الحرب الدائرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع تلقي بظلالها على حياة السودانيين، الذين يجدون أنفسهم مضطرين للبحث عن طرق لتأمين لقمة عيشهم اليومية في ظل الأوضاع الصعبة.
وفي مدينة ود مدني بولاية الجزيرة، تطرح هذه الظروف التحديات أمام الكثيرين، لكنها أيضًا تحفّز على الاختراع والإبداع.
أصبحت الحاجة للبقاء على قيد الحياة تحفّز العديد من السكان على الابتكار وصناعة المنتجات التي تلبي احتياجاتهم.
اقرأ أيضاً : على وقع تحذير السفارات... لبنان يتجاوز قطوعا أمنيا خطيرا
الأستاذ الجامعي في مدينة ود مدني، علي سيف، واحد من هؤلاء الناس الذين أصبحوا يبحثون عن حلاً لمشكلة نقص الصابون في السوق، بدلاً من الاكتفاء بالانتظار، قرر سيف تصنيع الصابون بنفسه، مُجسدًا روح الابتكار في ظروف صعبة.
النزاع الذي اندلع بين الجيش وقوات الدعم السريع تسبب في نزوح ثلاثة ملايين شخص من العاصمة، ومن بينهم سيف.
يحاول هؤلاء النازحين البقاء على قيد الحياة من خلال الاستمرار في العمل والمبادرات الاقتصادية الصغيرة.
في هذا السياق، يقدم محمد علي من مدينة ود مدني تشكيلة من الأطعمة التي تعكس تنوع وتوجهات الناس.
ويأتي هذا كجزء من محاولاته لتلبية احتياجات السكان المحليين وتقديم خدمات جديدة.
ومع ذلك، يظهر أنّ الحرب لم تؤثر فقط على الجانب الاقتصادي، بل ترتبط أيضًا بالجوانب الاجتماعية والنفسية للناس.
تعبر ميشيل إيليا، التي كانت معلمة في السابق، عن تحديات البقاء على قيد الحياة في ظل الظروف الراهنة ، لكنها تظهر عزيمة قوية في التعامل مع هذه الصعوبات والمضي قدمًا.
الحرب والنزوح لهما تأثير متساوٍ على النساء أيضًا، إشراقة موسى، التي أصبحت نازحة بدورها، قررت استغلال فرصة تواجدها في ود مدني من خلال بيع المشروبات الساخنة.
تعكس قصص هؤلاء النازحين تحديات وإصرارهم في مواجهة الصعوبات والمحافظة على كرامتهم في ظروف قاسية.
بين الأواني التي يُخلط فيها سائل الصابون قبل أن يتمّ إفراغه في قوالب مكعبة الشكل من أجل المنتج النهائي، يجلس سيف في غرفته في مخيم مؤقت للنازحين، ويقول "لم أتقاضَ راتبا منذ آذار/مارس"، مشيرا إلى تعطّل معظم المصارف والشركات بسبب الحرب.
في كشك صغير لبيع الطعام في ود مدني، يحضّر محمد علي القادم من الخرطوم والذي كان موظفا في مؤسسة عامة، الطعام لتقديمه للزبائن.
يعيش السودان تحديات متعددة تتراوح بين الصراع والجوع والأمراض. وقبل اندلاع النزاع الحالي، كان السودان من بين البلدان الأكثر فقرًا في العالم. يجد السكان أنفسهم في مواجهة تحديات إنسانية خطيرة، ولكن مثل هؤلاء الأبطال يظهرون الإرادة والقوة في مواجهة هذه التحديات والبقاء قويين في وجه الصعاب.
وأسفرت الحرب التي تتركز في العاصمة وضواحيها وفي إقليم دارفور في غرب البلاد وبعض المناطق الجنوبية، عن مقتل 3900 شخص على الأقل، ودفعت أكثر من أربعة ملايين آخرين الى النزوح.
ويعدّ السودان من أكثر دول العالم فقرا حتى قبل اندلاع النزاع الحالي. ويستمر العاملون في المجال الإنساني في المطالبة من دون جدوى بالوصول إلى مناطق القتال، ويقولون إنّ السلطات تمنع وصول المساعدات إلى الجمارك ولا تُصدر تأشيرات دخول لطواقم الإغاثة.
ويشهد الوضع الصحي في البلاد مزيداً من التدهور يوماً بعد يوم. فإضافة الى الحرب، يتعيّن على الـ48 مليون سوداني التعامل مع الجوع والفيضانات وما تجلبه معها من أوبئة من الملاريا الى الكوليرا.
وتشير منظمة الصحة الدولية إلى أنّ "أكثر من 40% من السكان يعانون من الجوع، أي ضعف عدد العام الماضي"، هذا فضلا عن "نقص الأدوية والتجهيزات الصحية والكهرباء والماء".