قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مساء الأربعاء، إنه حان الوقت أن يغير المجتمع الدولي طريقة تعامله مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بأن ينتقل من بيانات الاستنكار والشجب لانتهاكات الاحتلال الاسرائيلي بحق شعبنا وأرضنا، إلى خطوات ملموسة.
اقرأ أيضاً : زيارة مرتقبة للرئيس الفلسطيني محمود عباس الى روسيا
وأضاف عباس في كلمته في الذكرى السابعة عشرة لاستشهاد ياسر عرفات، إن هذه الذكرى تأتي وقضيتنا الوطنية العادلة تمر بمرحلة جد دقيقة، ربما هي الأصعب في تاريخنا النضالي.
وشدد على أنه ليس من المعقول أو المقبول أن يبقى الاحتلال جاثما على صدورنا إلى الأبد، كما أنه ليس من المعقول أن نبقي على الالتزام باتفاقات لا تلتزم بها سلطات الاحتلال.
وقال: في هذه الذكرى الأليمة، ذكرى رحيل الشهيد القائد ياسر عرفات، نجدد التمسك بوحدة شعبنا، والدعوة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، تلتزم جميع القوى المشاركة فيها بالشرعية الدولية التي اعترفت بها منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والحفاظ على القرار الوطني المستقل.
وتابع: أقول لأخي ورفيقي الشهيد القائد ياسر عرفات، ولجميع رفاقه الشهداء القادة، وللأسرى والجرحى، إننا سائرون على الدرب الذي قضيتم عليه مهما كانت الصعاب، وسينتهي الاحتلال، ونحقق الحرية والاستقلال في دولتنا الفلسطينية ذات السيادة على ترابنا الوطني.
وفيما يلي كلمة عباس في إحياء الذكرى السابعة عشرة لرحيل ياسر عرفات:
بسم الله الرحمن الرحيم "من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلًا"، صدق الله العظيم.
يا أبناء شعبنا الفلسطيني العظيم،
سبعة عشر عاماً مرت على استشهاد القائد المؤسس الشهيد ياسر عرفات، ذلك الرجل الذي نستلهم من ذكراه الصبر والعزم والتصميم على مواصلة مسيرة نضالنا الوطني، وثورتنا الفلسطينية العملاقة التي قدم خلالها الآلاف من أبناء شعبنا أرواحهم وحريتهم فداءً للوطن. إنها ثورة الشعب الفلسطيني ومسيرته النضالية التي كانت وما زالت نبراسا لجميع أحرار العالم الذين يؤمنون بالحرية والعدل والعيش بكرامة في وطن حر وآمن ومستقر.
تأتي هذه الذكرى وقضيتنا الوطنية العادلة تمر بمرحلة جدّ دقيقة، ربما هي الأصعب في تاريخنا النضالي، فسلطات الاحتلال الإسرائيلي توغل في سياستها الاستعمارية والعنصرية، وتشن عدوانا ممنهجا لتغيير الوضع التاريخي لمدينة القدس عاصمتنا الأبدية، وطمس هويتها وطابعها العربي والإسلامي، وطرد سكانها والاستيلاء على منازلهم في الشيخ جراح، وسلوان وغيرها، وكذلك منع المصلين والمؤمنين من الوصول للأماكن المقدسة في الأقصى والحرم الإبراهيمي وكنيسة القيامة.
كما يستمر هذا الاحتلال الغاشم في سياساته الاستيطانية لخنق ما تبقى من فرص لتجسيد استقلال دولتنا الفلسطينية، وتكريس سياسة الفصل العنصري، الابرتهايد، فضلا عن الحصار الجائر على قطاع غزة، وإقامة صلوات غير مشروعة في المسجد الأقصى المبارك، في تحد سافر لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، التي قبلنا بها والتزمنا بتنفيذها، في إطار سعينا لتحقيق السلام العادل والشامل وإنهاء الاحتلال عن أرض دولة فلسطين.
أيتها الأخوات، أيها الاخوة،
بعد 73 سنةً من النكبة و54 سنةً من العدوان والاحتلال عام 1967، وما وصلنا إليه من واقع الاحتلال والضم والعنصرية الإسرائيلية، والتقويض المتواصل لحل الدولتين، فقد حان الوقت أن يغير المجتمع الدولي طريقة تعامله مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بأن ينتقل من بيانات الاستنكار والشجب للانتهاكات الإسرائيلية بحق شعبنا وأرضنا، إلى خطوات ملموسة كفرض آليات الحماية الدولية، وعقد مؤتمر دولي لإنهاء الاحتلال، واعتراف الدول التي لم تعترف بدولة فلسطين، ومنع تمويل إسرائيل بالسلاح الذي يقتل الأطفال والأبرياء وغيرها من الإجراءات العملية.
