أطلق المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الأحد، تقريره السنوي الرابع "حالة البلاد" لعام 2021، كتقليد متبع في المجلس منذ العام 2018، الذي يهدف الى مراجعة أداء القطاعات الحكومية المختلفة وفق منهج علمي دقيق لقياس مستوى الإنجاز المؤسسي، وتقديم المقترحات لتحسين الأداء الحكومي.
اقرأ أيضا : حالة البلاد 2021.. "الاقتصادي والاجتماعي": تراجع ملحوظ في البحث العلمي والابتكار
واشتمل التقرير على مراجعة تحليلية لواقع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة والتحديات التي تواجهها، والتوصيات التي من شأنها تحسين مخرجات هذه القطاعات وتعزيز الترابط فيما بينها لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي المنشود في المجتمع، عبر مراجعة 21 قطاعا توزعت على ثمانية محاور أساسية.
وقال رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدكتور موسى شتيوي إن إعداد هذا التقرير تزامن مع ظروف وتحديات صعبة ناجمة عن استمرار تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدل البطالة، واستمرار تأثر المملكة بجائحة كورونا وبالأزمات والصراعات الإقليمية في المنطقة، وأضاف شتيوي فيما يتعلق بدور المجلس المستقبلي أن المجلس يسعى للبناء على تجربته في الحوار الاجتماعي وتطويرها باتجاه مأسسة الحوار لتشجيع الحوار الإيجابي وبناء التفاهمات والتوافقات بين أطراف العلاقة والمصالح الأساسية حول أهم القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تهم المجتمع من خلال المجموعات التي يتكون منها المجلس وهي المؤسسات الحكومية، الممثلين عن القطاع الخاص، ممثلي النقابات العمالية والمهنية، المجتمع المدني بالإضافة للشباب والأكاديميين.
وأوضح الدكتور شتيوي أن التغيرات المواكبة لدخول الدولة مئويتها الثانية، وإطلاق جلالة الملك مشروعا نهضويا سياسيا واقتصاديا وإداريا متكاملا، يستوجب تطوير المنهجية التي يعمل بها المجلس لتتوافق مع المشاريع الإصلاحية الكبرى، خاصة بعد إنجاز الشق السياسي من خطة الإصلاح بإقرار مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، والتعديلات الدستورية وقانونَي الأحزاب والانتخاب، أما بخصوص الشق الاقتصادي، فقد أطلق جلالة الملك أكبر ورشة اقتصادية بمشاركة مئات من العاملين في القطاع الخاص والعام والخبراء بهدف الخروج برؤية وخطة اقتصادية للسنوات العشر القادمة تكون عابرة للحكومات، والذي من المتوقع أيضا إطلاق نتائجها قريبا. وأخيرا، شكّلت الحكومة لجنة لتحديث القطاع العام والذي من المتوقع إعلان نتائجه بعد وقتٍ قصير.
وأضاف أن مجمل هذه التغيرات سوف تؤدي إلى واقع جديد على المستوى السياساتي الاستراتيجي حال الشروع بتطبيقها مما يحتّم إعادة النظر في طبيعة التقرير ومنهجيته، وبعد المراجعة الداخلية، فقد تقرر الإبقاء على تقرير حالة البلاد من حيث المبدأ ولكن مع تطوير منهجية جديدة تُركّز من حيث المحتوى على موضوع معين عام، بهدف تسليط الضوء على كافة أبعاده في كافة القطاعات وتحليلها بطريقة علمية ومعمقة، ومن ثمّ تقديم التوصيات حولها.
أمين عام المجلس الدكتور متري مدانات، أوضح في كلمة افتتاحية لإطلاق التقرير بحضور رجال الإعلام والصحافة من كتاب وصحفيين ومحطات تلفزة محلية وعربية، بأن إنجاز وإطلاق التقرير الرابع عن حالة البلاد جاء كجهد تشاركي مع كافة أطياف المجتمع ليكون رافدا للجهود المبذولة من كافة القطاعات لدعم صانع القرار من خلال التوصيات التي خرج بها التقرير.
وكشف مدانات أن التقرير تضمن توصيات شاملة للعديد من القطاعات التي تتشابه فيما بينها بنفس الصعوبات والتحديات التي تواجهها وتحديدا نقص المخصصات والحوكمة والجاهزية وضعف التنسيق فيما بينها، إضافة إلى توصيات جزئية حملها التقرير من أجل تحسين أداء القطاع الواحد ليكون أكثر شفافية وكفاءة في تقديم الخدمة للمواطن.
