عبر الرمال الحمراء المتلألئة لوادي رم، إجتاز أكثر من مئة فارس جاؤوا من مختلف دول العالم هذه الصحراء التي تعرف أيضا باسم "وادي القمر" لتشابه تضاريسها بسطح القمر كجزء من سباق ملحمي لمسافات طويلة.
اقرأ أيضاً : حجم الطلب على المخيمات يفوق القدرة الاستيعابية في وادي رم - فيديو
وقطع متسابقو "غالوبس" مسافة 200 كيلومتر على مدى خمسة أيام في صحراء وادي رم (320 كلم جنوب عمان) وانتهى السباق الجمعة في مدينة البتراء الأثرية المدرجة على لائحة التراث العالمي، والتي كانت عاصمة للأنباط ما قبل الميلاد وأختيرت عام 2007 كواحدة من عجائب الدنيا السبع الجديدة.
واحتل فريق "كوازان"، وهو فريق فرنسي للهواة يتألف من خمس طبيبات، المركز الثاني بفوزه على فريق "الخيالة السلطانية" القادم من سلطنة عمان والمكون من خمسة رجال الذي إحتل المركز الثالث.
وفاز بالسباق فريق فرنسي آخر هو "بلو غالا" المكون من ثلاث سيدات ورجلين.
وسبق ان تم تنظيم السباق الذي وصفه المنظمون بأنه "سباق القدرة والتحمل" عبر "التضاريس الصحراوية المتناثرة والأودية والجبال" في الهند والمغرب وسلطنة عمان.
وقطع الفرسان مسافة 200 كيلومتر على خمس مراحل كل يوم 40 كلم وسط التضاريس الصحراوية حيث تم تعقبهم من خلال نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي أس).
وقالت عارضة الأزياء وملكة جمال فرنسا لعام 2015 كاميل سيرف (27 عاما) لوكالة فرانس برس "إنها تجربة رائعة تسمح لنا بإكتشاف بلد جديد".
ويقول المنظمون إن السباق لا يعتمد فقط على مهارات المتسابقين في ركوب الخيل ، ولكن أيضًا "قدرتهم على التحمل، وروح التضامن لديهم، فضلاً عن إنضباطهم الذاتي".
ومن بين المشاركين إيملين بارمينتييه، البلجيكية البالغة من العمر 26 عامًا، والتي فقدت ساقيها من فوق الركبة في حادث سيارة في عام 2019، وشاركت باستخدام سرج مجهز بشكل خاص.
وقالت بارمينتييه لوكالة فرانس برس "بعد الحادث، قلت لنفسي: حسنًا، لا يمكنني المشي بعد الآن، وإذا لم أمش فلن أكتشف أشياء جديدة – الآن ركوب الخيل بالنسبة لي أشبه بالمشي مرة أخرى".
– تعزيز قطاع السياحة –
ومن بين المشاركين الآخرين الأميرة جليلة بنت الأمير علي بن الحسين (الأخ غير الشقيق للعاهل الأردني).
وشارك في السباق 133 فارسا من 16 دولة من بينها فرنسا وبلجيكا وإيطاليا وإسبانيا والمانيا وسويسرا والدنمارك والولايات المتحدة واليابان والأرجنتين وأندونيسيا وسلطنة عمان والأردن.
وأكد منظم السباق بديع كبير لوكالة فرانس برس "هذا أكبر تجمع للفرسان في العالم، لدينا 133 فارس من 16 دولة".
وأضاف “لقد أثرت جائحة كورونا على هذا السابق كثيرا حيث تم تأجيل الحدث عدة مرات ولكن عندما تحسنت الأمور فوجئنا بعدد المشاركين”.
وبحسب كبير فإن "هدف السباق رياضي وسياحي في الوقت نفسه، فطبيعة الأردن ملائمة لهذا التجمع الكبير من الفرسان من حول العالم".
وفي هذه الكثبان الرملية الرائعة والتكوينات الصخرية المذهلة لوادي رم، تم تصوير الممثل البريطاني بيتر أوتول وهو يركب حصانه في الفيلم الملحمي "لورنس العرب" عام 1962.
تقول بارمنتييه إن المناظر الطبيعية التي مرت بها كانت "مذهلة".
وانتهى السباق أمام بوابة الخزانة الشهيرة المنحوتة في الصخر في مدينة البتراء الأثرية (230 كلم جنوب عمان)، حيث تم تصوير مشاهد من فيلم هوليوود الشهير “إنديانا جونز والحملة الصليبية الأخيرة” عام 1989 من بطولة الممثل الأميركي هاريسون فورد.
وتضيف بارمنتييه “أعتقد أن كل الصور التي يمكننا التقاطها لن تصف أبدًا ربع ما نراه هنا”.
وتأثر قطاع السياحة في المملكة بسبب جائحة كورونا وما تلاها من إغلاقات، وكان وادي رم أحد أبرز المواقع السياحية المتأثرة بهذا التراجع.
ويعتمد اقتصاد الاردن البالغ عدد سكانه حوالى عشرة ملايين نسمة وتشكل الصحراء نحو 92% من مساحة أراضيه، الى حد كبير على دخله السياحي الذي يشكل ما بين 12 الى 14% من إجمالي الناتج المحلي.
وقال الدليل السياحي محمد سليم (21 عاما) الذي كان يتابع بفضول وحماسة شديدة السباق "أنا سعيد جدا، بصراحة كل الناس هنا سعداء، هنا مكان عملنا أبا عن جد والجائحة أثرت فينا كثيرا وفقدنا مصدر رزقنا حيث أختفى السياح".
وأضاف "آمل أن تتحسن الأمور وان تجذب هكذا سباقات أنظار السياح لهذا المكان الساحر وتعيدهم إلينا من جديد لأننا تعبنا من الجلوس ونريد ان نعود لأعمالنا ونجوب هذه الصحراء مع السياح من جديد".
وتشتهر صحراء وادي رم بكثبانها الرملية الحمراء وصخورها الغرانيت السوداء وجبالها وأخاديدها الصخرية الوعرة التي طالما جذبت هواة التخييم والتسلق وسباقات الخيل والسيارات والمناطيد والبالونات.
وهي واحدة من ابرز الوجهات السياحية في المملكة بالاضافة الى مدينة البتراء الوردية والبحر الميت، الذي يعتبر أخفض منطقة على سطح الأرض.
وتأثر قطاع السياحة في المملكة بسبب جائحة كورونا وما تلاها من إغلاقات.
وقال وزير السياحة الأردني نايف الفايز في الخامس من ايلول الماضي إن الدخل السياحي انخفض من 4,5 مليارات دينار (حوالى 6,3 مليارات دولار) في عام 2019 الى مليار دينار فقط (حوالى 1,4 مليار دولار) عام 2020 بسبب الجائحة والإغلاقات.