شهدت الساحة الفنية في تركيا تطورات دراماتيكية بعد جدل حاد أثاره إلغاء مهرجان البرتقالة الذهبية، أحد أشهر المهرجانات السينمائية في تركيا، بسبب فيلم وثائقي ذي حساسية سياسية.
وكان مقرراً إقامة المهرجان من 7 الى 14 أكتوبر/تشرين الأول في مدينة أنطاليا.
اقرأ أيضاً : شاهد.. عرض الدراويش في اسطنبول في ذكرى 750 عاماً على وفاة جلال الدين الرومي
وعلى الرغم من إلغاء النسخة الـ60 لمهرجان البرتقالة الذهبية، على وقع استقالات قدمها مدير المهرجان، وأعضاء لجنة التحكيم، إضافة إلى تخلي الوزارات عن دعم المهرجان، إلا أن رئيس بلدية أنطاليا محيي الدين بوجك، فاجأ الوسط الفني مجددا بإعلانه إعادة تنظيم المهرجان بفريق فني جديد قبل نهاية عام 2023.
وتفجرت أزمة مهرجان البرتقالة الذهبية السينمائي بسبب الفيلم الوثائقي المعروف ب"حكم القانون"، الذي يسلط الضوء على صعوبات يواجهها مدرس وطبيب تم فصلهما من وظيفتيهما، خلال فرض حالة الطوارئ في تركيا عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/ تموز 2016، حيث تم حذف الفيلم من قائمة الترشيحات لجائزة أفضل فيلم وثائقي، ما دفع بأعضاء لجنة التحكيم على الاعتراض، معتبرين ذلك "محاولة للتدخل في حرية الفن".
وما إن تمت الاستجابة لهذه الضغوط وأعيد إدراج الفيلم في برنامج المهرجان مرة أخرى، حتى أعلنت وزارة الثقافة والسياحة عن سحب دعمها للمهرجان بسبب اعادة الفيلم، وقالت الوزارة في بيان: "إنه لأمر محزن للغاية أنه في مثل هذا المهرجان المهم، يتم استخدام قوة الفن للدعاية لمنظمة فتح الله غولن الإرهابية من خلال تصوير الارهاب كضحية"، كما أعلنت وزارة الشباب والرياضة، عن إلغاء تخصيص قاعة أنطاليا الرياضية للمهرجان.
وتواصلت الأزمة بانسحاب المخرجين الـ 28 الذين كان من المقرر أن تتنافس أفلامهم في المهرجان، إضافة إلى إلى استقالة رئيسة لجنة التحكيم الفنانة الشهيرة دمت آكباغ، من منصبها، حيث قالت في بيان: "خلال أسبوع كامل، وبدل الحديث عن السينما وأن نكون مع السينما بشكل كامل، أعلن مغادرتي لمهامي في رئاسة اللجنة، بسبب الخطأ في التواصل وعدم إدارة الأزمة جيداً، وإدراج اسمي في أحداث لم أكن فيها، فسبّب كل ما سبق لي انزعاجات دفعتني إلى ترك مهامي".
وانتهى مسلسل الشد والجذب بإلغاء بلدية أنطاليا النسخة الـ60 من المهرجان السينمائي الأشهر في تركيا، ولكن لم تمضي ساعات حتى حدثت المفاجأة، عندما ظهر رئيس بلدية أنطاليا محيي الدين بوجك الذي ينتمي إلى حزب الشعب الجمهوري المعارض، في برنامج تلفزيوني يعرض على قناة محلية، وقال: "سأقيم مهرجان البرتقالة الذهبية السينمائي في الذكرى المئوية لتأسيس جمهوريتنا، قبل نهاية هذا العام، وسأنظم الدورة الستين للمهرجان دون طلب أي فلس من الوزارات، وبدعم من جميع الفنانين والعاملين في مجال السينما لدينا".
وبيد أن رئيس بلدية أنطاليا مصمم على رفع سقف التحدي، إلا أن الغموض ما زال يخيم على مصير مهرجان البرتقالة الذهبية، فضلا عن إمكانية إدراج الفيلم المثير للجدل "حكم القانون" في قائمة الترشيحات لجائزة أفضل فيلم وثائقي بالمهرجان.
وتتباين مواقف مشاهير الفن في تركيا حول سياسات هيئة الرقابة في البلاد، فبينما لا يخفي بعض الفنانين استيائهم من ما يعتبرونه تدخلا في المجال الفني، يرى آخرون أن سقف الرقابة المرتفع كان أحد أهم عوامل نجاح الدراما التركية في السنوات الأخيرة.