الفايز: الباب مفتوح أمام أي دولة عربية لدخول مشروع الشام الجديد

الأردن
نشر: 2021-07-15 13:29 آخر تحديث: 2023-06-18 09:32
رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز - أرشيفية
رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز - أرشيفية

 دعا رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز إلى تشكيل اتحاد اقتصادي عربي يمكن للأمة العربية عبره مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية التي تتعرض لها جراء معاناتها اليوم من التدخلات بشؤونها من قبل دول إقليمية، ناهيك عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها عديد الدول العربية وارتفاع نسب الفقر والبطالة فيها مع وجود صراعات سياسية واهلية.

وفي تصريحات له حول مشروع الشام الجديد والأوضاع الراهنة في المنطقة، قال الفايز إنه لا يمكن أن يكون هناك أي حل لهذه التحديات إلا بالتكامل الاقتصادي العربي، مشيرا إلى بعض الأمثلة التي تؤكد هذه الحقيقة.

وأضاف أنه وبعد الحرب العالمية الثانية كانت أوروبا مدمرة وتعيش خلافات سياسية عميقة بسبب الحروب بين الحلفاء "بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا" ودول المحور "ألمانيا وإيطاليا واليابان"، ولكنها بعد الحرب شكلت اتحادا اقتصاديا نجحت من خلاله تنحية خلافاتها السياسية، فأصبح لها عملة موحدة، وباتت اليوم الكثير من الدول تسعى لدخول الاتحاد للاستفادة من الأوضاع الاقتصادية الممتازة التي قدمها لمواطنيه.


اقرأ أيضاً : الفايز: الأردن يقف على مسافة واحدة من مكونات العراق الدينية والاجتماعية


وأوضح الفايز أن اوروبا اصبحت قوة سياسية واقتصادية بعد أن وضعت خلافاتها السياسية جانبا وركزت على الموضوع الاقتصادي، مشيرا إلى انه حتى اللحظة لا توجد سياسة خارجية واحدة للدول الاوروبية، ورغم وجود مفوض للسياسة الخارجية ما زال بينها خلافات في وجهات النظر حول العديد من قضايا السياسة الخارجية والداخلية، لكنها تجاوزت كل ذلك.

ولفت إلى أن الصين كانت متراجعة اقتصاديا ولم يكن لها دور على الساحة السياسية الدولية، لكنها اليوم تعد ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم، ولها دور سياسي واستراتيجي كبير على الساحة الدولية.

وأعرب عن امله بأن تستطيع الدول العربية تكوين اتحاد اقتصادي يمهد لامتلاكها قوة سياسية على مستوى العالم في ظل المقومات التي تمتلكها وتربطها بعضها ببعض من الدين واللغة والعادات والتقاليد والتراث، بخلاف الدول الأوروبية التي لا يجمعها شيء، لكنها استطاعت الوصول إلى هذه المرحلة المتقدمة من الوحدة والقوة الاقتصادية.

وفيما إن كان مشروع الشام الجديد بين الأردن ومصر والعراق يختلف في طبيعته وأهدافه عن مجلس التعاون العربي، قال الفايز إن "الظروف التي كانت تمر بها المنطقة عند تشكيل مجلس التعاون العربي تختلف عن الظروف الراهنة، فالعالم العربي يمر اليوم بمرحلة يواجه فيها تحديات لم تكن وقت مجلس التعاون العربي، ولم تكن هناك أوضاع سياسية كالتي نشاهدها الآن في الدول العربية، وكان الاستقرار السياسي النسبي يسود في تلك المرحلة".


اقرأ أيضاً : المصري: الأردن يدفع ثمن مواقفه وتمسكه بالقدس والوصاية الهاشمية


وتابع "لكي تكون أمتنا ذات قوة اقتصادية وسياسية، علينا التوجه اليوم إلى بناء التكامل الاقتصادي العربي، مشيرا إلى أنه في هذا الاطار وخلال لقائي أخيرا بنائب رئيس مجلس النواب العراقي طالبت بعقد مؤتمر اقتصادي عربي موازي لمؤتمر القمة العربية السياسي، يشارك فيه ممثلون عن رجال الاعمال وغرف الصناعة والتجارة والقطاع الخاص للعمل على تشكيل نواة اتحاد اقتصادي عربي، وأن يبنى الاتحاد البرلماني العربي ذلك، مؤكدا انه لا يمكن لامتنا أن تكون قوة سياسية على الساحة الدولية إلا بالتكامل الاقتصادي".

