فيما أجمع سياسيون وتل أبيب على ضرورة إسقاط سيطرة حكم حماس على قطاع غزة، اعتلت الأصوات مؤخرا التي نادت بضرورة إعادة السلطة الفلسطينية إلى الحكم برعاية إقليمية ودولية، كشفت وثيقة مسربة أن وزارة الاستخبارات لدى الاحتلال أوصت باحتلال قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين إلى سيناء.
وجاءت التوصية في سياق سيناريوهات التعامل العسكري مع قطاع غزة في الحرب، لضمان أمن المستوطنين في مستوطنات غلاف غزة، حيث جرى صياغة البدائل في وثيقة مكونة من 10 صفحات حملت تاريخ الثالث عشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وتتمحور التوصيات التي صاغتها وزارة الاستخبارات حول البند الخامس من الوثيقة الذي يضم 3 بدائل تمت مناقشتها وفحصها وهي:
البديل (أ): الإبقاء على السكان في غزة وإعادة حكم السلطة الفلسطينية.
البديل (ب): الإبقاء على السكان في غزة وإنشاء حكم عربي محلي.
البديل (ج): إجلاء السكان من غزة إلى سيناء.
أما البند السادس للوثيقة، فيستعرض الفحص المعمق للبدائل الثلاثة التي أجراها طاقم الوزارة والخلاصات التي يمكن استنتاجها، فالبند (أ) المتعلق بالبديل (ج) المتعلق بالاحتلال والتهجير، هو البديل الذي سيفضي إلى نتيجة استراتيجية إيجابية وطويلة الأمد بالنسبة لتل أبيب، عبر تهجير المدنيين الفلسطينيين من غزة باعتبارها النتيجة المرجوة من الحرب، بحسب ما جاء في الوثيقة.
ويعتقد معدو الوثيقة أن البديل (ج)، الذي يوصي بإعادة احتلال غزة وتهجير سكانه إلى سيناء، يمكن تنفيذه، لكنه بحاجة إلى موقف حازم من قبل المستوى السياسي قبالة الضغوطات الدولية، مع تأكيد ضرورة ضمان دعم الولايات المتحدة ودول أخرى مناصرة لتل أبيب.
وتناول البند (ب) التفسيرات بشأن البدائل (أ) و(ب)، التي تعاني من عيوب جوهرية، خصوصا بكل ما يتعلق بالتداعيات الإستراتيجية لهذه البدائل وعدم الجدوى والنجاعة على المدى البعيد.
الوثيقة تدعو للترويج بأن ترحيل سكان غزة خطوة ضرورية ستؤدي إلى سقوط عدد أقل من الضحايا.
أما بخصوص البند (ج) يتعلق بالبديل (أ) الذي يوصي بالاحتلال والتهجير للفلسطينيين، خلصت الاستنتاجات إلى أنه يحمل في طياته أخطارا كثيرة.
وأقرت الوثيقة أن الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة يمنع إقامة دولة فلسطينية، وبالتالي فإن إدخال السلطة الفلسطينية إلى غزة هو البديل الأخطر من بين البدائل الثلاثة، لأنه قد يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية.
وجاء في الوثيقة "من المستحيل أن تكون نتيجة الهجوم المفاجئ لحماس بالسابع من تشرين الأول/أكتوبر، انتصارا غير مسبوق للحركة الوطنية الفلسطينية وتمهيد الطريق لإقامة دولة فلسطينية".
وقدرت الاستنتاجات أن مثل هذا الانتصار عبر المصالحة وإعادة السلطة للحكم بالقطاع سيطيل أمد الصراع، وسيكلف الآلاف من الخسائر، ولا يضمن الأمن لتل أبيب.
وأوصت وثيقة وزارة الاستخبارات بتنفيذ ما وصفته "عملية نقل كاملة لجميع سكان قطاع غزة إلى شمال سيناء"، باعتباره الخيار المفضل بين البدائل الثلاثة التي تطرحها الوثيقة، فيما يتعلق بمستقبل الفلسطينيين في القطاع عقب نهاية الحرب.
