بعد نحو عقدين على الانكفاء محليا، تستعيد الدراما الأردنية جزءا من ألقها على الساحة العربية بإطلالة مسلسل "جلطة" الكوميدي الاجتماعي الساخر عبر عدّة قنوات ومنصّات عربية، في مشهد استعادي لذرى الانتشار الذهبية في ثمانينيات القرن الماضي ومطلع الألفية.
اقرأ أيضاً : الانتهاء من تصوير الموسم الجديد من مسلسل جلطة "كبرت العيلة"
يعرض الموسم الخامس من "جلطة كبرت العيلة" عبر تلفزيون قطر، تلفزيون العربي 2 ومنصّة "watch it" الرقمية في مصر، فضلا عن تسجيل أرقام مشاهدة قياسية على منصّات التيليجرام المشهورة ببث المسلسلات الأكثر مشاهدة على مدار الساعة.
ومنذ انطلاق موسمه الأول عام 2018، يُعرض هذا المسلسل عبر شاشة ومنصّات مجموعة رؤيا الإعلامية كما أطلّ للمشاهدين عبر تلفزيون فلسطين، في المحطّات الرمضانية المتعاقبة.
ويقف القطاع الخاص وراء هذا الاختراق وسط تراجع الإسهامات الرسمية في بلد لطالما اعتمد على القوّة الناعمة في تصدير قيمه وإرثه الثقافي والاجتماعي.
ويصفُ المنتجون هذا المسلسل بأنه "كوميدي اجتماعي قصير من بطولة النجمين أمل الدبّاس وزهير النوباني". تدور أحداث الاشتباك العائلي في "الطبقة الوسطى، بمواجهة متطلبات الحياة وتحدياتها المختلفة". فبحسب شرح الحلقات: "في كل منها، نتتبع حياة العائلة اليومية ورحلتها صوب توفير مستقبل أفضل لأفرادها في تخطٍ للمشاكل" والمماحكات العابرة.
كما في الموسم الرابع، كذلك في موسمه الخامس، تتسع دائرة العائلات المتشابكة وتتقاطع العادات، اللهجات والنهفات بتشكيلة فنانين عابرة للحدود بانضمام الفنانة السورية وفاء موصلي إلى محمد خير الجرّاح، جيني أسبر و ليا مباردي.
ومن المقرر عرض "جلطة كبرت العيلة" على منصّة شاهد واسعة الاشتراكات بعد شهر رمضان؛ في تطور يرى فيه بطل المسلسل زهير النوباني "انجازاً مهماً" للدراما الأردنية. على أن النوباني يستدرك قائلا: "هذا غير كافٍ؛ إذ يستطيع الأردن فعل المزيد على مستوى الإنتاج الفني إذا توافرت إدارة محترفة".
لمشاهدة مسلسل "جلطة كبرت العيلة" إضغط هنا
ويشهد مسلسل "جلطة إقبالا عربيا ومحليا وبين أوساط المغتربين لأنه استطاع جذب العائلة كلها من الجد إلى الحفيد"، حسبما يوضح النوباني لافتا إلى أن هذه "الساحة الفنية باتت تفتقد مثل هذه التركيبة".
ولفت النجم الأردني إلى أن نجاح عوامل الإنتاج وحملات الترويج أسهمت في "نقل جلطة للمشاهد العربي"، مؤكدا أن المواسم الأربعة السابقة أنتجت أيضا وفق المعايير الاحترافية.
ويتوقع الممثل المخضرم أن يسهم الاختراق الذي حققته "جلطة" في "عودة انتشار الدراما الأردنية الاجتماعية مجددا" كما كانت في أوج تألقها قبل أربعة عقود.
من جانبه يرى الكاتب الصحفي والدرامي والناقد الفني مصطفى صالح أن "مجموعة رؤيا الإعلامية تتصدر قائمة القنوات الأردنية لأنها خرجت من رحم المجتمع وتستطيع إعادة الإنتاج الفني الأردني على سكة المنافسة عربيا". على أن صالح اشترط "وضع خُطّة مستقبلية كاملة لمجموعة أعمال فنية درامية بناء على قدرتها (رؤيا) في استكشاف أفضل ما في فناني الأردن وتوظيفه حتى تلمس انتاجاتها نبض الشارع".
وكانت الدراما الأردنية مرّت بفترة ذهبية على الساحة العربية في ثمانينات القرن الماضي. وفي 2006 ترك مسلسل "رأس غليص" في نسخته الثانية علامة فارقة في الدراما العربية، تبعه "نمر بن عدوان" و "وضحا وابن عجلان".
مسلسل "جلطة" فتح الطريق أمام معالجة قضايا اجتماعية آنية ملّحة تتماشى مع المتغيرات السريعة في الزمن الرقمي، بعد نصف قرن على انفراد الأردن بنجومية المسلسلات البدوية.