أعلنت موسكو أنها تسعى إلى السيطرة على جنوب أوكرانيا ومنطقة دونباس بالكامل بعد شهرين على بدء العملية العسكرية الروسية، التي اتهمتها الأمم المتحدة الجمعة بارتكاب أعمال "قد ترقى إلى جرائم حرب".
اقرأ أيضاً : أكثر من 5.1 ملايين أوكراني لجأوا إلى دول أخرى منذ بدء النزاع
وقال مسؤول عسكري روسي كبير إن "أحد أهداف الجيش الروسي هو بسط سيطرة كاملة على دونباس وجنوب أوكرانيا"، في إشارة إلى "المرحلة الثانية من العملية الخاصة" التي تستهدف، من بين أمور أخرى، "ضمان ممر بري باتجاه شبه جزيرة القرم".
يأتي ذلك في وقت دعت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) 40 دولة حليفة إلى الاجتماع في ألمانيا الأسبوع المقبل، لمناقشة الاحتياجات الأمنية الطويلة المدى لكييف.
في الغضون، يلتقي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في كييف الأسبوع المقبل بعد محطة له في موسكو للتشاور مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن الحرب في أوكرانيا، وفق ما أعلنت المنظمة الدولية الجمعة.
وكانت موسكو قررت سحب قواتها من محيط كييف ومن شمال أوكرانيا نهاية آذار/مارس لتركيز عملياتها العسكرية في شرق البلاد وجنوبها.
وحصلت أوكرانيا من الغرب على شحنات أكبر من الأسلحة في الأيام الأخيرة، وتُواصل التشديد على قدرتها على إخراج القوات الروسية من أراضيها.
وقال زيلينسكي مساء الخميس "يمكنهم فقط تأخير الأمر المحتم - اللحظة التي سيُضطر فيها الغزاة إلى الانسحاب من أراضينا، خصوصا ماريوبول".
وأكدت كييف أن مدينة ماريوبول الساحلية الاستراتيجية التي تقول موسكو إنها "حررتها"، ما زالت تقاوم القوات الروسية، مشيرة إلى أن آلاف المقاتلين الأوكرانيين يواصلون القتال بضراوة للدفاع عن مجمع آزوفستال الهائل للصناعات المعدنية الذي يتحصن فيه أيضا مدنيون.
وقال الحاكم الإقليمي لمنطقة دونيتسك الأوكرانية بافلو كيريلنكو لوكالة فرانس برس الجمعة إن مستقبل الحرب في أوكرانيا "رهن بمصير ماريوبول"، معتبرا أن لهذه المدينة أهمية "استراتيجية" للأوكرانيين في دفاعهم عن المنطقة، وللروس في سعيهم إلى إيجاد صلة وصل برية مع القرم.
وتابع كيريلنكو "العدو يركز كل جهوده على ماريوبول"، في حين لا يزال مَن بقي من مقاتلين أوكرانيين فيها يتحصنون في مجمع آزوفستال مع "ما يصل إلى 300 مدني".
موكب فصحي إلى ماريوبول؟
كان الرئيس الأوكراني أكد الأربعاء أن "نحو ألف مدني من نساء وأطفال" موجودون في المصنع ومعهم "مئات الجرحى".
من جهته، طلب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال من بوتين خلال اتصال هاتفي الجمعة ضمان إيجاد ممرات إنسانية في ماريوبول لمناسبة عيد الفصح الأرثوذكسي.
وأعلن الكرملين في بيان أن كييف لا تسمح للقوات الأوكرانية المحاصرة في ماريوبول بالاستسلام.
وأكدت وزارة الدفاع الروسية الجمعة أنها مستعدة "في أي لحظة" لوقف إطلاق النار في موقع آزوفستال، من أجل السماح بإجلاء مدنيين، إذا استسلم المقاتلون.
وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجمعة أن المفاوضات بين موسكو وكييف الرامية إلى إيجاد حل للنزاع "متعثرة"، بعد فشل المباحثات في إحراز تقدم واضح.
وقال لافروف إن المفاوضات "متعثرة لأن اقتراحًا قدمناه إلى المفاوضين الأوكرانيين منذ خمسة أيام وصيغَ مع أخذ تعليقاتهم في الاعتبار، لا يزال بلا جواب".
اقرأ أيضاً : لافروف: المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا متعثرة
من جانبه، أشار رئيس الوفد الروسي فلاديمير ميدينسكي إلى أن جلسة مفاوضات جديدة عقِدت الجمعة.
واقترحت الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية التابعة لبطريركية موسكو تسيير موكب فصحي إلى ماريوبول لإجلاء المدنيين والعسكريين المصابين.
"جرائم حرب"
تتهم السلطات الأوكرانية بانتظام القوات الروسية باستهداف الطرق التي يستخدمها الفارون من المعارك.
