وصل بيني غانتس ليل الثلاثاء إلى الرباط في زيارة هي الأولى لوزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي إلى المغرب وترمي لتعزيز التعاون الأمني بين البلدين بعد نحو عام على تطبيع علاقاتهما وتتزامن مع توتر بين الرباط والجزائر حول نزاع الصحراء الغربية.
اقرأ أيضاً : الاحتلال يوقع أمرا عسكريا لملاحقة ست مؤسسات حقوقية فلسطينية
وقال غانتس قبيل إقلاع طائرته من مطار بن غوريون في تل أبيب "ننطلق بعد دقائق في رحلة تاريخية مهمة إلى المغرب تكتسي صبغة تاريخية، كونها أول زيارة رسمية لوزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي لهذا البلد".
وأضاف "سوف نوقع اتفاقيات تعاون ونواصل تقوية علاقاتنا. من المهم جدا أن تكون هذه الزيارة ناجحة".
وسيجري غانتس الأربعاء مباحثات في الرباط مع وزيري الدفاع والخارجية المغربيين.
وتهدف هذه الزيارة إلى "وضع الحجر الأساس لإقامة علاقات أمنية مستقبلية بين الاحتلال والمغرب"، بحسب ما أوضح مسؤول في الاحتلال الاسرائيلي، مشيراً إلى أنّ اتفاق إطار سيتم توقيعه في هذا الصدد.
وأضاف "كان لدينا بعض التعاون، لكننا سوف نعطيه طابعا رسميا الآن. إنه إعلان علني عن الشراكة بيننا".
وكان البلدان أقاما علاقات دبلوماسية إثر توقيع اتفاقات أوسلو بين الاحتلال ومنظمة التحرير الفلسطينية العام 1993، قبل أن تقطعها الرباط بسبب قمع الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي انطلقت عام 2000.
- الصحراء الغربية -
وفي أواخر العام الماضي استأنف البلدان علاقاتهما الدبلوماسية في إطار اتفاق اعترفت بموجبه الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
وكانت المملكة بذلك رابع بلد عربي يطبع علاقاته مع الاحتلال الاسرائيلي في 2020 برعاية أميركية، بعد الإمارات والبحرين والسودان. وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين ونظيره المغربي ناصر بوريطة خلال لقائهما الاثنين بواشنطن على أهمية "التعميق المستمر" للعلاقات بين المغرب والاحتلال الاسرائيلي.
كما جدد بلينكين دعم الولايات المتحدة للحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب لحل النزاع في الصحراء الغربية، تحت سيادة الرباط.
تأتي زيارة غانتس إلى المملكة في سياق متوتر إقليمي متوتر مع إعلان الجزائر في آب/أغسطس قطع علاقاتها مع الرباط بسبب "أعمال عدائية". وأعرب المغرب عن أسفه للقرار ورفض "مبرراته الزائفة". كذلك أعلنت جبهة البوليساريو الجمعة "تكثيف" عملياتها العسكرية ضد القوات المغربية في الصحراء الغربية.
ويعتبر الخبير في العلاقات الإسرائيلية المغربية بجامعة تل أبيت بروس مادي وايتسمان أن هذا التزامن قد لا يكون من باب الصدفة، موضحا "في سياق التوتر مع الجزائر ربما يرغب المغاربة في أن يظهروا للعالم، ولشعبهم وخصومهم الجزائريين وكذلك للغرب، أنهم بصدد تعميق علاقاتهم مع الاحتلال، مع كل ما يستتبع ذلك".
- نفط وتكنولوجيا عسكرية -
كذلك، تأتي زيارة غانتس إلى المغرب بعد ثلاثة أشهر على إعلان البلدين الاتفاق على رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بينهما من مكتبي اتصال إلى سفارتين أثناء زيارة وزير خارجية الاحتلال يائير لبيد إلى المملكة.
والشهر المنصرم أيضا أعلنت شركة راتيو بيتروليوم التابعة للاحتلال الاسرائيلي توقيع شراكة مع الرباط لاستكشاف حقول غاز بحرية قبالة ساحل الداخلة بالصحراء الغربية.
على الصعيد العسكري تعد تل ابيب من أهم مصدري الطائرات المسيرة الحربية والتطبيقات الالكترونية لأغراض أمنية إلى المغرب، مثل تطبيق بيغاسوس الذي طورته شركة ان اس او التابعة للاحتلال. علما أن هذا النوع من المبيعات يجب أن تصادق عليه وزارة دفاع الاحتلال الاسرائيلية.
وكان تحقيق نشرته وسائل إعلام دولية في تموز اتهم المغرب باستعمال برنامج بيغاسوس لاستهداف صحافيين ومعارضين وشخصيات سياسية مغربية وأجنبية، بينها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
غداة ذلك التقى وزير دفاع الاحتلال الاسرائيلي نظيره الفرنسي وأكد له أن تل ابيب تأخذ هذه الادعاءات على "محمل الجد".
من جهتها نفت الرباط بشدة تلك الاتهامات، ورفعت شكاوى قضائية بتهمة "التشهير" ضد ناشريها في فرنسا وألمانيا واسبانيا.
وسألت وكالة فرانس برس ناطقا باسم غانتس حول ما إذا كان برنامج زيارته إلى المغرب يتطرق لموضوع إن إس أو أو بيع تكنولوجيا عسكرية، لكنه لم يشأ التعليق.
وذكرت عدة منظمات غير حكومية العثور على برنامج بيغاسوس التجسسي أيضا في هواتف نشطاء فلسطينيين في حين لا تزال القضية الفلسطينية تحظى باهتمام وتأييد جانب من المجتمع المدني المغربي المناهض للتطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي.
ودعت "الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع"، التي تضم تيارات يسارية وإسلامية، إلى التظاهر الأربعاء احتجاجا على "قدوم مجرم الحرب" غانتس إلى المغرب.
وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي دعوات مماثلة تحت وسوم من مثل "لا مرحبا بالقاتل غانتس".
ويرى وايتسمان أنّ المغرب لم يتخلّ عن القضية الفلسطينية، "لكن لديه مصالح ومنافع أخرى كثيرة ليجنيها من إعادة ضبط علاقاته".
ويضيف "جل بلدان المنطقة لم تعد ترغب في أن تظل رهينة لهذه القضية، بل في إعطاء الأولوية لمصالحها الخاصة وتل ابيب لديها الكثير لتقدمه".