دعا أستاذ الإعلام في معهد الإعلام الأردني، جاد ملكي، إلى ضرورة تبني نظرية إعلامية جديدة، أسماها بـ"نظرية الإعلام المقاوم".
واستعرض ملكي في ندوة حوارية في معهد الإعلام الأردني، بعنوان "الحقيقة.. حماية الصحفيين والحفاظ على الحقيقة"، بنود نظرية إعلامية من خلال استنزاف العدو معنويا وتوحيد الجبهات الداخلية.
عمليا، اقترح استاذ الإعلام، تطوير مهارات الصحفيين الجديدة، والعمل من خلال مجموعات صحفية صغيرة، وبأسماء مختلفة واستعمال أدوات إعلامية خفيفة لضمان وصول الرسائل الإعلامية من كل مكان.
اقرأ أيضاً : سياسيون: اليوم التالي في غزة سيكون شائكا سياسيا
وعرض ملكي مجموعة مهارات تكنولوجية على الصحفيين امتكلاكها، كتحيير الخوارزميات وتكثيف النشر على جميع المنصات الاجتماعية، إضافة إلى تركيز الرسائل الإعلامية على الحرب الكبرى.
وقالت مؤسسة المعهد سمو الأميرة ريم علي، خلال افتتاح الندوة الحوارية "إن أكثر ما يبعث على القلق في استهداف الصحفيين الذي نشهده في غزة هو محاولة منع العالم من معرفة حقيقة ما يجري في القطاع منذ السابع من شهر تشرين الأول الماضي، خاصة وأن أعداد الضحايا من الصحفيين هناك هو الأعلى مقارنة مع أي نزاع آخر في العالم خلال هذه المدة الزمنية القصيرة".
وأكدت سموها أن أعداد الناس في المسيرات الشعبية في شوارع لندن وباريس ونيويرك وبروكسل والعديد من العواصم حول العالم هي نتاج لتقارير صحفية على وسائل الإعلام التقليدية ومنصات التواصل الاجتماعي.
ولفتت سمو الأميرة ريم علي إلى دعم جلالة الملك عبد الله الثاني بتقديم منحة دراسية سنوية باسم الصحفية شيرين أبو عاقلة منذ العام الماضي في معهد الإعلام الأردني الذي يطور برامج أكاديمية تطبيقية بمعايير دولية، ويضم أكاديمية معلوماتية ومنصة للتحقق الصحفي ما يسهم بالفصل بين الوقائع والخيال.
من جهتها، بينت الاستاذة المشاركة في دراسات الإعلام والصِّحافة بالجامعة الأميركية في الشارقة، عبير النجار، أنَّ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لم يبدأ يوم السابع من تشرين الأول الماضي، لكنه ممتد عبر أكثر من 7 عقود، شعر فيها الفلسطينيون بالتحيز الكبير للرواية الإسرائيلية، وكان الأمر مرتبطا دائما بخصائص التغطية المختلفة.
وأكدت أن التغطية الصحفية المتحيزة تستخدم أدوات عدة، كاختيار الحقائق والتأطير وخيارات اللغة، والتي تؤدي إلى الانحياز بشكل واضح للطرف الاسرائيلي، لافتة إلى أن سبب ذلك ما يجري في غرف الأخبار، وفي الوقت ذاته هناك وعي متنامٍ ونقد مستمر والعودة مرة أخرى للمعايير الأساسية الأولى التي تحافظ على نزاهة الصحفيين والمهنة.
وأشار منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحافيين شريف منصور، إلى أن اللجنة طالبت بتحقيق علني وسريع في قتل الصحفيين، وأن هناك حالات استهداف وقتل مباشر تم توثيقها، وحالات تهديد بالاستهداف قبل وأثناء هذه الحرب.
وأكد الصحافي المتخصص في الشؤون الدولية جيم كلانسي، أنَّ كل صحفي يغطي الحروب يعرف شعور التهديد والرعب، وأنه لم يشهد من قبل استهدافاً للصحفيين بشكل علني إلا فيما يجري حالياً في غزَّة فحتى عائلات الصحفيين والإعلاميين هم هدف للنار.
ولفت إلى أنه يجب إظهار الحقيقة وملاحقة من يستهدف الصحفيين، ويمكن القيام بعدد من الأمور لدعم الصحافيين من بينها الدعم المعنوي والأخلاقي خاصة من قبل المنظمات الدولية، بالإضافة إلى الدعم الاقتصادي ودعم الحقيقة وعدم تبني الروايات غير الحقيقية.
وأوضح الأستاذ المشارك في دراسات الإعلام والصحافة في الجامعة اللبنانية الأميركية جاد ملكي، أنَّ الاحتلال الإسرائيلي يستهدف الإعلاميين والصحفيين وأن الحرب الإعلامية مع الاحتلال مفتوحة.
وأكدت عضو إدارة المعهد والمديرة التنفيذية في قناة المملكة دانا الصُّياغ، أنَّ الدعم النفسي مهم في كل وقت لمراسلي الميدان، لكن الأمر في غزة كان أكثر صعوبة ومختلف جدا، ما دعا الجميع إلى تطوير أدواته وبذل أقصى الجهود لدعم المراسل الصحفي، خلال ما جرى ويجري في غزَّة فإنَّ الامر لم يكن متوقعًا بهذا الحد المؤلم.
وأكد الباحث في حقوق الانسان علاء قاعود، أنَّ الجميع يُقدِّرون الدور المحوري الذي تقوم به الصِّحافة، وكلما استطعنا الابقاء على حماية الصحفيين يكون بإمكاننا الاطلاع على الواقع والحقائق من كل ميادين الأحداث، مضيفا أنَّ الصِّحفيين ووسائل الإعلام في غزة قاموا باطلاع العالم وبشكل مباشر على الفظائع التي وقعت في قطاع غزة.
وقال مراسل ومقدم الأخبار في تلفزيون "إم تي في" اللبناني نخلة عضيمي، إن عمرًا جديدا كتب له بعد استهدافه بصاروخين في جنوب لبنان خلال الأحداث الأخيرة وتحديدا في بلدة يارون، واصفا حجم الخطورة التي يتعرض لها الصحفي في الحروب، وأنَّ أول الاحتياطات اللازمة هو ضمان الحياة والبحث عن المكان الآمن، وأن رسالة الصحافة هي نقل الحدث ولا يمكن الإجابة بكلمة لا ورفض عملية التغطية.
وتخلل النقاش رسالتان مسجلتان من المراسلة الميدانية بقناة الجزيرة في قطاع غزَّة يُمنى السيد، والمراسل الميداني في قناة المملكة باسل العطار عرضا فيهما معاناتهما في تغطية الحرب على غزة، حيث بينت السيد شعورها بأن كل شيء مستهدف من مدارس ومستشفيات وصحافيين وأطفال ونساء، وأن الواجب الأخلاقي كان يفرض عليها عدم مغادرة عملها ونقل أدق التفاصيل.
ولفت العطار إلى أن الصحفي في غزة بلا مكان يقيم به أو يقف فيه، وأن النوم كان في الطرقات، مبينا أن إسرائيل قطعت الاتصالات لست مرات متتالية، ما أعاق نقل الرسائل الصحفية، ومما دعاه إلى استحداث طرقا للحديث دون سماع القناة ومذيعها في الجانب الآخر، وأنَّه حاول بكل الطرق إيصال الصوت والصورة دون انقطاع، وظهر على الهواء مباشرة لمدة 73 يوما.
وأشار رئيس مركز حماية وحرية الصحافيين نضال منصور، إلى أنَّ قتل الصحفيين في قطاع غزَّة والضِّفة الغربية يتم بطريقة بشعة، ويتم اعتقال آخرين وتجريدهم من ملابسهم، ليضافوا إلى قائمة طويلة من استهداف آلاف من المدنيين.
وبين أنَّ قانون القوة يسود على القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان، وأن هناك عجزا في تطبيق الميثاق الخاص بحقوق الإنسان، وإفلات اسرائيل من القانون ليس وليد اللحظة بل مستمر منذ زمن طويل، وأنها دولة فوق القانون ولا أحد يُسائلها.
وقال نائب الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين تيم دوسن، إن الصحفيين يمرون بأوقات صعبة خاصة في غزة، حيث لا يترك القصف الجوي والبري والبحري والقناصة لأحد مساحة آمنة ينجو بها من الموت.
وقد تكونت الجلسة النقاشية التي امتدت لثلاث ساعات من ثلاثة محاور رئيسة شملت إسكات الصحفيين، وعبء الكشف عن الحقيقة، والإفلات من العقاب في قتل الصحفيين.