وقالت وزارة الدفاع الأوكرانية في مذكرة الجمعة "في الأراضي المحتلة مؤقتًا، تواصل وحدات العدو إعاقة تنقل السكان المحليين، والسرقة والمساهمة في تفاقم الأزمة الإنسانية. فهي تدمر البنى التحتية الحيوية وتمنع وصول المساعدات الإنسانية من أوكرانيا. وهناك حالات تعرُض مدنيين ومتطوعين لإطلاق نار".
ووثقت الأمم المتحدة الجمعة سلسلة أعمال للجيش الروسي قالت إنها قد ترقى إلى جرائم حرب.
وقالت رافينا شامدساني خلال جلسة منتظمة للأمم المتحدة في جنيف إن "القوات المسلحة الروسية قصفت عشوائيا مناطق مأهولة ما أسفر عن مقتل مدنيين وتدمير مستشفيات ومدارس وبنى تحتية مدنية أخرى وكلها أعمال قد ترقى إلى جرائم حرب".
وأشارت إلى أن الأمم المتحدة وثقت "عمليات قتل" 50 مدنيا "بعضهم أعدِموا ميدانيا" في مدينة بوتشا في ضواحي كييف.
وتتهم أوكرانيا ودول غربية القوات الروسية بارتكاب "مجزرة" و"جرائم حرب" في المنطقة التي استعادتها القوات الأوكرانية في 31 آذار/مارس بعد العثور فيها على عشرات الجثث في الطرق.
وشاهد صحافيو فرانس برس الذين تمكنوا في الثاني من نيسان/أبريل من دخول المنطقة، جثث نحو عشرين رجلا بلباس مدني متناثرة على مسافة مئات الأمتار أحدهم سقط فوق دراجته الهوائية وآخرون بجانبهم أكياس مؤن. كما شاهدوا جثة مكبلة اليدين لجهة الخلف.
والجمعة أعلنت الشرطة البريطانية أنها تلقت نحو خمسين بلاغا بشأن جرائم حرب محتملة في إطار دعوة شهود للإدلاء بإفاداتهم في إطار تحقيق للمحكمة الجنائية الدولية، مشيرة إلى أنها تتوقع مزيدا من الإفادات مع وصول مزيد من اللاجئين من أوكرانيا إلى المملكة المتحدة.
غوتيريش إلى موسكو
وقال رئيس بلدية ماريوبول فاديم بويشينكو لصحافيين على يوتيوب "إنهم يُعدون حفرا طولها ثلاثين مترا وينقلون جثث سكان ماريوبول في شاحنات". وأضاف انه يقدر عدد الذين قتِلوا في القصف الروسي بعشرين ألف شخص على الأقل في ماريوبول منذ بدء الحصار.
وكان زيلينسكي قدر أمام رئيسي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، المساعدات اللازمة لتعويض الخسائر الاقتصادية التي سببتها الحرب بسبعة مليارات دولار شهريا، متهما روسيا "بتدمير كل شيء يمكن أن يشكل قاعدة اقتصادية في أوكرانيا".
وهو نداء لاقى آذانا صاغية. فقد أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن الخميس الإفراج عن 800 مليون دولار على شكل مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية إن هذه الشريحة الجديدة من المساعدات تشمل 72 مدفع هاوتزر مع آلياتها و144 ألف قذيفة و121 طائرة مسيرة طراز "فينيكس غوست".
والجمعة أعلنت باريس التي كانت تمتنع عن توضيح ماهية الأسلحة التي تزود بها أوكرانيا، أنها سلمت كييف صواريخ مضادة للدبابات ومنظومات "كايزر" للشاحنات المجهزة بمدافع.
من جهة أُخرى، ذكرت وزارة الدفاع الروسية الجمعة أن عسكرياً واحداً قُتِل ولا يزال 27 آخرون في عداد المفقودين إثر غرق الطراد موسكفا الأسبوع الماضي، في أول إقرار من موسكو بتكبدها خسائر بشرية في غرق هذه السفينة الحربية.
اقرأ أيضاً : جونسون: إعادة فتح السفارة البريطانية في كييف الأسبوع المقبل
في تطور آخر، يزور المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي محطة تشيرنوبيل للطاقة الأسبوع المقبل "لتكثيف الجهود بهدف منع خطر حصول حادث نووي"، بحسب ما أفادت الوكالة الجمعة.
وقالت الوكالة في بيان إن غروسي سيصل المحطة في 26 نيسان/أبريل، في الذكرى السنوية لكارثة 1986، في زيارة يرافقه خلالها فريق من خبراء الوكالة، "بهدف تسليم معدات حيوية" بينها أجهزة لقياس الإشعاع وسترات واقية، وإجراء "فحوص أشعة وأمور أخرى".