يتربع مخيم عين الحلوة وسط اثني عشر مخيما للاجئين الفلسطينيين في لبنان، أكبر المخيمات وأقلها استقرارا يعيش منذ عقود في توترات أمنية تنفجر وتخفت وسط "توازن رعب حقيقي" بين الفصائل والقوى الموجودة فيه.
اقرأ أيضاً : مراسلة "رؤيا": فشل وقف إطلاق النار والتهدئة في مخيم عين الحلوة
مخيم عين الحلوة، أو عاصمة الشتات الفلسطيني، كما يسميه البعض ينمو كألغام قابلة للانفجار أو التفجير في أي لحظة، فلا يكاد ينتهي اشتباك بين الفصائل المتخاصمة ، حتى يحصل اشتباك آخر ويبدأ مسلسل الرعب من جديد.
اندفاعة النار الأخيرة بين حركة فتح والمجموعات الإسلامية وضعت أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في عين العاصفة مجددا واستدعت أعلى درجات الاستنفار الأمني والسياسي لاحتوائه قبل تفلته.
عام 1948 أنشئ مخيم عين الحلوة من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر بهدف إيواء نحو 15 ألف لاجئ فلسطيني هجروا من قرى الجليل في شمال فلسطين المحتلة أيام النكبة , وهو يقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة صيدا، على قطعة أرض استأجرتها الدولة اللبنانیة من قبل اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر عام 1949 وأصبح المخيم الأكبر في لبنان من حيث عدد السكان والمساحة.
تعتبر حركة "فتح" التنظيم الأكبر في المخيم، ولكنها فقدت مع الوقت السيطرة الكاملة عليه خصوصاً بعد صعود حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، ورعايتهما أكثر من تنظيم أو فصيل . حتى حركة "فتح" نفسها شهدت ولا تزال انقسامات داخلية أسهمت في إضعافها بالتالي تفلت الوضع في المخيم نتيجة عدم وجود أي قوة موحدة قادرة على السيطرة عليه.
وتنقسم هذه القوى بين فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وتحالف القوى الفلسطينية، الذي يمثل ثمانية فصائل غير منضوية ضمن المنظمة، ومن بينها حركة "حماس" و"الجهاد الإسلامي" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة"وقوى فلسطينية غير منضوية في منظمة التحرير أو تحالف القوى، وهي بمعظمها فصائل إسلامية ، وأبرزها "عصبة الأنصار" و"جند الشام".
وترتبط الأزمة في مخيم عين الحلوة بالأوضاع السياسية المحلية والإقليمية، وخصوصية قضية حقّ العودة وموقع المخيم في جنوب لبنان. كما ترتبط بالصراعات القديمة الدائمة بين حركة فتح ومجموعات إسلامية، ووجود مطلوبين فلسطينيين ولبنانيين داخل المخيم، والأوضاع الإنسانية الصعبة، والاهتمام الدولي بمكافحة الإرهاب. وشهد المخيم على مدى عقود أحداثاً دامية كثيرة، أبرزها الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، والمعارك بين فصائل فلسطينية وأحزاب لبنانية، ثم الصراعات المسلحة بين حركة "فتح" والمجلس الثوري بقيادة ابو نضال.
وفي أعقاب اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية في 1989 تمّ تسليم الأسلحة الثقيلة من داخل المخيم إلى الجيش اللبناني، وهدأت الأحوال وعاش المخيم مثل باقي المناطق اللبنانية فترة من الهدوء حتى عام 1997، حين عادت الاشتباكات والتفجيرات، وضرب الجيش اللبناني طوقاً على المخيم وظلت الأمور متوترة حتى الآن. جهود كثيرة بذلت لوقف العنف كانت تنجح أحياناً وتفشل أحياناً اخرى وبقيت النيران تحاصر المخيم رغم كل المبادرات والمحاولات وأمام التعقيدات السياسية والأمنية المحلية والإقليمية.
سبعة عقود من التوتر والفوضى الامنية ساهمت بها مجموعة من العوامل الامنية والاجتماعية والسياسية وكأنه يراد ان يبقى المخيم الذي يعاني الازمات الانسانية والاجتماعية ساحة لتصفية الحسابات وصندوقاً لتبادل الرسائل ويظهره كمنطقة تعيش خارج القانون.