دعا خبراء إلى إنشاء المزيد من مراكز علاج إدمان المخدرات في المملكة على مساحات واسعة وضمن أسس ومعايير معينة؛ لضمان توفير الرعاية اللازمة وبالنجاعة المطلوبة.
وتضع الدولة الأردنية جل امكانياتها في سبيل محاربة انتشار المواد المخدرة في المجتمع، وتسعى إلى خفض نسبة متعاطي المواد المخدرة والمدمنين عليها من خلال توفير مراكز لعلاج الإدمان، بشكل مجاني للمرضى الذين تورطوا في تناول هذه المواد.
وتعمل مراكز علاج الإدمان على توفير الرعاية الطبية لمدمني المواد المخدرة ضمن مراحل، وصولاً إلى التعافي وإعادة تأهيل المريض، للانخراط مجددا في المجتمع، إلا أن هذه المراكز لا تعد كافية وبالنجاعة المطلوبة لتوفير الرعاية لكافة المرضى، وفق خبراء.
تنص المادة 9 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية في الأردن لسنة 2016 أعفى المدمن من العقوبة إذا اعترف بنفسه وطلب العلاج، ولا تقام دعوى الحق العام على المتعاطي للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية أو المدمن عليها إذا تقدم بنفسه أو بواسطة أحد أقاربه قبل أن يتم ضبطه من قبل الأجهزة الأمنية.
ويوجد في المملكة أربع مراكز لعلاج الإدمان، منهما مركزان حكوميان في العاصمة عمان، ومركزان خاصان، توفر هذه المراكز الرعاية الطبية لعدد من المرضى، حيث يكون العلاج مجانياً للأردنيين في المراكز الحكومية وبمبالغ رمزية لغير الأردنيين، بينما تكون تكلفة العلاج باهظة الثمن لغالبية المجتمع في المراكز الخاصة.
وفيما يتعلق بالمراكز الحكومية فهما "مستشفى المركز الوطني لتأهيل المدمنين" التابع لوزارة الصحة، يحتوي على برنامج إقامة، حيث يقيم فيه المريض لمدة 60 يوماً أو اقل، وفقا لحالته المرضية، ويتابع علاجه من خلال مراجعات دورية لطبيب متخصص في العيادات الخارجية.
كما ويوجد "مركز علاج الإدمان - عرجان" التابع لمديرية الأمن العام، ولا يستقبل سوى المدمنين الذكور، حيث يتلقى المريض العلاج وفقا لبرنامج إقامة يعتمد على حالته المرضية ونوع المادة المتعاطية.
ويوفر المركز إمكانية مراجعته من قبل المريض، او من خلال إرسال فريق لإحضاره إلى المركز بطلب منه أو من ذويه.
ومر المركز بمراحل تطوير وتوسعة منذ إنشائه عام 1993، حيث بات اليوم يحتوي على 170 سريرا، ويشرف عليه كادر متخصص من إدارة مكافحة المخدرات على درجة عالية من القدرات المهنية والعلمية.
وتعرف المخدرات على أنها: "كل مادة خام، أو مستحضرة تحوي عناصر مهدئة، أو منبهة أو مهلوسة إذا ما استخدمت لغير الأغراض الطبية؛ فهي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي، وتؤدي إلى إحداث خلل كلي أو جزئي في وظائفه الحيوية، وتجعل المتعاطي يصاب بحالة من الوهم ومن الخيال بعيدا عن الواقع، وتؤدي إلى إصابته بالإدمان أو التعوّد".
ويرى الخبراء في مجال تعاطي المواد المخدرة أن مراكز علاج الإدمان الموجودة في المملكة غير كافية، ولا تلبي المتطلبات العالمية اللازمة لتوفير الرعاية الصحية الملائمة للمرضى.
الخبير في مكافحة المخدرات ورئيس مركز علاج المدمنين السابق العقيد المتقاعد فواز المساعيد قال لـ"رؤيا" إنه لا يوجد ما يمنع من إقامة مراكز علاجية في الشمال والجنوب والوسط سوى سوء اتخاذ القرار ونقص التمويل.
ودعا إلى ضرورة وجود مراكز علاجية تستقبل المرضى على مدار الساعة وليس في أوقات محددة.
وأكد أننا في الأردن نحتاج على الأقل لثلاث مراكز تتوزع على جغرافيا البلاد من الشمال إلى الجنوب، مبيناً أن تلك المراكز في حال انشائها يجب أن تكون بعيدة نسبياً عن المدن المكتظة وأن تبنى على مساحات واسعة من الأرض.
وأوضح أن المراكز العلاجية يجب أن يتوفر بها أماكن للزراعة والسباحة، عدا عن الملاعب الرياضية والمناطق التثقيفية؛ لتفريغ الطاقات السلبية لدى مدمني المواد المخدرة.
ويشار إلى أن مركز علاج الإدمان التابع لمديرية مكافحة المخدرات يضم مراكز رياضية ويحتوي على برامج ثقافية تعزز مواهب المريض، عدا عن توفيره مكتبة تضم أكثر من ألفي كتاب".
وفي ذات السياق أكد مدير مركز سواعد التغيير عبدالله حناتلة، وهو مؤسسة تعنى بالحد من اضرار المخدرات على أهمية وجود مساحات شاسعة من الأرض داخل مراكز علاج الإدمان في الأردن.
وقال لـ" رؤيا"إنه يجب تنفيذ برامج زراعة الأراضي للمرضى، وبرامج تفريغ الطاقات السلبية لدى المدمنين على المواد المخدرة؛ لضمان الحصول على نتائج علاجية متقدمة وناجعة.
ومن الضروري استمرار محاولات مكافحة انتشار المواد المخدرة داخل المجتمع؛ لضمان تقليل نسب تعاطي تلك المواد.
وحول سبل الحد من انتشار المواد المخدرة افاد حناتلة يجب حصول تكاتف بين مختلف الجهات الرسمية بالدولة، ومؤسسات المجتمع المدني والمجتمع ذاته.
وأوضح أن الأطفال باتوا اليوم يغيبون عن أسرهم بشكل أكبر، من الحضانات إلى المدارس ومن ثم الجامعات، حيث أن الجهات التي تدخل في عملية تشكيل وعي الفرد باتت كبيرة.
وأشار إلى أن مسؤولية الدولة في هذا الأمر تتمثل في تقليل نسب البطالة والحد من الفقر والعمل على إنشاء مناطق تسهم بملأ أوقات الفراغ لدى الشباب.
وأكد أن التكاملية بين المؤسسات الدينية والرسمية والمدارس والجامعات مهمة؛ لتعلب كل واحدة منهم دورها كمؤسسة مجتمعية.
ودعا إلى زيادة خطط التوعية من خلال توفير وجبات توعوية متنوعة، كل وجبة تناسب فئة عمرية معينة، من الأطفال إلى الشباب وكبار السن؛ على أن تلامس كل وجبة عمر الفئة المستهدفة وتطلعاتها.
ويعرف الإدمان بأنه: "تكرار تعاطي المادة المخدرة التي تصاحبها رغبة جامحة بالحصول على المادة، وميل مستمر لزيادة الجرعة، وعند الانقطاع المفاجئ يصاب المدمن بأعراض انسحابيه خطرة قد تؤدي إلى الوفاة".