نشر رئيس الوزراء الأسبق سمير زيد الرفاعي، اليوم الخميس، قصة محاولة اغتيال والده في المملكة المتحدة.
وقال "الرفاعي الابن"، في منشور له في حسابه على فيسبوك، إن القصة الكاملة للحادثة التي حصلت قبل 50 عاما، حصلت عندما كان والده إلى مقر عمله في السفارة الأردنية لدى المملكة المتحدة، حيث "انهمر وابل من الرصاص على سيارته وشاء الله أن ينجو من الموت".
اقرأ أيضاً : الرفاعي عن لقائه بالخصاونة: استذكرنا فيها سنوات الصداقة والعمل - صورة
وتاليا ما نشره الرفاعي:
((مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً))
كلما سئلت عن سبب شغفي وإيماني بالشباب، أو سمعت أحدهم يقلل في حديثه من قدرة الشباب الأردني على الفعل، والمشاركة السياسية، واتخاذ القرار، أذكره بسنوات من عمر الوطن حمى فيها الحسين ورفاقه الأردن، من حروب وغوائل ومؤامرات حاكتها الكثير من القوى والجهات، ونجوا بالوطن وأهله من كل ذلك وهم بعد في ريعان الشباب.
هزاع المجالي، عليه رحمة الله، استشهد وكان عمره 43 عاما، ومن ثم لحقه رفيقه وصديقه وصفي التل، رحمه الله، وكان عمره يوم استشهاده 52 عامأ، وكان كلاهما ملء السمع والبصر، خلف كل منهما سجل حافل بالخدمات الوطنية، والإنجازات التي قدموها لبلدهم بكل أمانة وإخلاص، وهما بطلان من أرتال من الأبطال الذين ضحوا بدمائهم خدمة للوطن وقيادته.
وقبل 50 عاما كاملة، وفيما كان زيد الرفاعي، والدي، وأحد رفاق درب الملك الحسين، طيب الله ثراه، متوجها إلى مقر عمله في السفارة الأردنية لدى المملكة المتحدة، انهمر وابل من الرصاص على سيارته، وشاء الله أن ينجو من الموت، لكن ذات اليد المتآمرة المرتجفة التي طالت قبلها بأسبوعين الشهيد وصفي التل في القاهرة، واستمرت بعدها لسنوات في محاولة النيل من الأردن، أصابته برصاصة في ذراعه اليمنى، تركت على جسده وساما يفتخر به إلى اليوم، وكان عمره يومها 35 عاما فقط..
هذه الحادثة التي مستني بشكل شخصي، وكادت تفقدني والدي، دفعتني بعدها بسنوات إلى أن أسأله عن ما كان يدور في ذهنه في تلك اللحظات العصيبة، التي أوشكت أن تكون آخر لحظات حياته، وكأي إبن، كنت أتوقع أن يقول لي أنه كان يفكر بأسرته، لكنه قال أنه كان يحمل مذكرة سرية موجهة إلى جلالة الملك الحسين، طيب الله ثراه، وكان كل همه أن لا تقع في يد أحد إن نفذ قضاء الله في ذلك اليوم، وبينما كان ينزف، ولا يدري طبيعة إصابته أو مقدار خطورتها، وبالطبع كان يتوقع في تلك اللحظة أن يلحق برفاقه من شهداء الواجب، وهو يرى الرصاص يخترق السيارة من كل موضع، كان في تلك اللحظات يحاول تمزيق تلك المذكرة وتدمير معالمها بأي شكل كان، حتى أنه أكل أجزاء منها، خشية منه على أسرار الدولة.
عن ذلك اليوم يقول: تم نقلي إلى المستشفى تحضيرا لجراحة عاجلة، ليدخل أحد طواقم المستشفى إلى غرفة العمليات ويقول أن جلالة الملك الحسين على الهاتف، وبالفعل أحضروا جهاز الهاتف، وبالكاد كنت أستطيع الحديث، وفوجئت بجلالته يقول: زيد، أنا زعلان منك! فأجبته: ليش يا سيدي؟ وإذا به يقول: ولو، بتنطخ لحالك.. بدوني؟ كل مرة طخوا علي كنت معي! فقلت له: لا يا سيدي، إن شاء الله بطخوني 100 مرة ولا يصيبك شر.
فتلك لم تكن أول مواجهاته مع الموت، فقبلها بعام ونصف تقريبا، وأثناء محاولة اغتيال جلالة الملك الحسين، طيب الله ثراه، في منطقة صويلح، كان زيد الرفاعي إلى جانبه، مع أبطال الجيش العربي والحرس الملكي، وعندما اشتد تبادل إطلاق النار، ألقى بجسده على الملك ليحميه، يومها ورغم صعوبة الموقف، رفض الملك الحسين أن يغادر الموقع إلا بعد أن يستعيد (البوريه) العسكري الذي سقط منه أثناء المواجهات، وبالفعل، ترجل من السيارة واستعاده.
بعد المحاولة، قال الملك الحسين لزيد الرفاعي مازحا: في المرة القادمة دعني أواجه مصيري مع الرصاص، فهو أخف من أن تتكسر عظامي تحت قفزتك.
علينا دوما أن نستدكر هذه القصص والوقائع عن جند الوطن والعرش الأوفياء، بفخر واعتزاز، وواجبنا جميعا كجند للوطن أن نبقيها حية، وأن نسردها للأجيال من بعدنا لتكون لهم سلاحا ودروسا في التضحية والفداء، ومعها علينا أن نقدم لهم الدعم، ونكون لهم السند الذي يعينهم على حمل أمانة خدمة الأردن والأردنيين بصدق وإخلاص.
حفظ الله الأردن، وحفظ قادته آل هاشم الأطهار، وعميدهم جلالة قائدنا وسيدنا الملك عبدالله الثاني بن الحسين وولي عهده الأمين، ورحم الحسين الباني ومن سبقه ولحقه من رجالات الوطن وأبطاله إلى جنات الخلد بإذن الله. وحفظ والدي الحبيب بخير حفظه ورعايته.