كما توصي تل أبيب بالتحرك "لإجلاء سكان غزة إلى سيناء" خلال الحرب، عبر إقامة مدن خيام ومدن جديدة في شمال سيناء، تستوعب السكان الفلسطينيين الذين سيتم تهجيرهم من القطاع، وبعد ذلك "إنشاء منطقة عازلة معمقة لعدة كيلومترات داخل مصر، وعدم السماح للفلسطينيين بالعودة أو الإقامة قرب الحدود".
المرحلة الأولى: يجب إجلاء سكان غزة إلى الجنوب، في حين ستركز ضربات سلاح الجو للاحتلال على الجزء الشمالي من القطاع.
المرحلة الثانية: سيبدأ التوغل البري لجيش الاحتلال إلى غزة، مما سيؤدي إلى احتلال القطاع بأكمله من الشمال إلى الجنوب، والعمل على ما وصفته بـ"تطهير الأنفاق والمخابئ تحت الأرض من مقاتلي حماس".
في الوقت نفسه الذي يحتل جيش الاحتلال فيه قطاع غزة، سينتقل مواطنو غزة قسرا إلى الأراضي المصرية ويغادرون القطاع، ولن يسمح لهم بالعودة إليه بشكل دائم، حيث جاء في الوثيقة "من المهم ترك الممرات باتجاه الجنوب صالحة للاستخدام، مع السماح بإجلاء السكان المدنيين باتجاه رفح".
وتقترح وزارة الاستخبارات الترويج لحملة مخصصة للفلسطينيين في غزة من شأنها "تحفيزهم على الموافقة على الخطة، وجعلهم يتخلون عن أراضيهم"، بحسب ما نصت عليه التوصيات في الوثيقة بشأن الاحتلال والتهجير.
وبخصوص الرسائل المشمولة بحملة الترويج لدفع سكان القطاع إلى الهجرة، تقول الوثيقة "يجب أن تتمحور الرسائل حول خسارة الأرض، أي توضيح أنه لم يعد هناك أمل في العودة إلى الأراضي التي ستحتلها تل أبيب في المستقبل القريب، سواء كان ذلك صحيحا أم لا".
كما ورد في الوثيقة أنه على حكومة الاحتلال أن تقود حملة عامة للترويج لخطة "الترانسفير" بالعالم الغربي، التي سيتم فيها الترويج لترحيل السكان من غزة على أنه خطوة ضرورية إنسانيا، لأنها ستؤدي إلى "سقوط عدد أقل من الضحايا بين السكان المدنيين مقارنة بالعدد المتوقع للضحايا ما لم يتم التهجير".
وتزعم الوثيقة أن نموذج الحكم العسكري لتل أبيب والحكم المدني للسلطة الفلسطينية، كما هو موجود في الضفة الغربية، من المتوقع أن يفشل في غزة، "لا توجد وسيلة للحفاظ على احتلال عسكري فعال في غزة إلا على أساس وجود عسكري ومن دون استيطان".
أما البديل المتعلق بتشكيل قيادة عربية محلية تحل مكان حماس، فهو غير مرغوب فيه بحسب الوثيقة، لأنه لا توجد حركات معارضة محلية لها، وقد تكون القيادة الجديدة أكثر تطرفا، "إن السيناريو المحتمل ليس تغييرا في التصور الأيديولوجي، بل إنشاء حركات إسلامية جديدة، وربما أكثر تطرفا"، تقول الوثيقة.
وخلصت الوثيقة إلى القول "إذا بقي السكان الفلسطينيون في القطاع فسيكون هناك العديد من القتلى الفلسطينيين أثناء الاحتلال المتوقع لغزة، وهذا سيضر بصورة تل أبيب الدولية حتى أكثر من ترحيل السكان. لكل هذه الأسباب توصي وزارة المخابرات بتشجيع نقل كافة الفلسطينيين من غزة إلى سيناء بشكل دائم".