"عمان لحوارات المستقبل": 250 مليون دينار قيمة الهدر السنوية بالأدوية في الأردن

الأردن
نشر: 2022-10-22 12:37 آخر تحديث: 2022-10-22 12:37
جانب من المؤتمر الصحفي
جانب من المؤتمر الصحفي

قالت جماعة عمان لحوارات المستقبل إن القطاع الصحي في الاردن يعاني من العديد من أشكال الهدر، والتي أثقلت كاهل النظام الصحي برمته، وانعكست سلبا على اداء المؤسسات الصحية.


اقرأ أيضاً : نجاة سائق بعد سقوط مركبته في قناة الملك عبد الله


وأكدت الجماعة في مؤتمر صحفي عقدته السبت، لإعلان دراستها حول الهدر في القطاع الصحي الأردني، أن الهدر زاد من الإنفاق الصحي الذي تجاوز 8% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مرشح للزيادة في حال استمر الهدر دون إيجاد حلول سريعة وقصيرة الأمد، وإعداد خطة للحلول الجذرية طويلة الامد.

وأكدت دراسة الجماعة أن أشكال الهدر متنوعة، لتشمل التمويل، والتأمين الصحي، وسؤ استخدام الكوادر البشرية، خاصة الصحية منها، والأدوية والمستلزمات الطبية، واستخدام وتوزيع البنية التحتية، وعدم تطبيق الحوكمة والجودة والرقابة المالية والادارية والحوسبة.

وحول الهدر في التامين الصحي بينت الدراسة أن تعدد برامج التأمين الصحي المختلفه، يجعل الإطار العام للتأمين الصحي الأردني غير فعال في استخدامه للموارد.

وأشارت الدراسة إلى أن ما نسبة 8% من المؤمن عليهم، مشمولين بأكثر من تأمين صحي، مما يشكل مصدر من مصادر الهدر، فيما يحصل المواطن غير المؤمن عليه، على سعر مدعوم يقدر ب 20 % من التكلفة، مقابل خدمات محددة للمرضى الداخليين والخارجيين في مرافق وزارة الصحة أو يتحمل تكلفة الرعاية الصحية كاملة في المنشآت الصحية الخاصة، الأمر الذي يعد شكل آخر من أشكال الهدر، خاصة عندما يتم دعم الخدمات الصحية بشكل مفتوح ودون أسس وشروط واضحة المعالم.

وانتقدت الدراسة عدم وجود تشريعات تحمي الأفراد المؤمنين من خلال شركات التأمين الخاصة، في ظل عد وجود قوانين تحدد نوعية العلاجات الأساسية التي يحصل عليها الفرد المؤمن لدى شركات القطاع الخاص، حيث تترك حقوق المريض الأساسية لطبيعة عقد التأمين بين الشركة والفرد، مما يشكل تردي الرعاية الصحية في القطاع الصحي الخاص.

وبينت الدراسة أن المؤشرات تدل على أن القطاع الصحي الخاص مصدر من مصادر الهدر، فبينما يحصل القطاع الصحي الخاص على مساهمات الأفراد، يتحمل القطاع الصحي العام كلف علاج نفس الأفراد، مما يؤثر على قدرته على الاستمرار، وهذه الظاهرة ستظهر بشكل أكثر خطورة مستقبلًا لأن كلف العلاج في ازدياد متسارع على مستوى العالم، وستستمر هذه الأسعار بالارتفاع في المستقبل القريب على الأقل، هذه يعني أن التأمين الصحي الخاص سيسعى إلى الامتناع عن تأمين المزيد من الأمراض، تاركًا عددًا أكبر من الناس دون تأمين صحي.

ومن بين أسباب الهدر التي أشارت إليها الدراسة إختلال العلاقة بين مقدم الخدمة والمستخدم، والتي تنفي استقلال العرض عن الطلب، حيث يقوم مقدم الخدمة بتقديم علاجات لا حاجة للمريض بها وذلك لزيادة أجره.

