلبة، لأن الإقبال عليها في تراجع، بالاضافة الى تقلص عددها، طالب بدران بضرورة التوسع في انشاء معاهد تقنية تكنولوجية متخصصة قادرة على استيعاب الطلبة لاسيما وأن سوق العمل لا يستطيع استيعاب هذه الأعداد من الطلبة.
ورأى بدران ان "علينا تحويل الاقتصاد الاردني الى اقتصاد صناعي لأن معدل نمو الاقتصاد الوطني بوضعه الحالي 2.4 % يوفر نحو 20 الف فرصة عمل سنويا فقط، ونحن بحاجة الى 80 الف فرصة عمل سنويا".
واشار الى ان "الحلول الترقيعية لن تحل المشكلة، وتطبيق برنامج الدبلوم التقني على عدد محدود يعني زيادة في اعداد الطلبة الراسبين، فلذلك لا بد من تبني جملة من الاجراءات المتكاملة من ضمنها اجراء يسمح لمن رسب بالثانوية العامة بإعادة الامتحان أكثر من مرة وفق ضوابط محددة".
وطالب بوضع برنامج سريع لتطوير كليات المجتمع والمدارس المهنية، وتنمية المحافظات بحيث يصبح فيها مشاريع انتاجية تولد فرص عمل، مشيرا إلى أن هناك 600 الف عامل أجنبي ينافسون العمالة المحلية، كما دعا الحكومة الى تشكيل فريق عمل لوضع خطة عملية تتناول مختلف البدائل والعمل بموجبها.