استضاف برنامج نبض البلد في حلقة مسجلة السفير الفلسطيني في لندن حسام زملط للحديث حول قراءة المشهد المتعلق بالمجريات الحاضرة في قطاع غزة.
وقال زملط إن العديد من السادة الغربيين يقولون إن "إسرائيل" ليس لديها خطة عسكرية أو خطة سياسية بعد انتهاء العدوان على قطاع غزة، إلا أن هذا كلاماً خاطئاً حيث أن "إسرائيل" لديها خطة منذ اليوم الأول وتتمثل في حرب إبادة جماعية وتنفيذ تطهير عرقي وتحويل غزة إلى مكان لا يمكن العيش فيه.
وأوضح أن تلك الأفعال هي من تفسر للعالم بأكمله أن ما جرى لم يكن صدفة أو بشكل عبثي إنما تقصد الاحتلال حياة الفلسطينيين، وهو ما أدى إلى قتل وإصابة 100 ألف فلسطيني، وتدمير 70% من مباني غزة واستهداف مجمل القطاع الصحي وكل القطاع التعليمي.
اقرأ أيضاً : من أطفال الأردن لأطفال غزة.. سنشد عضدك بأخيك - صور
وبين في حديث لـ"رؤيا" أن هناك 12 جامعة في قطاع غزة قام الاحتلال بتدميرها بالكامل مستخدمة القصف الجوي والمتفجرات، حيث فخخت الجامعات ووثقت جرائمها على الهواء؛ بحكم أن تدمير المدارس والجامعات والمستشفيات يندرج ضمن جرائم الحرب.
وأشار زملط إلى أن هذه الحرب تهدف أيضاً إلى التهجير القسري للفلسطينيين، وهذا ما يفسر بدء إسرائيل بتهجير أهالي قطاع غزة من شمالي القطاع إلى جنوبه، موضحاً أن الـ2 مليون فلسطيني الموجودون في رفح هجروا على مراحل متتالية ومنهم من هُجر لأكثر من ثلاث مرات.
وتابع:"إسرائيل عندما هجرتهم كانت تنوي أن لا يعودوا أبداً إلى منازلهم وأن لا يكون لديهم بيوت يسكنون بها أو مدارس يضعون أبناءهم بها ولا مستشفيات يحظون بداخلها على الرعاية الطبية".
واعتبر أن "إسرائيل" دولة أقيمت على أساس تطهير عرقي، والحمض النووي لهذا الكيان تطهيري إبادي ويمارسه الآن على مرأى ومسمع العالم بشكل غير مسبوق.
وحول ملف التهجير للفلسطينيين، قال زملط لـ" رؤيا"إن رفض مخطط التهجير فلسطيني بدايةً، حيث أن الشعب الفلسطيني هو خط الدفاع الأول والأهم ويملك ذاكرة جمعية وعلى دراية واسعة بمخططات الكيان.
وأضاف:"في عام 1948 عندما جاءت الجيوش العربي كان يؤمن الفلسطيني أن المسألة لن تستغرق سوى أسبوعين إلى ثلاثة، حيث كان يعتقد جدي أنهم بمغادرتهم لمكانهم بعد قدوم الجيوش العربية سيحمي عائلاتهم وأن الأمر لن يستغرق سوى أسبوعين قبل العودة إلى الأرض والمنازل".
وأكد أن الشعب الفلسطيني اليوم بات مدركاً أن من يخرج لن يعود ويعرف ويلات اللجوء وأن المشروع الإسرائيلي استبدالي احتلالي، موضحاً أن الرفض الفلسطيني في الضفة وغزة وكافة المناطق هو الحامي الأول.
وأوضح أن الشعب الفلسطيني يفضل الموت والشهادة والدفن على أرضه بدلا من التهجير وترك الأرض للاحتلال.
زملط علق على نتنياهو وحكومته المتطرفة، مبيناً أنها حكومة مسعورة ومتطرفة وعقائدية ولا تريد وقف العدوان؛ لأن نتنياهو على علم مسبق بأن اللحظة التي سيتوقف بها عدوانه على الشعب الفلسطيني سيواجه في اليوم التالي المحكمة.
