سلّطت سيطرة طالبان على أفغانستان الضوء على تواجد الحركة في العاصمة القطرية، لكن رهان الدوحة على كسب نقاط دبلوماسية من هذه الاستضافة أصبح في مهب الريح مع الانتصار الساحق للحركة المتطرفة واحتمال توقف المحادثات السياسية.
اقرأ أيضاً : الإمارات تستقبل الرئيس الأفغاني وأسرته بعد هروبهم من البلاد
في الآتي أسئلة وأجوبة حول خلفيات وجود طالبان في هذه الدولة الخليجية الثرية:
لماذا هناك مكتب لطالبان في الدوحة؟
تقع قطر على بعد 1800 كيلومتر من أفغانستان التي مزقتها الحرب طوال عقدين، لكنّها دعت رغم ذلك حركة طالبان لفتح مكتب سياسي في عاصمتها العام 2013 بمباركة واشنطن مع احتدام الصراع في البلد الآسيوي.
وكان من المفترض أن يكون المكتب مركزا لمفاوضي طالبان، وبينهم مقاتلون متّهمون بجرائم، حتى يتمكّن المجتمع الدولي من الانخراط سياسيا مع الجماعة المتطرفة.
وشهد المسار بداية شائكة مع اندلاع سجال بعد فترة وجيزة عندما رفع المتمردون علمهم فوق المبنى الذي يضم مكتبهم، ثم أطلقوا اسم "إمارة أفغانستان الإسلامية" على مكتبهم وهو الاسم الذي استخدموه خلال فترة حكمهم بين العامين 1996 و2001، ما أثار الغضب في كابول.
وقال المحلل المختص بشؤون الشرق الأوسط أندرياس كريغ لوكالة فرانس برس "ضغطت الولايات المتحدة بشكل متزايد على القطريين لاستضافة بعض قادة طالبان الذين اطلق سراحهم من غوانتانامو".
اقرأ أيضاً : فتيات يعدن إلى المدرسة في هرات في ظل حكم طالبان
وأضاف "ثم أصبح مكتب طالبان جزءا لا يتجزّأ من استراتيجية الولايات المتحدة للتفاوض على الانسحاب من البلاد في عهد إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب".
حافظت قطر على اتصالاتها مع طالبان خلال فترة حكمها السابقة، ولكنّها لم تقم علاقات دبلوماسية معها على غرار السعودية والإمارات وباكستان.
ومع ذلك، رأت طالبان في قطر التي تستضيف أكبر قاعدة جوية أميركية في المنطقة، مضيفا محايدا للمحادثات.
هل ساهم وجود المكتب في الجهود الدبلوماسية؟
بينما حُسم مصير الصراع في أفغانستان في نهاية المطاف في ساحة المعركة وليس حول طاولة المفاوضات، قال محلّلون إنّ توفير مساحة سياسية لطالبان منح قطر دورا مهما.
ورأى الباحث في معهد "رويال يونايتد سيرفيسز" توبياس بورك أنّ قطر "كانت في قلب هذا المسار الدبلوماسي لفترة طويلة، ولم يكن ذلك ممكنا من دون تقارب جيد مع كافة الأطراف".
وأوضح "المحادثات التي جرت، الصفقة التي أبرمتها إدارة ترامب مع طالبان العام الماضي (...) كل ذلك تطلب وجود هذه المساحة" السياسية.
وبموجب اتفاق شباط 2020، وافقت الولايات المتحدة وحلفاؤها على سحب القوات في مقابل ضمانات أمنية من طالبان - بالإضافة إلى التزام المتمردين التفاوض مع الحكومة التي انهارت مع سيطرة الحركة على البلاد.
وفي الدوحة، شعر أفراد الجالية الأفغانية بالخيبة لدى مشاهدتهم حركة طالبان وهي تسيطر على البلاد من جديد.
وقال أحد أفراد الجالية "إنهم (طالبان) يوجهون الكثير من الرسائل الإيجابية حتى يسيطروا على كل شيء، عندها سيباشرون بحملات القمع".
ماذا استفادت قطر؟
سجلت قطر نقاطا دبلوماسية عندما وقّعت طالبان والولايات المتحدة اتفاقهما في شباط/فبراير العام الماضي، غير أنّ مراقبين تساءلوا عن سبب تعثّر الحوار الأفغاني وعدم انتظام مواعيد جولاته.
وثمة من يتساءلون عما إذا كان بإمكان قطر فعل المزيد للتوسط في صفقات لتجنيب البلاد استيلاء طالبان على السلطة.
وقال الباحث في "معهد أبحاث السياسة الخارجية" في واشنطن مايكل ستيفنز "هم (القطريون) لم يفهموا أفغانستان (...) لكنّهم أرادوا أن يكونوا محطة للدبلوماسية"، مضيفا "هذه هي الصورة التي كانوا يحاولون الترويج لها".
ماذا يحمل المستقبل؟
من غير الواضح الدور الذي ستلعبه الدولة الخليجية في مستقبل أفغانستان.
وقد عاد رئيس المكتب السياسي لطالبان ونائب زعيمها الملا عبد الغني برادر إلى أفغانستان في طائرة تابعة للقوات الجوية القطرية.
ولا يزال الكثير من أعضاء الحركة في قطر، وكذلك فريق التفاوض السابق للحكومة الأفغانية والذي يواجه الآن مستقبلا غامضا.
وقال كريغ "إذا حشدت الولايات المتحدة دعما لعدم الاعتراف بحكومة طالبان، فسيكون من الصعب على قطر" الاعتراف بها، مشيرا إلى أنه من غير المرجح أن يتحول المكتب إلى سفارة كاملة في ظل هذه الظروف.
وأوضح "من المرجح أن تحذو قطر حذو الولايات المتحدة في هذا الأمر مع عدم تعريض مكانتها كوسيط في هذا الصراع للخطر".
من جهته، رأى بورك أن "قطر ستبقى في قلب المحادثات" السياسية حول أفغانستان.