انطلقت مفاوضات جديدة الثلاثاء في اسطنبول بين كييف وموسكو فيما تؤكد أوكرانيا أنها استعادت السيطرة على الأرض خصوصا قرب كييف، بعد أكثر من شهر على بدء الحرب الروسية الأوكرانية.
وبدأت المحادثات بين الوفدين الروسي والأوكراني في اسطنبول الثلاثاء، كما ذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية والتي تجري في قصر دولما بخشة في اسطنبول حيث توجد مكاتب للرئاسة التركية.
اقرأ أيضاً : أمريكا: سنفرض مع حلفائنا عقوبات جديدة ضد روسيا
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الثلاثاء لدى استقباله الوفدين، إن لدى روسيا وأوكرانيا "مخاوف مشروعة"، داعيا الجانبين إلى "وضع حد لهذه المأساة" التي أدت إلى فرار حوالى 3,9 ملايين شخص من البلاد بحسب الامم المتحدة.
وقال كبير المفاوضين الروس فلاديمير ميدينسكي للوكالات الروسية إنه يأمل في أن يتمكن من "الإدلاء ببيان" بعد المحادثات "في غضون ساعات قليلة".
وفي منتصف اليوم، لخّص نظيره الأوكراني ميخايلو بودولياك على تويتر الشروط التي حددتها كييف "ضمانات أمنية غير مشروطة لأوكرانيا ووقف إطلاق النار وقرارات فعالة بشأن الممرات والقوافل الإنسانية واحترام الجانبين قوانين الحرب وأعرافها" واصفا المفاوضات بأنها "صعبة".
ومساء الاثنين أشار وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إلى أن "الشعب والأرض والسيادة غير قابلة للتفاوض".
أبراموفيتش وسيط
وكان رومان أبراموفيتش الذي يحاول القيام بدور الوسيط بين موسكو وكييف حاضرا أيضا في افتتاح المفاوضات بحسب صورة نشرتها الرئاسة التركية تظهره وهو يستمع لكلمة إردوغان.
وبعد اجتماع في العاصمة الأوكرانية في آذار/مارس الجاري، أظهر الملياردير علامات تشير إلى تعرضه لتسمم.
من جانبه، قال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف خلال مؤتمر صحافي إن "أبراموفيتش يلعب دورا لإعادة الاتصالات بين الطرفين الروسي والأوكراني" نافيا معلومات صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية ومصادر أميركية أشارت الى أن أبراموفيتش ومفاوضين أوكرانيين اثنين عانوا عوارض تدفع إلى الاعتقاد باحتمال حصول تسميم بعد جولة سابقة من المحادثات.
وهذه المرة الأولى التي يلتقي فيها وفدا البلدين اللذين وصلا في اليوم السابق إلى تركيا، بعد جولات عدة من المحادثات عبر الفيديو.
وأكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأحد في مقابلة عبر الإنترنت مع وسائل إعلام روسية نقلتها قناة الإدارة الرئاسية الأوكرانية على تلغرام أن من النقاط الرئيسية في المفاوضات "الضمانات الأمنية والحياد والوضع الخالي من الأسلحة النووية لدولتنا".
استعادة السيطرة
ميدانيا، اعتبر وزير الدفاع الروسي أن "أهداف المرحلة الأولى (للهجوم الذي بدأ في 24 شباط/فبراير) تحققت".
وقال "تعلن روسيا أنها ستقلص بشكل جذري نشاطها العسكري في منطقتي كييف وتشرنيهيف الأوكرانيتين".
وأضاف سيرغي شويغو "قلّصت الإمكانات العسكرية للقوات المسلحة الأوكرانية بشكل كبير ما سمح بتركيز الاهتمام والجهود على الهدف الرئيسي: تحرير دونباس".
وأعلنت السلطات الأوكرانية الإثنين أنها "حررت" إيربين التي شهدت قتالا عنيفا على مسافة 20 كيلومترا شمال غرب كييف.
وفي رسالة مصوّرة بثّت مساء الإثنين قال زيلينسكي إنّ "المحتلّين يُطردون من إربين، يُطردون من كييف. لكن، من السابق لأوانه التحدث عن أمن في هذا الجزء من منطقتنا. المعارك مستمرة. القوات الروسية تسيطر على شمال منطقة كييف، ولديها موارد وقوى بشرية".
وبدا الوضع هادئا نسبيا الثلاثاء في هذه المنطقة حيث سمع دوي إطلاق نار متقطع، بحسب مراسلي وكالة فرانس برس.
لكنّ جنودا منعوا وصول الصحافيين إلى الجسر المدمر الذي يؤدي إلى المدينة، قائلين إن القوات الأوكرانية ما زالت تنفذ عملية "تطهير" في المنطقة.
وقال رومان كوفاليفسكي (48 عاما) وهو من سكان المدينة كان متوجها على دراجته إلى كييف لجلب الوقود لوكالة فرانس برس "أعتقد أنه تم تحرير حوالى 70 إلى 80 في المئة من المدينة، وما زالت الحدود الخارجية في قبضة الروس".
وفي السياق، يزور رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي أوكرانيا لمناقشة "سلامة المنشآت النووية في البلاد وأمنها" على ما ذكرت الوكالة الثلاثاء.
