أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، أن لا توجه لتعديل المبادرة العربية للسلام مع إسرائيل، فيما قال إن فلسطين وباقي الدول العربية في مشاورات مستمرة لاختيار الوقت المناسب للتحرك من جديد في مجلس الأمن لاستصدار قرار يقضي بوقف كامل للاستيطان الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وأضاف شكري، في مقابلة مع تلفزيون فلسطين، بثها اليوم الاربعاء، "المبادرة العربية أطلقت منذ 2002، وهي مستقرة ومعتمدة من المجتمع الدولي، من خلال اطر متعددة في الامم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية، وهي مشار إليها بشكل منتظم في كافة المستندات والفعاليات المرتبطة بعملية السلام، وهي واضحة ومتسقة في تسلسلها من حيث اعتمادها الرئيسي على ان تكون نقطة الانطلاق في تفعيل عناصرها انهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة".
وتابع: هذه المبادرة قائمة ومعتمدة على مستوى القمة العربية، يعاد تأكيدها في إطار مجلس الجامعة العربية والقمم العربية المتتالية، وهناك أيضا اعتراف بها على مستوى المجتمع الدولي، لقيمتها باعتبارها تتناول كافة العناصر المرتبطة بالحل النهائي ومتسقة مع الرؤية الدولية والفكر الدولي المستقر".
وفيما يتعلق بالتوجه الفلسطيني والعربي المحتمل لمجلس الأمن بشأن الاستيطان، قال شكري "هناك تشاور دائم بين مصر، باعتبارها العضو العربي في مجلس الامن حاليا، والسلطة الوطنية لتداول التوقيت والاطار المناسبين للتحرك من خلال مجلس الامن، وهناك طرح مستمر على اجهزة الجامعة العربية، سواء على مستوى لجنة انهاء الاحتلال، او مجلس الجامعة، أو القمة، متصل بهذا الأمر، وهناك أفكار تتم بلورتها لضمان الحصول على قرار يحقق الحقوق العربية ويؤدي الى وقف كامل للاستيطان، ويحظى بدعم كامل من أعضاء مجلس الأمن ويكون قابلا للتنفيذ بشكل عملي بما يرفع الاعتداءات المستمرة على الشعب الفلسطيني".
وكان وزير الخارجية المصري وصل الى رام الله، اليوم الأربعاء، وأجرى مباحثات مع الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء رامي الحمد الله ووزير الخارجية رياض المالكي.
وقال شكري "كلفت من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن آتي إلى فلسطين لانقل من فخامته رسالة شفهية الى أخيه فخامة الرئيس محمود عباس، هي رسالة تضامن ودعم ومؤازرة لفخامته وللشعب الفلسطيني، وان مصر ستظل واقفة الى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق حتى يحقق حقوقه المشروعة كاملة، واقامة دولته وتكون عاصمتها القدس الشرقية".
وأكد ان "مصر لا تدخر جهدا في إطار العمل من أجل تحقيق المصلحة الفلسطينية، والحقوق الفلسطينية المشروعة، ونحن ننظر الى القضية الفلسطينية ليس فقط من منظور مؤسسات الدولة الرسمية، وإنما أيضا على مستوى الشعب المصري أجمع، الذي يتفاعل ويتعاطف ويتضامن مع أشقائه في فلسطين لاعتبار الاتصال والانصهار التاريخي بين الشعبين والاحساس بان مستقبلهم ومصيرهم واحد".
وأعرب عن سعادته بهذه الزيارة "لبلدي فلسطين، فنحن نشعر أننا في بلدنا وبين اهلنا واعتز بهذه الزيارة الاولي لي لفلسطين، واللقاءات التي عقدتها مع فخامة الرئيس عباس ودولة رئيس الوزراء، ووزير الخارجية، وهي تأتي في مرحلة نؤكد فيها دعمنا للشعب الفلسطيني واستمرار العمل من اجل مصلحته".
وجدد شكري دعم مصر للمبادرة الفرنسية منذ اطلاقها، مشددا على ان مصر كانت في تنسيق وثيق مع فرنسا لبلورة المبادرة مرورا بالإعداد للاجتماع الوزاري الذي عقد في باريس الشهر الماضي، وحاليا للإعداد للمؤتمر الدولي الخاص بالقضية الفلسطينية.
وقال: وفرت مصر فرصة لوزير الخارجية الفرنسي للاجتماع بلجنة إنهاء الاحتلال الاسرائيلي المنبثقة عن الجامعة العربية ليطرح الرؤية الفرنسية، وتفاعلت بشكل وثيق مع الجانب الفرنسي في إطار بلورة المبادرة والاعداد للاجتماع الوزاري الذي عقد في باريس، وتستمر مصر في التنسيق الوثيق مع الشريك الفرنسي من أجل ان تخرج نتائج جهوده بما يحقق المصلحة الفلسطينية وتؤدي وانهاء الصراع والعمل على إقامة المؤتمر الدولي. كل ذلك من خلال تنسيق وثيق مع فخامة الرئيس محمود عباس ووزير خارجية فلسطين رياض المالكي وكبير المفاوضين الفلسطينيين (أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير) صائب عريقات، لأننا نرى ان الدور الذي تضطلع به مصر هو دور مكمل للرؤية الفلسطينية إزاء تحقيق هدف انهاء الاحتلال وانهاء الصراع واقامة الدولة الفلسطينية".
وقال شكري إن المبادرة التي طرحها مؤخرا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تمثل رؤية مصرية شاملة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، عمادها إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وأوضح أن "الدعوة التي أطلقها الرئيس السيسي هي دعوة متكررة تحدث فيها بمناسبات عديدة، وهي رؤية تتعلق بتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، وإقامة الدولة الفلسطينية، وتحقيق الرفاهية والخير للشعب الفلسطيني، وهي رؤية تعزز حل الدولتين وتعزز اهمية التركيز على المخاطر التي تواجه الامن العربي خصوصا تلك التي تتعلق بالإرهاب، فمصر تعزز جهدها الدائم وتشاورها مع القيادة الفلسطينية وقدرتها على التواصل مع الأطراف الدولية، بما في ذلك مع إسرائيل، لتقريب وجهات النظر والعمل على طرح رؤية مشتركة تعزز من فرص انهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية".
وضاف، إن مصر في مشاورات دائمة مع الولايات المتحدة الأميركية، في مسعى لدفع عملية السلام الى الامام، مطالبا الولايات المتحدة بالاضطلاع بمسؤولياتها في هذا الاطار، وبما يتناسب مع كونها دولة عظمى.
وفي هذا السياق، اوضح شكري ان "المباحثات والمشاورات بين مصر والولايات المتحدة، وبيني وبين وزير الخارجية الاميركي جون كيري، مستمرة نظرا لتشعب العلاقات الثنائية، ولكن أيضا فان الحديث عن القضية الفلسطينية يتصدر دائما هذه المشاورات".
وأضاف: الولايات المتحدة شريك هام وفاعل، ودولة لها أسهامها في اطار دفع جهود السلام على مدى العقود الماضية، وتظل بحكم مركزها وقدرتها شريك لا بد من التفاعل الايجابي معه، ونحن نتداول في اطار تقييم العناصر المختلفة، والمبادرات المطروحة كالمبادرة الفرنسية، ومخرجاتها، وايضا الجهود المبذولة لاستئناف هذه المبادرة وتفعيل الشق الخاص بالمؤتمر الدولي، وأية افكار أميركية خاصة بتحريك عملية السلام".
وتابع وزير الخارجية المصري، إن الولايات المتحدة تعمل على دفع عملية السلام إلى الأمام وإنهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، "وكان لها هذا الحيز وهذا الجهد خلال الفترة الماضية، ونحن نؤكد في مشاوراتنا دائما أهمية ان تضطلع الولايات المتحدة بمسؤولياتها كدولة بهذا الحجم والثقل، وان تعزز من الرؤية المشتركة للمجتمع الدولي من خلال اللجنة الرباعية وقرارات مجلس الامن، والالتزام بقرارات الشرعية الدولية الخاصة بضرورة تحقيق حل الدولتين، والعمل على وقف الاستيطان، وتعزيز فرص السلام، وهذا امر نتشاور به مع الولايات المتحدة، وننقل الرؤية الفلسطينية ونعززها من خلال الرؤية المصرية المتوافقة معها".
وبخصوص مباحثات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مع وزير الخارجية الاميركي، في روما الاحد الماضي، قال شكري "حتى الآن لم نطلع على فحوى هذه المحادثات. ربما خلال الايام القادمة يكون هناك فرصة للتواصل والاطلاع على نتائج هذا اللقاء".
من جهة اخرى، أكد شكري أن مصر ستواصل مساعيها لتحقيق المصالحة الفلسطينية، بما يضمن استعادة السلطة الوطنية لمركزها كسلطة شرعية وممارسة كافة مسؤولياتها.
وقال "اطلعت خلال لقائي مع فخامة الرئيس عباس على جهود المصالحة الفلسطينية، ونحن دائما ندعم وحدة الصف الفلسطيني والتوافق بين كافة العناصر السياسية في المجتمع الفلسطيني، بما يعزز من القدرة على التفاوض والوصول الى النقطة التي نسعى اليها دائما وهي اقامة الدولة الفلسطينية".
واضاف: بالتأكيد كلما تعززت الوحدة الفلسطينية كلما استطاعت فلسطين أن تطرح رؤيتها ومكونات الحل الذي يرتضيه الشعب الفلسطيني بشكل أقوى ويؤخذ بعين الاعتبار، سواء من قبل المفاوض الإسرائيلي او من قبل الجهات الداعمة للمواقف الفلسطينية في المجتمع الدولي.
وشدد الوزير المصري على ان "اطار رفع الحصار عن قطاع غزة كان واضحا ومعتمدا من قبل مؤتمر القاهرة لإعادة اعمار غزة بعد العدوان الاسرائيلي الاخير، ويقضي بضرورة استعادة السلطة الوطنية لدورها وسيطرتها على معابر القطاع، واستعادة مركزها كسلطة شرعية توفر الخدمات للمواطنين في غزة كما في الضفة، وهذا مكون توافقت عليه أطراف المجتمع الدولي واعتمد في بيان القاهرة ويظل هذا هو العنصر الحاكم في هذا الامر".
واضاف: نحن نقدر جميعا معاناة الشعب الفلسطيني في غزة ونعمل على تذليل الصعاب، لكننا نعلم أيضا ان هناك توجه يعيق ذلك، وعلينا ايجاد المجال المناسب من خلال المصالحة واستعادة السلطة الوطنية لكافة مسؤولياتها في القطاع، بما يفتح المجال لتوفير الخدمات وإعادة الاعمار واتاحة المجال لتدفق المنح التي أقرت خلال مؤتمر القاهرة لمواجهة المصاعب التي يعانيها الشعب الفلسطيني في غزة.