صدقت المحكمة الاتحادية العليا في العراق في جلسة الاثنين، على نتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت في العاشر من تشرين الأول، بعدما كانت ردّت دعوى تقدّمت بها قوى سياسية ممثلة للحشد الشعبي للدفع إلى إلغاء النتائج.
اقرأ أيضاً : بعد 30 عاما.. العراق يغلق ملف تعويضات حرب الكويت
وأعلن مسؤول إعلامي في المحكمة في بيان مقتضب أن "المحكمة الاتحادية العليا تصدق على نتائج انتخابات مجلس النواب".
وكانت المحكمة قد ردّت في وقت سابق الدعوى المقدمة من تحالف الفتح الممثل للحشد الشعبي، تحالف فصائل موالية لإيران باتت منضوية في القوات الرسمية، لإلغاء نتائج. وحصل تحالف الفتح على 17 مقعدا بعدما كان يشغل في البرلمان المنتهية ولايته 48 مقعداً.
وأعلن القاضي جاسم محمد عبود رئيس المحكمة "رفض طلب المدعين إصدار أمر ولائي لوقف اجراءات التصديق على النتائج النهائية للانتخابات"، مؤكدا أن "الحكم باتا ملزما لكل السلطات".
وأضاف أن "المحكمة الاتحادية العليا قررت ردّ دعوى عدم المصادقة على النتائج وتحميل المشتكي كل المصاريف".
ويفتح التصديق على النتائج المجال الآن أمام البرلمان الجديد لعقد جلسته الأولى في الأسبوعين المقبلين، ثمّ انتخاب رئيسا له ورئيسا للجمهورية، قبل اختيار رئيس للحكومة في عملية تعتمد على المفاوضات السياسية بين القوى المختلفة.
وتصدّرت الكتلة الصدرية بزعامة مقتدى الصدر، النتائج بحيازتها على 73 مقعدا، وفق النتائج النهائية التي أعلنتها المفوضية الانتخابية.
ضغوط سياسية
على الرغم من تراجع الكتلة السياسية الممثلة لفصائل الحشد الشعبي في الانتخابات، تبقى هذه التشكيلات التي يقدر عدد مقاتليها بـ160 ألف عنصر لاعبا مهما على الصعيد الأمني والسياسي في البلاد.
وبذلك، يبقى لهذه القوى كلمة في المفاوضات التي ستفضي إلى اختيار رئيس للوزراء وتشكيل حكومة، في عملية معقدة في بلد متعدد الاثنيات والطوائف، تهيمن عليها الأحزاب الشيعية التي تلجأ في النهاية إلى اتفاق مرضٍ بغض النظر عن عدد المقاعد التي يشغلها كل حزب.
ويستطيع الحشد الشعبي الذي دخل البرلمان للمرة الأولى في 2018 مدفوعاً بانتصاراته ضد تنظيم الدولة الإسلامية، الاعتماد على لعبة التحالفات أيضا، إذ حاز أحد شركائه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الذي يتزعم تحالف "دولة القانون" 33 مقعداً.
ورأى رئيس مركز التفكير السياسي والمحلل العراقي إحسان الشمري في حديث لفرانس برس أن "قرار المحكمة الاتحادية سيساهم في تشجيع القوى التي تفاوضت سابقاً بشكل غير مباشر للوصول إلى توافقات أو تحالف يمكن أن يعلن خلال الأيام القادمة".
وبغضّ النظر عن التحالفات المقبلة، اعتبر الشمري أن "الأهم في قرار المحكمة الاتحادية أن القضاء لم يخضع للضغوط السياسية التي مورست من قبل القوى الخاسرة والمعترضة على نتائج الانتخابات وهذا يعطي إشارة واضحة على أنه لا ثغرات سياسية في جسد المحكمة الاتحادية".
وكرّر الصدر مراراً نيته تسمية رئيس للحكومة من كتلته وتشكيل حكومة أغلبية. في الأثناء، قد تبرز خلافات أيضاً داخل الإطار التنسيقي الشيعي، الذي يضمّ تحالف الفتح وقوى سياسية شيعية أخرى، وقد يتجه بعضها للتحالف مع الصدر.
ثقة الناخب
اعتبر القاضي قبيل تلاوته الحكم أن "اعتراض بعض الكتل على النتائج الانتخابات العامة (…) بغض النظر عن اسبابه ينال من قيمة الانتخابات ويبعد ثقة الناخب بها ويبعد العملية السياسية عن مسارها الصحيح".
وأكد أن "ذلك سيؤثر على السلطتين التشريعية والتنفيذية باعتبارهم نتاجاً لتلك الانتخابات".
وأضاف أن "الجهات المعترضة" أكدت أن "سبب اعتراضها هو آلية العد والفرز الإلكتروني وأن تلك الآلية تفقد العملية الانتخابية الانتخابية المصداقية وتؤثر في نتائج الانتخابات وذلك لإمكانية اختراق الأجهزة بالوسائل العملية الحديثة".
لذلك "تجد المحكمة وجوب حصول تدخل تشريعي من قبل مجلس النواب القادم لتعديل قانون الانتخابات واعتماد نظام العد الفرز اليدوي بدلا من العد والفرز الالكتروني، إذ إن أساس نزاهة الانتخابات و ترسيخ مبادئ الديموقراطية عن طريقها يعتمد على مدى ثقة الناخب بمصداقيتها و نزاهتها".
وبعد أسابيع عدة من التوتر الذي بلغ ذروته لدى تعرض رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لمحاولة اغتيال مطلع الشهر الحالي، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات النتائج النهائية في أواخر تشرين الثاني.
اقرأ أيضاً : ريم العبالي شابة عراقية وزيرة في الحكومة الألمانية الاتحادية
وجاءت هذه الانتخابات بالدرجة الأولى لامتصاص غضب الشارع بعد احتجاجات غير مسبوقة شهدتها البلاد في تشرين الأول 2019، ضدّ الأوضاع المعيشية المتردية والفساد وما يرون أنه تزايد لهيمنة إيران على البلاد.
وكان المسؤولون في تحالف الفتح أوضحوا في مؤتمر صحافي مؤخراً النقاط الخلافية بشأن النتائج مشيرين إلى حصول أعطال في التصويت الالكتروني.
وذكّروا، استنادا إلى تلك التقارير الفنية، بأنّ البصمات الالكترونية لبعض الناخبين لم تتم قراءتها، متسائلين كذلك عن أسباب استقدام جهاز إلكتروني جديد يسمّى "سي 1000" قبل أيام من الانتخابات والإخفاقات التي حصلت في استخدامه.