أيتها الأخوات، أيها الاخوة،
لقد عبّرنا في خطابنا الأخير أمام الأمم المتحدة عن آمال وتطلعات شعبنا بالحرية والانعتاق من هذا الاحتلال الاستعماري الغاصب، عبر وضع سقف زمني لتطبيق رؤية حل الدولتين تحت رعاية الرباعية الدولية، وصولاً لترسيم حدود دولة فلسطين المستقلة على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وقلنا إنه إذا لم تستجب سلطات الاحتلال، فإن الواقع على الأرض سيفرض نفسه في دولة واحدة متساوية الحقوق للجميع، أو بالعودة لقرار التقسيم لعام 1947 الذي يعطي دولة فلسطين 44% من الأرض، لأنه ليس من المعقول أو المقبول أن يبقى الاحتلال جاثماً على صدورنا إلى الأبد، كما انه ليس من المعقول أن نبقي على الالتزام باتفاقات لا تلتزم بها إسرائيل.
لقد آمن الشهيد القائد ياسر عرفات، وآمن شعبنا بالسلام العادل والشامل الذي يضمن قيام دولة فلسطين، ويحمي حق العودة المقدس لأهلنا في مخيمات الشتات، أولئك الذين دفعوا ثمناً باهظاً بسبب الاحتلال، وسنبقى متمسكين بهذا الحق الذي يمكّن اللاجئين من استرداد أملاكهم وتعويضهم عن الضرر الذي لحق بهم كل هذه السنوات، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها القرار 194.
أيتها الأخوات، أيها الاخوة،
الشعب الفلسطيني شعبٌ عظيم، له مساهماتٌ خلاقةٌ في كل مكان في العالم، وفي فلسطين، وبالرغم من وجود الاحتلال، تمكنّا من بناء مؤسساتنا الوطنية الحكومية والمحلية والخاصة والمدنية والأمنية والأكاديمية وغيرها، وأسسنا دولةً عصرية حقيقية، لا ينقصها سوى رحيل الاحتلال، وسنواصل العمل سويًا وبسواعد الجميع على جعلها دولةً تليق بشعبنا من خلال تطويرها، وتحديث قوانينها، وإرساء أسس سيادة القانون، والمساواة والعدالة واحترام حقوق الإنسان والشفافية والمحاسبة، واستخدام الوسائل التكنولوجية والرقمية، ومعايير الاستدامة في التنمية الاقتصادية وتمكين المرأة والشباب والأخذ بيد الفئات التي تحتاج للدعم الاجتماعي من الجميع.
يا أبناء شعبنا العظيم،
في هذه الذكرى الأليمة، ذكرى رحيل الشهيد القائد ياسر عرفات، نجدد التمسك بوحدة شعبنا، والدعوة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، تلتزم جميع القوى المشاركة فيها بالشرعية الدولية التي اعترفت بها منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والحفاظ على القرار الوطني المستقل، ونشيد بجهود جالياتنا في الخارج، من أجل حشد التأييد الدولي لشعبنا، والعمل مع المنظمات الدولية والمحلية رفضا للاحتلال والعنصرية والاضطهاد ضد أبناء شعبنا.
وأختم بالقول لأخي ورفيقي الشهيد القائد ياسر عرفات، ولجميع رفاقه الشهداء القادة، وللأسرى والجرحى، إننا سائرون على الدرب الذي قضيتم عليه مهما كانت الصعاب، وسينتهي الاحتلال، ونحقق الحرية والاستقلال في دولتنا الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على ترابنا الوطني، لأنّ هذا الشعب الصابر الصامد القابض على ثوابته هو الذي سطّر قصص النجاح والكفاح، وصنع من المستحيل حكاية الأمل والحياة، قادرٌ بأمر الله على ذلك.
نعاهدكم يا أبناء شعبنا بأن نبقى على العهد، وفاءً لمشروعنا الوطني، وثوابتنا ولجرحانا ولأسرانا الذين لن نتخلى عنهم مهما كانت الضغوطات، ونحيي أهلنا في الوطن والشتات كافة، ونحيي صمود أهلنا في القدس وغزة والضفة، مؤكدين أنّ النصر قادمٌ لا محالة، وشمس الحرية ستسطع على أرضنا الفلسطينية المقدسة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.