يطل العالم خلال الأشهر الثمانية الأخيرة على نافذة العدوان على غزة، حيث يتم استهداف المدنيين وإجبار أهل القطاع على النزوح قسراً بتوثق عدسات الكاميرا وصور الأقمار الصناعية وعلى مرأى المنظمات الدولية.
شنت قوات الاحتلال عملية برية في رفح، استهدفت المناطق الشرقي، أبرزها: حي الشوكة، وحي الجنينة، وحي التنور ومنطقة حي البرازيل.
على اثر ذلك، رصد معد التقرير توجه النازحين إلى مواصي رفح، مواصي خان يونس، دير البلح والمحافظات الوسطى، إلا أن قوات الاحتلال استهدفتها خلال الأيام الماضية بالرغم من إعلانها مناطق آمنة.
اقرأ أيضاً : ساعة الحسم.. سيف "الجنائية الدولية" فوق رقاب قادة في تل أبيب - وثائق
يكشف تحليل خرائط وصور التقطت بالأقمار الصناعية أن ثلاثة أيام كانت كفيلة لاختفاء نصف الخيام تقريبا في رفح التي تؤوي نازحين.
وتظهر صور الأقمار الصناعية توسع رقعة الخيام للفلسطينيين النازحين في مخيم المواصي بالقرب من رفح بين الرابع من أيار(الصورة أعلاه) والخامس عشر من ذات الشهر(الصورة بالأسفل)، بسبب العدوان المستمر في قطاع غزة.
ووفقا لآخر بيانات صادرة عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بلغ العدد التقديري للنازحين من رفح حوالي 815,000، خلال تقريبا اسبوعين خلال السادس وحتى التاسع عشر من أيار/ مايو الجاري.
وبناءً على صور الأقمار الصناعية وجرائم الاحتلال الموثقة، أكد المحامي والمحكم الدولي إبراهيم الحنيطي في حديثه لـ"رؤيا" أن تل أبيب لا تمتلك دليلاً يسعفها في نفي جرائمها ومخالفتها لقرار المحكمة السابق، ولفت إلى أنه على "العدل الدولية" إصدار قرار يحمل الصيغة الآمرة التي تلزم تل أبيب بوقف إطلاق النار في غزة.
كل هذه الملفات والوثائق ستكون الجمعة بميزان العدالة الدولية، حيث ستصدر محكمة قرارًا مستعجلا باتخاذ تدابير احترازية، بناء على دعوى قدمتها جنوب أفريقيا، حول اتهامات وجهت لكيان الاحتلال بارتكاب جرائم حرب وابادة جماعية وضد الإنسانية.
وتحركت العدل الدولية، صاحبة الاختصاص بمساءلة دول على جرائم حرب، بشكل متوازي بشكاوى قدمتها كل من بنغلادش، بوليفيا، جزر القمر، جيبوتي، تشيك وبوليفيا.
التحذيرات الدولية من عواقب كارثية جراء اجتياح رفح لم تمنع الاحتلال وقف الهجوم على رفح جنوب قطاع غزة.
فمنذ بداية العدوان، أجبرت تل أبيب نزوح أكثر من 1.8 مليون من سكان غزة من منازلهم، خاصة من الأجزاء الشمالية من قطاع غزة، مدعية أن الجنوب أكثر أمانًا، ووفقًا لبيان الأونروا.
بالرغم من تنبيه جنوب افريقيا لمحكمة العدل الدولية، في السادس عشر من مايو الماضي، أن رفح جنوب قطاع غزة، هي آخر مكان آخر مكان لجأ إليه الفلسطينيون ودونها لن تعود الحياة للقطاع، يمعن الاحتلال استهداف وسط رفح بكثافة، وتوسع التوغل البري فيها.
ورجح الحنيطي أنه في سيناريو عدم مثول تل أبيب لأمر محكمة العدل الدولية، لا بد من اللجوء إلى منظمة الأمم المتحدة، والتي تحيل الأمر إلى مجلس الأمن. ويأتي ذلك وسط ترقب للدول التي يمكن أن تستخدم حق النقض "الفيتو" لمنع تنفيذ القرار أمميا.
وبين الحنيطي أن ذلك يؤدي إلى إحباط الثقة العالمية بالهيئة الأممية، وما يتنافى مع الغاية من تأسيسها.
كما لفت الحنيطي إلى حالة استثنائية في النظام الأساسي للأمم المتحدة، بموجب اتفاقية جنيف الرابعة عام 1949 التي تلزم الدول بحماية المدنيين وقت الحرب، ويمكن اللجوء إليه لتفعيل حالة الطوارئ و"تمكين الجمعية العامة من تجاوز مجلس الأمن وحل محله باتخاذ القرارات التنفيذية الملزمة دولياً وتشكيل قوة دولية لتنفيذ القرار بالقوة".
ويرى الحنيطي أن قرار محكمة العدل الدولية المستعجل قد يكلّف تل أبيب باتخاذ إجراءات محددة لمنع الإبادة الجماعية في غزة، مشيرا إلى توثيق القانون الدولي لجرائم الإبادة ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة.
وأعادت مشاهد النزوح المتكرر للفلسطينيين في القطاع المنكوب، إلى تهجير قرابة 800 ﺃﻟﻑ ﻓﻠﺴﻁﻴﻨﻲ، من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في الأراضي المحتلة عام 1948 من مدنهم وقراهم.
وبالرغم من ذلك، أصر رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على أنه لا توجد "كارثة إنسانية" في رفح، حتى مع موجة النزوح الجديدة التي شهدتها المدينة الواقعة جنوب القطاع.
وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أعلن أن نتنياهو لا يملك خطة ذات مصداقية لحماية نحو مليون و400 ألف مدني في رفح بين نازح ومقيم.