أعلن الجيش الروسي إعادة تركيز هجومه على منطقة دونباس في شرق أوكرانيا، في وقت يواصل الرئيس الأمريكي جو بايدن جولته الأوروبية في بولندا حيث يلتقي السبت لاجئين أوكرانيين.
اقرأ أيضاً : الحرب الروسية الأوكرانية في يومها الـ31
وأكدت رئاسة أركان الجيش الأوكراني في بيانها الأخير فجر السبت "إلحاق خسائر جسيمة بالمحتل الروسي" في منطقة دونيتسك ولوغانسك، أكبر مدينتين في دونباس، مشيرة إلى إسقاط ثلاث طائرات وتدمير ثماني دبابات ومقتل حوالى 170 جنديا من الجانب الروسي.
وينبغي مقاربة هذه الأرقام بحذر في ظل حرب المعلومات الشديدة الجارية بين الطرفين، وسط صعوبات كبرى في التثبت مما يجري على الأرض من مصدر مستقل، بعد أكثر من شهر على بدء العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا.
وأحدثت قيادة القوات الروسية مفاجأة إذ أعلنت الجمعة "تركيز الجزء الأكبر من الجهود على الهدف الرئيسي: تحرير دونباس"، ما يتباين مع تأكيدات موسكو حتى الآن بأن هجومها يهدف إلى "نزع السلاح واجتثاث النازية" في أوكرانيا ككل وليس فقط في المنطقة التي تضم "الجمهوريتين" الانفصاليتين المواليتين لروسيا.
وأكد رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية الجنرال كيريلو بودانوف للصحافة الأميركية الجمعة أن الجيش الروسي "مجرد أسطورة" مؤكدا أنه "يقوم على تركيز للقوة على شاكلة العصور الوسطى وعلى أساليب قتالية قديمة".
- مبادرة فرنسية تركية يونانية -
ويخيم غموض مطلق حول الجنرالات الروس الذين قتلوا في أوكرانيا وعددهم سبعة بحسب كييف، وآخرهم الجنرال ياكوف ريزانتسيف وفق مسؤولين غربيين طلبوا عدم كشف اسمائهم، فيما أقرت موسكو بمقتل جنرال واحد.
كما ذكرت المصادر أن جنرالا آخر هو فلاديسلاف يرشوف أقيل من مهامه بقرار من الكرملين بسبب الخسائر الفادحة في صفوف القوات الروسية، في وقت تحدثت وسائل إعلام أوكرانية عن "حملة تطهير" على ارتباط بالخسائر الروسية. لكن هذه المسألة أيضا تبقى غامضة.
وخارج منطقة دونباس، يتواصل الهجوم الروسي.
في محيط كييف، أعلنت رئاسة الأركان الأوكرانية أن المعارك متواصلة "لصد هجوم العدو"، مشيرة إلى أن خط الجبهة لم يتحرك.
وتؤكد قوات كييف مواصلة هجومها المضاد على خيرسون بجنوب البلاد، المدينة الكبرى الوحيدة التي احتلتها القوات الروسية بالكامل.
وفي ماريوبول، قتل أكثر من ألفي مدني بحسب بلدية المدينة الساحلية الإستراتيجية الواقعة على بحر آزوف. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن حوالى مئة الف من سكان المدينة ما زالوا محاصرين فيها وسط انقطاع كل احتياجاتهم.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الجمعة أن فرنسا وتركيا واليونان ستنفذ "عملية إنسانية" لإجلاء مدنيين من ماريوبول "في الأيام المقبلة".
وتقع قوة أزوف المتحصنة في ماريوبول في قلب الحرب الدعائية الجارية بين كييف وروسيا، إذ تعتبر ميليشيات من النازيين الجدد للبعض وبطلا وطنيا للبعض الآخر.
وتنتشر على شبكات التواصل الاجتماعي بدءا بحسابي السفارتين الروسيتين في باريس ولندن على تويتر، إفادات وتعليقات حول الفظاعات المنسوبة إلى هذه القوة التي توصف بـ"الفاشية" و"النازية".
- بايدن في وارسو -
على الجبهة الدبلوماسية، يجري بايدن في اليوم الثاني من زيارته لبولندا، محادثات السبت في وارسو مع القادة البولنديين.
وسيزور مركز استقبال للاجئين الأوكرانيين ويلقي كلمة حول أوكرانيا في وقت وصلت حصيلة شهر من الحرب إلى آلاف القتلى بينهم 135 طفلا بحسب كييف.
وفر أكثر من 2,2 مليون شخص منذ 24 شباط إلى بولندا هربا من النزاع، بحسب حرس الحدود البولنديين، من أصل حوالى 3,7 ملايين بينهم 1,8 مليون طفل لجأوا إلى الخارج وفق أرقام الأمم المتحدة.
وفي مواجهة هذه المأساة الإنسانية، يعم التضامن حيال أوكرانيا جميع أنحاء أوروبا.
وفي باريس، أقيم قداس الجمعة من أجل السلام في أوكرانيا شارك فيه حشد غفير في كاتدرائية القلب المقدس في حي مونمارتر.
وفي مدينة ديس الصغيرة الإنكليزية، يتم إرسال شاحنات من المساعدات وإعداد أسرّة لاستقبال اللاجئين وجمع أموال بفضل بيع كوكتيلات بلوني العلم الأوكراني الأصفر والأزرق.
- جسر من السكك الحديد -
في المانيا، أقيم "جسر من السكك الحديد" غير مسبوق لتسليم مساعدات إنسانية إلى أوكرانيا. وتذكر العملية التي تنفذها شركة السكك الحديد الالمانية بـ"الجسر الجوي" الشهير الذي أقامه الغربيون إبان الحرب الباردة لمساعدة برلين في وقت كانت خاضعة لحصار سوفياتي.
وقال سفير أوكرانيا في ألمانيا أندريج ميلنيك الذي حضر انطلاق قطار هذا الأسبوع "الكثير من الأوكرانيين يشعرون اليوم بعد أربعة أسابيع طويلة من الحرب، ما شعر بره البرلينيون والبرلينيات إبان الحصار السوفياتي" في 1948 و1949.
ويتم تكديس المساعدات على عجل في القاطرات، من طعام للأطفال ومواد للنظافة الشخصية وأجهزة كهربائية صغيرة ومعدات طبية وفرش وأغطية وغيرها.
على الصعيد الاقتصادي، أعلنت واشنطن وبروكسل الجمعة تشكيل مجموعة عمل تهدف إلى الحد من اعتماد أوروبا على الطاقات الأحفورية الروسية، ولا سيما بفضل إمدادات من الغاز الأميركي.
وفي روسيا، وقع الرئيس فلاديمير بوتين مساء الجمعة قانونا يعاقب بالسجن حتى 15 عاما ناشري "المعلومات الكاذبة" عن أعمال موسكو في الخارج، في إجراء قمعي إضافي للتحكم في المعلومات عن الهجوم الروسي على أوكرانيا.