وأكد أن نتنياهو بات اليوم أخطر شخصاً على الأمن والسلم العالميين؛ لأنه يدافع بعدوانه على القطاع عن شخصه من المحاكمة.
كما واعتبر أن المركب الأيدولوجي الموجود في الحكومة الإسرائيلية خطير، ويرى الوقت الحالي فرصة مواتية لتنفيذ مخططه الأيدولوجي وتنفيذ التطهير العرقي ومن ثم إقامة دولة إسرائيل الكبرى.
وبين أن الشعب الفلسطيني لديه اليوم ثلاث خيارات، فإما أن يقبل أن يعيش تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي للأبد، أو يهجر أو يقتل، وهذا ما نشره وزير المالية في حكومة الاحتلال بتسلئيل سموتريتش في العام 2017 وعلى خطته تم انتخابه ليغدو وزيرا في الحكومة.
ونوه إلى أن السواد الأعظم من المجتمع الإسرائيلي يؤيدون استمرار الحرب ولهذا عرض على الاحتلال الكثير من المبادرات والاتفاقيات من أجل وقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين والأسرى إلا أن الاحتلال ظل يرفضها.
وحول رأيه في إمكانية التوصل إلى هدنة في وقت قريب، قال زملط إن هناك ضغوطات كبيرة من الإقليم ومن المجتمع الدولي للتوصل إلى وقف إطلاق نار خصوصا قبل الدخول إلى شهر رمضان المبارك لأن جزء من هذا العالم يعلم أنه في حال بدء شهر رمضان سيكون المشهد مختلفاً.
ودعا إلى عدم إهمال ما يحدث في الضفة الغربية حيث يعيب المستوطنين في الأرض فسادا، ويؤدون إرهاباً ممولا ومدعوما ومغطى من دولة تمارس الإرهاب.
وقال إن العالم يعلم أن القدس هي المركز عند الشعب الفلسطيني والنقطة التي يهب فيها الشعب الفلسطيني، ويتذكرون ما جرى في هبة الشيخ جراح قبل سنتين أو في هبة البوابات أو هبة الإنتفاضة الثانية، ما يعني أن القدس هي الخط الأحمر.
وتابع: "في حال ذهبنا إلى رمضان بهذه الهمجية البربرية الإسرائيلية وما يحصل للأهل في غزة أو ما يحصل من تضييق في الضفة الغربية أو ما يفعله بن غفير ومنع الفلسطينيين من دخول المسجد الأقصى في رمضان فإن هذه الأفعال تمثل تركيبة لمستوى جديد من الاجرام ومن العدوان على الشعب الفلسطيني، لذلك بتنا نشاهد نقاشاً حقيقيا للتوصل إلى هدنة يتبعها وقف لإطلاق النار.
وفيما يتعلق بقرارات محكمة العدل الدولية اعتبر أن المحكمة حكمت بشكل واضح في جزئيتين الأولى حول التدابير المؤقتة وفي جزئية اتهام الاحتلال بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.
وأوضح أنها حكمت في الشق الأول لصالح جنوب إفريقيا وأن على الاحتلال وقف قتل الفلسطينيين ووقف تدمير ممتلكات الفلسطينيين من بيوت ومدارس وجامعات، كما على الاحتلال إمداد وتوفير المساعدات الإنسانية، إضافة إلى عدم التلاعب بالأدلة وتقديم تقرير حول اجراءاته لمنع وقوع الإبادة.
ويشار إلى أنه وفقاً للقانون الدولي فإن الاحتلال العسكري ليس له أية حقوق بل عليه مسؤوليات، ومن هذه المسؤوليات توفير الحماية للشعب وتوفير الخدمات كالتعليم والصحة وغيرها.