وبينما قامت أغلب الدول التي ينشط فيها القطاع الخاص بتطوير آليات شراء للخدمة، ومنع حصول هذا الأمر مثل استخدام مجموعات التشخيص ، إلا أننا في الأردن ما زلنا نستخدم الآلية الأسوأ، وهي محاسبة مقدم الخدمة على كل خدمة يقدمها، مما يحفزه على تقديم أكبر عدد ممكن من العلاجات وأغلاها ثمنًا، طالما بقيت ضمن قدرة المريض أو شركة التأمين على الدفع.

وحول الهدر في الكوادر الصحيه في الاردن جاء في الدراسة أن الهدر في الكوادر ينتج عن سوء الإدارة، حيث تتم إدارة الموارد البشرية بطريقة عشوائية، ليتجم عنه ضعف في الانتاج، وقلة الكفاءة وتدني النوعية وارتفاع الكلف التشغيلية والانتاجية وانخفاض التنافسية.

وجاء في الدراسة أن من أبرز أسباب الهدر، ضعف تطبيق التشريعات والسياسات الناظمة لعمل الكوادر الصحية، واختلال مخرجات التعليم الصحي بين العرض والطلب، إذ يعاني الأردن من ازدياد في اعداد الخريجين لبعض التخصصات الصحية بالإضافة إلى عدم موائمه مهارات وكفايات الخريجين لاحتياجات سوق العمل بالإضافة إلى الخريجين غير المؤهلين للممارسة والذي يضع عبء على برامج التاهيل والتدريب.

ومن أبواب الهدر في الكوادر الصحية الأردنية حسب ما جاء في الدراسة، واقع التدريب والتطوير المستمر، إذ يعاني التدريب في الأردن من وجود مقاومة لنظام التطوير المهني المستمر وتطبيق التعليمات في المؤسسات الصحية، وكذلك عشوائيه طرح نشاطات التعليم المستمر، حيث تفتقر لكونها برامج معتمدة يتم طرحها بشكل دور، كما أن مسؤولية التعليم المستمر تقع على الأفراد وليس المؤسسات لتطوير كوادرها سواء ماليا او معنويا، علماً بأنه لا يوجد إحصائيات واضحة عن التعليم والتدريب وبرامج التعليم المستمر، بالإضافة إلى الخلل وعدم التوازن في التوزيع الجغرافي للكوادر الصحية.

ومن أهم أسباب الهدر في القطاع الصحي الأردني الهجرة والتسرب لأسباب متعددة أولها الأسباب الاقتصادية والرغبة بتحسين الوضع المالي للعاملين، وضغوط العمل نتيجه ارتفاع نسب المرضى للكوادر، ونقص الكوادر وغياب تطبيق تعليمات العمل المرن، وكذلك بيئة العمل الطاردة في بعض المؤسسات التي لا تضمن الحد المطلوب من السلامة المهنية، وعدم توفر التدرج الوظيفي ونقص برامج التطوير المهني المستمر والحوافز والاختصاص.

وعن الهدر في الادوية والمستلزمات الطبية قالت الدراسة إن هناك نقص في المصادر وغياب للمعلومة الدقيقة حول هدر الأدوية والمستلزمات الطبية.

وأكدت الدراسة أن هدر الأدوية والمستلزمات الطبية في الأردن يأخذ شكلين الأول هو هدر يحدث داخل وزارة الصحة والأجهزة الطبية التابعة للدولة وهدر يحدث من قبل المواطنين.

فبالنسبة لوزارة الصحة فإن مشتريات الأدوية تصل في جميع القطاعات ما يعادل مليار دينار، حيث فاقت نسبة الإنفاق على الأدوية 34٪؜ ويقدر الرقم على صعيد الادوية ب 60 مليون دينار على صعيد وزارة الصحة، وإذا ما طبقت النسبة على بقية القطاعات الصحية كافة، فهذا يعني أن نسبة الهدر الكلي تفوق 250 مليون دينار أردني سنوياً هذا على مستوى الهدر في الأدوية، ولا يقل الرقم عن ذلك بالنسبة للمستلزمات الطبية الأخرى.