ملاحظات جوهرية قدمها الحضور عبر مداخلاتهم واستفساراتهم، تركزت على تأييد خطوة المجلس بإعادة توجيه التقرير ليكون نحو قضية محددة وتوسيع فضاء نشاطه ليواكب الاحتياجات المجتمعية وتحديدا في الدخول إلى عمق القضايا المجتمعية التي لا تجد كثير عناء من القطاعات الرسمية، مؤكدين على أن الجهد المبذول من المجلس يستحق الثناء مع ضرورة تطوير كفاءة الأداء والاستجابة للمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، في ضوء خطة الإصلاح الشامل التي تقوم بها الدولة.
التقرير الرابع خلُص إلى جملة توصيات تتعلق بالسياسية المالية وضرورة تخفيض نسبة عجز الموازنة العامة إلى الناتج المحلي الإجمالي بعد المنح الخارجية وقبلها وتدريجيا، أما فيما يتعلق بالسياسة النقدية أوصى بضرورة الاستمرار في السياسات التحفيزية لدعم النمو الاقتصادي، وتعزيز الاستقرار المالي والنقدي.
وأشار التقرير إلى أهمية التأسيس لبيئة ممكّنة لجذب الاستثمار، تضمن توحيد مرجعيات الاستثمار من خلال بيئة تشريعية خلّاقة، وتفعيل دور النافذة الاستثمارية لغايات تبسيط الإجراءات ومنح الصلاحيات لممثلي الجهات الحكومية، وتحديدهم بمدد زمنية للرد على طلبات المستثمرين.
وخلُص التقرير إلى أن جائحة كورونا وآثارها الاقتصادية والاجتماعية ما زالت تستحوذ على السياسات والتشريعات والمصادر الحكومية إذ اتخذت الحكومة عددا من التشريعات والقرارات والحزم المالية التي أطلِقت خلال جائحة كورونا والتي كان من أبرزها المحافظة على فرص العمل وتسوية القضايا العالقة مع المكلفين والإعفاء من الرسوم والغرامات ودعم فوائد القروض.
بالإضافة إلى أن البنك المركزي قام بتطبيق العديد من الإجراءات التي اتسمت بالمرونة والاستجابة السريعة والاستباقية للتخفيف من تداعيات جائحة كورونا، إذ تم اتّباع سياسة نقدية توسعية من خلال تخفيض أسعار الفائدة وتوفير السيولة اللازمة للنشاط الاقتصادي، وتعزيز قدرة القطاعات الاقتصادية على مواجهة التداعيات السلبية للجائحة بما كان له أثر إيجابي على التخفيف من الآثار السلبية لجائحة كورونا على الاقتصاد الأردني.
وكشف عن تحليل المؤشرات المتصلة بالقطاع الصناعي والتجاري، واستمرار تراجع تنافسية الاقتصاد الوطني في المؤشرات العالمية وتدني كفاءة استخدامه للموارد الاقتصادية المتاحة ووجود معوقات لدخول الاستثمارات الأجنبية ومحدودية تنويع الصادرات وارتفاع تكاليف الطاقة.
وأن ملف الطاقة ما زال يشكّل تحديا كبيرا للاقتصاد الوطني، فقد زاد الاعتماد على استيراد النفط الخام والمشتقات النفطية والغاز الطبيعي لتلبية احتياجات القطاعات المختلفة، وبالرغم من محدودية توفر المصادر التقليدية للطاقة كالغاز والنفط، إلا أنه غني نسبيا بالعناصر النادرة والمشعة والصخر الزيتي والطاقة المتجددة والرياح والتي لم يتم استثمارها حتى الآن بالمستوى المطلوب ولا بد في المستقبل من إدماج هذه العناصر باستراتيجية الطاقة.
اقرأ أيضاً : الخصاونة: الأردن ينظر باهتمام إلى تنفيذ مشروعات استراتيجية مع العراق
كذلك أظهر القطاع الصحي نجاحا ملموسا في التصدي لجائحة كورونا، إلا أنه ما زال يعاني من بعض التحديات وأبرزها غياب مرجعية وطنية موحدة لحوكمة النظام الصحي والتأخر في الوصول للتغطية الصحية الشاملة والعادلة للسكان.
يشار إلى أن المنهجية المتبعة في التقرير هي المراجعات القطاعية لأن أغلب السياسات هي قطاعية بالرغم أن الواقع يشير لوجود تداخلات بين القطاعات وتأثيرات متبادلة فيما بينها والتي قد لا تعكسها السياسات القطاعية في أغلب الأحيان، ولذلك فقد بات من الضروري الانتقال من السياسات القطاعية إلى السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتكاملة أو المدمجة.