وأكد زملط أن الاحتلال خالف كل تلك المطالب، بل وقتل جيشه بمعدل 100 فلسطيني في كل يوم داخل قطاع غزة ونسف البنى التحتية ومنع المساعدات.
وبين أن محكمة العدل الدولية على دراية بقيام الاحتلال بخرق قراراتها، وهذا ما يدعونا لانتظار قرارات المحكمة.
أما فيما يتعلق بالجزئية الثانية المتعلقة بارتكاب الاحتلال لإبادة جماعية فإن المحكمة أقرت بمشروعية وأهلية القضية التي تقدمت بها جنوب إفريقيا، ما يعني أن التهمة على الاحتلال لديها وجه حق، وبالتالي فقد وضعت المحكمة الاحتلال بشكل رسمي في دائرة الاتهام بجريمة الإبادة الجماعية وستحاكم إسرائيل بهذا الشأن.
وقال إن ما جرى في المحكمة يمثل أهم خطوة على طريق المحاكمة الدولية للاحتلال منذ نشأته كدولة "مارقة" وفق تعبيره، مشيراً إلى أن جنوب إفريقيا يجب أن تعلم كل الدول حيث أنها لم تقم بذلك حماية للشعب الفلسطيني بل قامت بذلك تنفيذا لإلتزاماتها كدولة متعاقدة في القانون الدولي.
وتابع: "منذ السابع من أكتوبر انكشف النظام الدولي وأن المنظومة الغربية توظف النظام الدولي فقط ضد أعدائها ولا توظفها ضد أصدقائها وحلفائها، حيث أن الأمر عندما يتعلق الامر بأوكرانيا يتم مباشرة محاولة محاسبة روسيا لكن عندما يتعلق الأمر بفلسطين فإن إسرائيل لها الاستثناء".
وأشار إلى أن هذا التمييز والنفاق انكشف لكل الشعوب بما فيها شعوب الغرب الذي نراه على الشاشات في الميادين رافضا وغاضبا.
واعتبر أن الغرب هو الملام فيما يجري فهو من انشئ هذا الكيان وبلفور هو من حولنا كفلسطينيين نملك تاريخا عريقا إلى اقليات غير يهودية ولغى عنا صفة الشعب ومن ثم جاء انتدابهم لتحضيرنا للاستقلال إلا أنهم حضروا الفلسطينيين لنكبة عام 1948.
وشاهد العالم قاطبا وقوف الإعلام الغربي إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي ودعاياته مع اطلاق المقاومة الفلسطينية لمعركة "طوفان الأقصى".
زملط قال إن الإعلام الغربي بدأ من نقطة سيئة جدا ومتدنية أخلاقيا بالنسبة في بدايات عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة؛ ولعب دوراً كاملاً لإنشاء دعاية للاحتلال.
وأوضح أن النسق العام تبنى بالكامل الدعاية الخاصة بالاحتلال، فإسرائيل ليس لديها سردية ولا خطاب إنما تملك دعاية كاذبة ومزيفة وملفقة.
وبين أن أهم منابر الإعلام الغربي نشرت أكاذيبا إسرائيلية في البدايات مثل قتل 40 رضيعاً وغيرها، مشيراً أن ذلك الإعلام وضع الفلسطيني منذ البداية في خانة الدفاع وأنه الإرهابي.
واستذكر خلال حواره السؤال الذي طرحه الإعلام الغربي على ضيوفه، مرددا جملة:"هل تدين حماس؟".
وقال زملط إنه رفض ذلك بشكل واضح لأنه يعتبر بأن حركة حماس جزء من المكون الوطني والسياسي والاجتماعي للشعب الفلسطيني، كما ونرفض وصف أي جهة فلسطينية بالإرهاب منذ بداية النضال الفلسطيني.
وأشار إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية هي من أوقفت قرارا أمريكيا في الأمم المتحدة دعا إلى تصنيف حركة حماس كجهة إرهابية عام 2018.
وتاليا بقية حوار سفير فلسطين في لندن حسام زملط مع "رؤيا" عبر برنامج نبض البلد: