خلف شاشات الهواتف الذكية تقع جرائم كبيرة، ضحيتها عادة الفتيات الصغيرات في السن، وأحيانا راشدات، حين يقعن ضحية لجرائم الابتزاز الإلكتروني المعروف بـ"التحرش الجنسي عبر وسائل التواصل الاجتماعي"، بين يدي "مبتز" من أجل الوصول إلى غايته، مستغلا بذلك مشاعر ضحاياه ومستخدما مهاراته للسيطرة على مشاعرهن، والتحكم بهن تمهيدا للوصول إلى جريمة أكبر قد تصل إلى هتك العرض، والقتل في حال فضح أمرها.
اقرأ أيضاً : ما هي العقوبة الجديدة لمروج المخدرات عبر الإنترنت في الأردن؟
"رؤيا" سلطت الضوء على هذا النوع من الجرائم، التي باتت تنتشر انتشارا مقلقا وسريعا، حتى إن قرارات المحاكم لا تخلو من هذا النوع من الأسلوب الجرمي الذي يهدد حياة المغرر بهن من الفتيات الصغيرات في السن.
القاضي السابق في محكمة الجنايات الكبرى المحامي الدكتور أمجد الكردي، علق على هذا النوع من الجرائم قائلا: "أفعال التحرش الإلكتروني تنامت بفعل الحجر المنزلي الذي فرضته جائحة كورونا أخيرا، فخيار التواصل مع الآخرين أصبح محصورا بشاشات الأجهزة الخلوية والكمبيوتر، حتى بات ظاهرة مقلقة لاتساعه وما يترتب عليه من آثار نفسية على الضحايا التي يتحكم بها المبتز فارضة تأثيرا على حياتهن".
وأوضح الكردي في حديثه، كيفية اصطياد المبتز لضحاياه، إذ يعمد إلى اختيارهن عشوائيا أو عن سابق إصرار وترصد.
وقال: "النسبة الأكبر من الضحايا هن من الفتيات القاصرات، فيستغل المبتز خوفهن من التبليغ ليستدرجهن، وثمة مبتزون يدرسون الضحية جيدا عبر ما تكتبه من تفاصيل عن حياتها".
وأكد أن المحجمين عن تقديم الشكوى كبير، فالسيطرة الذكورية تجعل الضحايا من النساء يخشين تسرب معلومة عنهن.
ولفت إلى أن المتزوجين من رجال ونساء يخشون من تقديم الشكوى، وهنا تكمن الخطورة لأنهم سيخضعون للمبتز.
اقرأ أيضاً : الجرائم الإلكترونية تحذر الأردنيين من رسائل احتيال عبر "الواتساب"
وفصّل الكردي أنواع التحرش الإلكتروني والابتزاز: تحرش جنسي، أو ابتزاز مالي وجنسي وحتى عاطفي، فهو فعل قد يحدث بين مجهولين وأقارب وحتى أزواج، وفي الفضاء الافتراضي هناك مسافة بين الضحية والجاني، وهو يضم الكثير من المعلومات عن الأفراد، لذا يمكن أن يكون الإيقاع بالضحايا أكثر سهولة.
وقال إن "الحماية تبدأ بالتأكد من الأشخاص الذين نتواصل معهم عبر التحقق من حسابات "المبتزين، ولهذا يجب ألا نضيف حسابات لا نعرف أصحابها، وأن نسأل عن الذين يضيفوننا وفي حال المحادثة ينبغي الحذر أيضا وعدم النقر على روابط مجهولة".
وقال الكردي: "لنفترض أن أحدهم وقع ضحية نوع من الابتزاز، فالخيارات المتاحة أمامه أولا عدم الرد على المبتز، وعدم الخضوع لابتزازه المالي، فالخضوع لمرة واحدة يعني تهديدا متواصلا، ويمكن للضحية إبلاغ من حولها بما يحدث معها من أصدقاء أو أهل أو جمعيات تعنى بالموضوع".
وأوضح أنه بإمكان الضحية تقديم شكوى لدى البحث الجنائي من خلال وحدة الجرائم الإلكترونية، للتعامل مع "المبتز" سواء أكان في الأردن أو خارجه.
وقال إن الجرائم الجنسية الإلكترونية عابرة للحدود ولا تقتصر فقط على الاستغلال المادي، بل تشمل أيضا دوافع معنوية للوصول إلى استغلال جنسي مباشر، وتتخذ هذه الجرائم غالبا غطاء قبل تنفيذها مثل استخدام أسماء وهمية للزواج أو عبر مواقع تحت مسمى مواقع للتوظيف فضلا عن مواقع تقدم "السحر والشعوذة".
وعن موقف القضاء الأردني من هذا النوع من الجرائم، أوضح الكردي أن محكمة التمييز الأردنية كانت قد أيدت قرارا لمحكمة الجنايات الكبرى بإدانة شاب بالحبس 3 سنوات، بعد ثبوت ارتكابه جريمة هتك العرض عن بعد لفتاة قاصر.
وزاد: "هناك عدة جرائم جنسية إلكترونية تصنف بأنها هتك عرض، خصوصا تلك الجرائم التي تحدث عبر مكالمات الفيديو أو البث المباشر والتي تصنف بأنها ركن مادي لتصنيف جرائم هتك العرض في الواقع".
اقرأ أيضاً : بالفيديو.. طبيب نفسي: الفيديوهات الخادشة للحياء "تنمر وعنف ضد المجتمع"
واستعرض الكردي نصوصا قانونية تعاقب مرتكب هذا النوع من الجريمة، إذ نصت المادة 415/1 على ما يلي: "كل من هدد شخصا بفضح أمر أو إفشائه أو الإخبار عنه وكان من شأنه أن ينال من قدر هذا الشخص أو من شرفه أو من قدر أحد أقاربه، عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبغرامة مالية من خمسين إلى 200 دينار".
ونصت المادة 415/2 "كل من ابتز شخصا لكي يحمله على جلب منفعة غير مشروعة له أو لغيره عوقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسين دينارا ولا تزيد عن 200 دينار".
ونصت المادة 15 من قانون الجرائم الإلكترونية على ما يلي:
"كل من ارتكب أي جريمة معاقب عليها بموجب أي تشريع نافذ باستخدام الشبكة المعلوماتية أو أي نظام معلومات أو موقع إلكتروني أو اشترك أو تدخل أو حرض على ارتكابها يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في ذلك التشريع".
كما نصت المادة 9 من ذات القانون على ما يلي: "يعاقب كل من أرسل أو نشر عن طريق نظام معلومات أو الشبكة المعلوماتية قصداً كل ما هو مسموع أو مقروء أو مرئي يتضمن أعمالا إباحية أو تتعلق بالاستغلال الجنسي لمن لم يكمل الثامنة عشرة من العمر بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن 300 دينار ولا تزيد على 5 آلاف دينار.