وبينت الدراسة أن هدر الأدوية في وزارة الصحة يمر بمراحل عديدة، أولها داخل المستشفيات حيث تغيب اشكال الرقابة الجادة على الادوية، أما المرحلة الثانية فهي تخزين الأدوية في المستودعات إذ تتعرض للتلف في مرات متكررة،و المرحلة الثالثة فهي مناولة الأدوية للصيدليات المركزية في المستشفيات ومديريات الصحة وتفتقر هذه المرحلة لدراسة الحاجة الفعلية لهذه الادوية وهذا ينطبق على المستلزمات ايضاً

أما بالنسبة للمناولة بين الصيدليات المركزية والمستودعات المركزية والصيدليات الفرعية فقد يشوبها أخطاء عدية، إذ تتم هذه العملسة بالمناولة اليدوية، ولا تخضع للأتمتة الأمر الذي يسهل الهدر و يسهل التجاوزات على المال العام.

أما الهدر من قبل المواطنين والمرضى فسببه أن المواطن لا يزال يعتبر الدواء مكسبا الرئيسيا من مراجعته للأطباء أو المستشفيات لذلك نجد أنه يمارس طرق مبتكرة في تكديس الأدوية وفي هدرها، من خلال صرف الأدوية لأكثر من مرة ومن عدة مراكز صحية ومستشفيات، وتقدر حصة هدر الأدوية والمتلفة، من مجمل الفاتورة الدوائية السنوية لوزارة الصحة وحدها حوالي 12 مليون دينار، ومن أسباب هذا النوع من الهدر خضوع الطبيب أو الصيدلاني لضغط المريض و طريقة كتابة الدواء من قبل الطبيب والتركيز على كتابة الاسم التجاري دون العلمي، كما يلعب الصيدلي دوراً مهماً في صرف الأدوية وهدرها دون الرجوع إلى الطبيب، بالإضافة إلى حصول المواطن على عدة تأمينات وهذا يضع أمامه هامشاً واسعاً للحصول على الأدوية من مصادر متعددة كذلك عدم وجود آلية موحدة تمكن من رصد الأدوية والعلاجات التي تلقاها المريض.

وحول الهدر في البنية التحتية جاء في الدراسة أن هذا الباب من أبواب الهدر يشمل المراكز الصحية بكافة مستوياتها الشاملة و الأولية والفرعية، ومراكز الأمومة والطفولة والتي يصل عددها حوالي 700 مركزا صحيا موزعة على كافة محافظات المملكة، كذلك المستشفيات التي تقدم الخدمة السريرية، والمستشفيات الميدانية والتي تعمل وفق الحاجة إليها في حالات الأوبئة والطوارئ، والعيادات التخصصية في المراكز والمستشفيات ومراكز خدمات الإسعاف للحالات الطارئة التي يقدمها الدفاع المدني والأجهزة والمعدات والمستلزمات الطبية.

واستعراض مجمل عناصر ومكونات البنية التحتية لوزارة الصحة يظهر انها تغطي كافة مناطق المملكة من حيث العدد والتوزيع الجغرافي،لكن فاعلية أدائها لا يتناسب مع عددها وتكاليف تشغيلها الباهظة لعدد من الأسباب منها: عدم كفاية وكفاءة الكوادر الصحية العاملة فيها، وقصـور في النظام الإداري لهذه المؤسسات وغياب التنسيق الفعال بينها من قاعدة الهرم الصحي، ضعف أنظمـة الإدارة والتنسيق والذي يقــود إلى خلل في تقديم الخدمـــة الصحية الفعالة وفي وقتها المناسب، وهذا يؤدي إلى هدر الأموال والموارد دونما طائل من حيث الفاعلية ومدى رضى المواطن.

