يهدد التعدين، إن بدأ في محمية ضانا ومحيطها، كل ما هو مميز في المحمية، مجتمعها المحلي وشجرها ونباتها وحيواناتها التي ستتأثر بشكل كبير جراء هذا التعدين ونتائجه الكارثية على الحياة الطبيعية في المحمية.
محمية ضانا للمحيط الحيوي حاضنة التنوع الحيوي الأكبر في الأردن، تميزت وتتميز بوجود تنوع هائل ولطالما بقيت محطة للباحثين والعلماء البيئيين المحليين والعالميين فما زالت ثنايا المحمية تخرج للعلم كل جديد في علوم التصنيف والأنواع الجديدة على العلم والبحث العلمي في مجال الصيدلة وباستخدام النباتات الطبية ومراقبة مؤشرات التلوث والتغير لمناخي.
تقوم الجمعية الملكية لحماية الطبيعة ومنذ عقود بمراقبة التنوع الحيوي داخل المحميات الطبيعة كجزء من المنظومة الوطنية للمحافظة على البيئية المحيطة بالإنسان، ولا يظن البعض بأن هذه المهمة تقتصر على الحفاظ على أشكال الحياة البرية فقط إنما هي المحافظة على الإنسان في الدرجة الأولى. إن الموروث الطبيعي لا يقاس بالمنفعة المادية المباشرة فقط وإنما هو جملة ما تقدمه لنا وللأجيال بعدنا.
فموروثنا وثقافتنا وطبيعتنا قصة بدأت منذ آلاف السنين لتترك لنا شواهد على العصر وتحط رحالها فيما تبقى لنا منها منارات على الطريق فكانت محمية ضانا، والتي حضت وحفظت بين جبالها عشرات الأنواع سكنت وتعايشت واستمرت حتى اليوم وكان منها البدن (الماعز الجبلي) والذي شق طريق بقاءه على حواف جبال ضانا وبجهود حماة الطبيعة، فكان نوعا علما شامخا يزين جبالها كل صباح ولكن هل سيبقى؟
يتعرض حيوان البدن للعديد من المهددات الطبيعة من صيد جائر وتدمير للموائل وندرة المصادر الطبيعية وغيرها الكثير ولكنه وبرغم من هذه المهددات الكثيرة، التي كادت أن تزيل تواجده القديم والمستمر منذ آلاف السنين كنظيرة النمر العربي، الذي انقرض في ستينيات القرن لمنصرم، يعتبر البدن من قصص النجاح التي نراها اليوم شامخة على الجبال.
ويضيف عابد، لا زالت محمية ضانا من أهم الموائل الحاضنة لهذا النوع والتي تضم أفضل الموائل الطبيعة لهذا الحيوان والذي يحتل المركز الثاني من ناحية التهديد لستة أنواع من الماعز الجبلي المنتشرة في آسيا وأوروبا وإفريقيا.
كما لم يكن هناك أي دراسات تفصيلية عن البدن في الأردن أو حتى في المنطقة قبل الستينيات باستثناء بعض التسجيلات والعينات المحنطة في المتاحف والتي جمعت من مناطق مختلفة في الأردن وفلسطين.
أما في الأردن فقد طلبت إدارة الجمعية في الثامن عشر من تشرين الثاني عام 1989 من منسق الشؤون العلمية كوبيليا هيز شاهين (Coppelia Hays Shahin, 1989) تقريرا بما يتوفر من معلومات عن البدن في الأردن، ولخص التقرير بأن البدن ينحصر في المناطق الجبلية الرملية الجنوبية من زرقاء ماعين شمالا وحتى وادي رم جنوبا مرورا بمرتفعات ضانا.
كما أكد التقرير على تدهور مجتمعات البدن بسبب الصيد الجائر، والذي صدر قانون بتجريمه عام 1978 كخطوة مبدئية لحماية هذا النوع المهدد في اردننا الحبيب، ورغم هذا كله فإن البدن يقف الآن وحيدا أمام تحد آخر يصعب النجاة منه، فآليات التعدين واغبرتها تقف حاجزا في تواجده في قلب الجنوب قاطعة بذلك أهم ممر يصل بين ما تبقى منه والجبال القاحلة المجاورة لضانا والتي لا يكاد يرى فيها منذ زمن بعيد.
كما تحتوي المحمية بحسب عابد، على 45 من الثديات و44 من الزواحف ومنها الثعلب الأفغاني والذي انحصر تواجده في جبال محمية ضانا الرملية والذي كان يسمى بالثعلب الملوكي لارتباطه برياضة الصيد للملوك قديما، كما سجل الوشق والضبع المخطط والوبر الصخري وفأر الخيل والذئب العربي وابن أوى والغزال العفري و النيص و الغريري والتي تعتبر كلها من الأنواع النادرة والمهددة على المستويين المحلي والعالمي.
واعتبرت الجمعية أن تميز التنوع الحيوي في المحمية إرث وطني لا يمكن التفريط به، بل سيعكس صورة سلبية جداً عن الأردن في حال عدم الاكتراث لكل هذه القيم المقدرة على الصعيد الدولي وفي كل محافل المحافظة على التنوع الحيوي.
ويهدد أي نشاط تعيديني التنوع الغني في المحمية وبخاصة التنوع الفريد في الأنواع الحيوانية، ويعتبر هذا التنوع سلسلة متكاملة إذا تأثرت إحدى الأنواع فإنها ستؤثر على بقية الأنواع كذلك، وفي مسألة التعدين قمن المتوقع أن يزداد احتمالية تسرب معادن ثقيلة إلى التربة ما يؤثر على الغطاء النباتي وبالتالي يؤثر على أنواع النباتات التي تتغذى عليها الكثير من الحيوانات، والذي يؤثر على السلسلة الحيوانية بأكملها وعلى بقية الكائنات الحية في المحمية.
كما أن وجود نشاط بشري كثيف واليات وتفجيرات، وتطاير أتربة وغبار، سيؤدي حتماً إلى تدمير الموائل الطبيعية في المحمية ما يدفع كثيرا من الأنواع إلى الهروب من موائلها الطبيعية النادرة ويضعها في دائرة الخطر لاسيما الحيوانات النادرة والمهددة بالانقراض.