هجوم مضاد
وفي ميكولاييف، استهدفت ضربة روسية الثلاثاء مقر الإدارة الإقليمية في المدينة القريبة من أوديسا على ما أعلن حاكم هذه المنطقة الواقعة في جنوب أوكرانيا على فيسبوك، وقد أسفرت عن مقتل سبعة على الأقل.
وروى دونالد وهو كندي متقاعد يبلغ 69 عاما لوكالة فرانس برس في ميكولاييف "كنت أتناول الإفطار في شقتي. سمعت صفيرا، ثم دويّا وانفجر زجاج نافذتي".
وأضاف "إنه أمر مخيف، كنا محظوظين هنا في ميكولاييف إذ لم نشهد الكثير من الانفجارات في وسط المدينة" كما هي الحال في مدن أخرى.
من ناحية أخرى، دعت سبع دول في الاتحاد الأوروبي بينها فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، الاثنين مواطنيها إلى الامتناع عن الانخراط كمتطوّعين لمساندة الأوكرانيين في القتال ضد الروس، في إعلان صدر عن وزراء العدل في هذه الدول.
وفي شمال شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عام 2014، أكد المسؤول العسكري لمدينة كريفيي ريه مساء الثلاثاء أن القوات الروسية "دفعت ما بين 40 و60 كيلومترا خارج المدينة".
وأعلنت أوكرانيا الثلاثاء استئناف عمليات إجلاء السكان عبر ثلاثة ممرات إنسانية، خصوصا من مدينة ماريوبول المحاصرة، بعد تعليقها يوما خشية من "استفزازات" روسية.
وقالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إرينا فيريشتشوك في مقطع فيديو نشر على تلغرام "تم الاتفاق على ثلاثة ممرات إنسانية لليوم".
حصار ماريوبول
وندد زيلينسكي الأحد بالحصار التام لماريوبول، وهي مدينة ساحلية استراتيجية على بحر آزوف يحاول الجيش الروسي السيطرة عليها منذ نهاية شباط/فبراير. وقال رئيس بلدية المدينة فاديم بويتشنكو إن حوالى 160 ألف شخص ما زالوا عالقين فيها.
وقالت مستشارة الرئاسة الأوكرانية المكلفة حاليا ملف الممرات الإنسانية تيتيانا لوماكينا لوكالة فرانس برس عبر الهاتف "دُفن حوالى خمسة آلاف شخص (في ماريوبول) لكن عمليات الدفن توقّفت قبل 10 أيام بسبب القصف المتواصل".
وأضافت أن عدد القتلى الفعلي قد يكون وصل إلى 10 آلاف شخص، نظرا إلى تقدير عدد الأشخاص العالقين تحت الركام.
سيتحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الروسي فلاديمير بوتين هاتفيا مرة جديدة الثلاثاء عند الساعة 16,30 (14,30 ت غ)، خصوصا بشأن عملية إجلاء إنسانية في مدينة ماريوبول الأوكرانية المحاصرة، ستنظم بالتعاون بين فرنسا واليونان وتركيا، وفق الإليزيه.
وقال زيلينسكي الثلاثاء إن الحصار الروسي لمدينة ماريوبول الساحلية يشكّل "جريمة ضد الانسانية".
وأضاف أمام البرلمان الدنماركي في خطاب عبر الفيديو "ما تفعله القوات الروسية بماريوبول هو جريمة ضد الإنسانية، وهو أمر يحدث على مرأى العالم حاليا".
تتشارك منظمة العفو الدولية هذا الشعور مع زيلينسكي. فقد صرحت الأمينة العامة للمنظمة أنييس كالامار لوكالة فرانس برس الثلاثاء "ما يحدث في أوكرانيا هو تكرار لما رأيناه في سوريا".
وأضافت "نحن أمام هجمات متعمّدة على بنى تحتية مدنية ومساكن" وقصف لمدارس، متّهمة روسيا بتحويل ممرات إنسانية إلى "مصيدة للموت".
عقوبات وإعفاءات
من جهة ثانية، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاثنين أن موسكو تحضّر مرسوما لفرض قيود على دخول المتحدّرين من دول قامت بأفعال "غير صديقة" إلى الأراضي الروسية، وسط موجة من العقوبات على موسكو منذ بداية غزوها لأوكرانيا.
وأصدرت السلطات الروسية بعد هجومها على أوكرانيا قوانين عدة تنص على عقوبات قاسية قد تصل إلى السجن 15 عاما لنشر ما تعتبره السلطات "معلومات مضللة" عن الجيش.
ويعرّض استخدام كلمة "حرب" من جانب وسائل إعلام أو أفراد لوصف التدخل في أوكرانيا، للملاحقة القضائية إذ يستخدم الكرملين ووسائل الإعلام التابعة له مصطلح "عملية عسكرية خاصة".
اقرأ أيضاً : روسيا تحذر "الناتو" من دعم أوكرانيا
وأعلنت روسيا إعفاء الشباب العاملين في قطاع التكنولوجيا الفائقة من الخدمة العسكرية من أجل التعامل مع هجرة العقول الناجمة عن الهجوم الروسي على أوكرانيا.