تعرض لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان، الثلاثاء، الساعة السادسة والنصف مساء، في مقر المؤسسة بجبل عمان، الفيلم الهندي "عرض الفيلم الأخير" للمخرج بان نالين.
ذات مساء وعلى نحو غير متوقع، تتفتح عينا الفتى سَمَاي على سحر عالم خيالي فيه الكثير من القصص والحكايات التي لطالما كان سَمَاي يخترعها ويرويها لأصدقائه، ولكن تجربة القصص هذه المرة كان لها مذاق مختلف فهي بالصوت وبالصور المتحركة والألوان، هذه هي المرة الأولى التي يأخذ بابوجي ابنه سَمَاي إلى السينما في المدينة، ولكن لو لم يكن الفيلم دينياً لما اتاح والده هذا الفرصة الفريدة، وبطبيعة الحال لن يسمح والده المتدين والصارم بتكرار هذه التجربة، في هذا الأجواء تدور أحداث فيلم (عرض الفيلم الأخير) انتاج 2021 من إخراج بان نالين.
بالخلفية تتضح في الفيلم ملامح البيئة التي يعيش فيها سماي البالغ من العمر تسع سنوات، حيث يعيش مع أسرته في شلالا - إحدى القرى الصغيرة والفقيرة في الهند- وفي الوقت الذي تتحمل فيه والدته مسؤولية تربية الأطفال والعناية بالأسرة، يعمل والده كبائع شاي على خط سكة حديد، ويتعين على سماي بعد المدرسة مساعدة والده في خدمة وإقناع ركاب القطار بشراء الشاي، وتصبح مهنة والده مهددة بعد أن تم إيقاف جميع القطارات على هذا الطريق.
بموازاة هذا الواقع الصعب الذي تعيشه الأسرة، تبدأ طاقة من الحلم تنمو في خيال سَمَاي، ويدفعه الشغف باقتفاء أثر ذلك الضوء المنعكس صوراً متحركة على الشاشة البيضاء إلى التمرد على رغبة أبيه، وإلى التسلل من المدرسة والهرب إلى المدينة حيث صالة السينما، لاستراق النظر واكتشاف هذا العالم الجديد المبهر، ومن هنا يطور سماي علاقة صداقة مع فَضْل -الذي يعمل في تشغيل الأفلام في صالة السينما- ويعقد معه اتفاقا بأن يعطيه طعامه اليومي في مقابل أن يترك له فضل فرصة مشاهدة الأفلام السينمائية من غرفة العرض، فيتعلم سَمَاي كيف يستعمل الآت السينما، ويقوم بسرقة قصاصات الأفلام ويصنع من مواد بدائية جهاز عرض سينمائي ليعرض لأصدقائه في الحي، إلى أن يكتشف والده الأمر ويعاقبه على ذلك، لكن هذا العقاب لن يثني سَمَاي عن متابعة شغفه للآخر.
الفيلم هو بمثابة تحية إلى السينما ومبدعيها، وينطوي على الكثير من الجماليات السينمائية في التعبير عن سحر العالم السينمائي، منها المشاهد الأخيرة في الفيلم الجميلة بصرياً والمعبرة في آن عن لحظة فارقة وصعبة ومؤلمة في تاريخ السينما، لحظة الانتقال بين زمنين، فرض شروطها التطور التقني، وبات على المرء أن ينتزع جزءاً من قلبه مع شرائط السليوليد تلك المذابة في المحاليل والمعاد تدويرها إلى حلي واكسسوارات.