وعن الهدر المتعلق بالحوكمة والجودة والرقابة والحوسبة جاء في الدراسة أن العلاقة الناظمة ما بين الحوكمة والجودة منصوص عليها في الأنظمة والتشريعات والقرارات الإدارية المتعلقة بذلك ولا نجد أي ثغرة في النصوص المتعلقة بتلك العلاقة، لكن الخلل يكمن في التطبيق أو الفهم لتلك النصوص لأسباب عديدة أهمها ضعف الطواقم الإدارية وعدم وجود كفاءات في الخدمات التي تتطلب قرارا إداريا مما يؤدي الى استنزاف الموارد للوصول للحلول القصيرة والسليمة حيث لايوجد دورات متخصصة وبرامج تأهيل للإداريين.

كما أن التعينيات في المناصب القيادية لا تعتمد على أسس واضحة لاختيار الأكفاء، بل هي تسلسل وظيفي لا يعتمد على المؤهلات والأداء.

بالإضافة إلى غياب اللامركزية في بعض الأمور التي تتطلب سرعة في القرار أو الأداء حيث هناك تداخل وتوسع في الصلاحيات على حساب نجاعة ودقة تنفيذ القرار، ومن الأسباب المهمة عدم وجود نظام حوسبة شامل ودقيق يتماشى مع المتطلبات العصرية المتعلقة بتطورات الطب الإدارة الصحية ومتغيرات تطور القطاع الصحي.

ومن الأسباب أيضاً الهدر في شراء الخدمات التي تعتمد على المحسوبية والتنفيعات وليس على الكفاءة والمهنية، وعدم وجود خطط استراتيجية مستقبلية لدى الإدارات المتعاقبة مبنية على دراسات علمية واكتوارية، وإن وجدت، فلغ يوجد استمرارية أو تطبيق منهجي، ويعزى ذلك إلى المدد القصيرة في المناصب والمناقلات المتكررة

كما أنه لا يوجد آلية علمية تقيم الخطط الموضوعة أو المعلن عنها، كما لا يوجد آلية للتغذية الراجعة عن المتحقق، مما يؤدي إلى المضي في اخطاء مكلفة او مشاريع غير ناجعة بالإضافة إلى فقدان أنظمة الجودة المعمول بها لهدفها وغايتها، حيث يتم إعطاء انطباع خاطئ عن الأداء والكلفة المالية لشكليات عمليات إعطاء شهادات الجودة، وتراكم السلبيات دون معالجة صحيحة في الوقت المناسب، وكذلك فإن وثائق الجودة لدى العديد من المؤسسات الطبية في معظمها غير مطابق للواقع، وهذا يربك عمليات التقييم الجاده الدورية ويزيف مخرجاتها، بالاضافة إلى أن هناك قصور في أنظمة الرقابة والمحاسبة طبيا وإداريا في ردع المقصرين وتقييم الإدارة ومعالجة الأخطاء، حيث هناك صمت عن كثير من الأخطاء أو تغطيتها بشكل زائف، مما يشجع على تكرار المخالفات دون عقاب، ومن الأسباب أيضاً عدم التركيز على جودة المخرجات ونتاجات العمل الصحي في وضع الخطط والموازناتحيث تعتبر الجهود والمخصصات المالية المتعلقة بالتطوير والتأهيل ثانوية ويتخلى عنها في أي وقت لصالح أشياء غير ضرورية، وعدم وجود نظام محفز ومجدي للعمل بجودة عالية مثل المكافئات المعنوية والمادية، كما أن نظام ربط الشهادات والامتيازات والخبرات بمتطلبات العمل وجودته لا يزال بداءيا وغير مفهوم.

كما أن نظام المساءلة الطبية غير مفعل بشكل صحيح بحيث يكون هناك رادع ليس فقط للأخطاء الطبية بل التجاوزات في المهن الطبية المساندة.

أخبار ذات صلة

newsletter