وردا على سؤال فيما إذا كان مشروع الشام الجديد يقتصر على الأردن والعراق ومصر، أوضح الفايز أن الباب مفتوح لأية دولة عربية لدخول مشروع الشام الجديد، قائلا "لماذا لا ينضم إخواننا في دول الخليج العربي إلى هذا التحالف، فنحن نتكلم فقط عن تكامل اقتصادي ونضع خلافاتنا السياسية جانبا".

وتساءل لماذا لا توجد اتفاقية تجارة حرة بين الدول العربية حتى هذه اللحظة، فإذا أردنا أن نصدر مثلا المنتوجات الأردنية إلى أية دولة عربية تجد قيودا كبيرة على ذلك، لذلك يجب بناء وحدة اقتصادية تمهد لقوة سياسية على المستوى العالمي.


اقرأ أيضاً : العودات: القدس مكون ثابت من مكونات الدولة الأردنية


في رده على سؤال حول الأساس الذي قام عليه الشام الجديد، وعلى ماذا يتفق الأردن ومصر والعراق إذا كان الحديث عن تكامل اقتصادي حيث الدولة الغنية في هذا التكتل هي العراق ومصر إلى حد ما، وهذا المشروع يأتي بعد أن تعددت المشاريع في الوطن العربي "مجلس التعاون الخليجي إلى الجامعة العربية، مجلس التعاون العربي، والآن الشام الجديد، والحديث سابقا عن الشرق الأوسط الجديد والعلاقات الاقتصادية مع تركيا، لكن لم ينجح أي مشروع إلى المستوى الذي أراده الشارع العربي أو المواطن العربي.

وقال الفايز إن مصر دولة قوية باقتصادها وقوتها البشرية وموقعها الاستراتيجي في العالم العربي كمركز ثقل عربي لا يمكن الاستهانة به، كما أن الأردن بحكم موقعه الجيوسياسي ودوره الإقليمي والدولي عوامل قوة لنجاح هذا المشروع، ويمكن ان يساعد في تكوين نواة لوحدة اقتصادية بين هذه الدول وإقامة مشروع الشام الجديد الذي لا يوجد ما يمنع من انضمام كافة الأشقاء إليه.

وزاد "قد تكون الإرادة الحقيقية لإنجاح المشاريع السابقة غير متوفرة إضافة إلى الظروف السياسية المختلفة، لكن مشروع الشام الجديد هناك إرادة حقيقية وتصميم أكيد لبنائه كقوة اقتصادية".

ومضى قائلا "لماذا لا ننجح في بناء تكامل اقتصادي عربي، ولماذا نستثمر في دول أجنبية، أليس من حق المواطن العربي أن يشعر ويحس أنه جزء من هذه الأمة، لذلك ادعو إلى التشاركية الاقتصادية بين دولنا، في الاستثمار وحرية التجارة بين الدول العربية، ما يتطلب إرادة حقيقية لإنجاح هذا التكامل الاقتصادي، فإذا لم تكن هناك إرادة لن تكون هناك نتيجة".


اقرأ أيضاً : الفايز: مقامات الأنبياء والصحابة تحظى باهتمام ورعاية جلالة الملك


وتساءل رئيس مجلس الأعيان في هذا الإطار، حول دور العرب الآن على الساحة السياسية الدولية؟ وقال "للأسف خلافاتنا السياسية تؤثر طبعا على حتى مواقفنا تجاه الدول، فمثلا مواقفنا تجاه إسرائيل لو كانت موحدة لما كانت إسرائيل بهذه الرعونة، للأسف مواقفنا مبعثرة خاصة بعد الربيع العربي وما خلف من تبعات".

وحول إمكانية وجود شام جديد بدون سوريا، أوضح الفايز أن هناك جهوداً تبذل الآن لإعادة سوريا للحضن العربي، وبعد ذلك ننطلق بالحديث مع سوريا عن الانضمام للمشروع، مؤكدا أن كل دولة لها الحق بأن تقرر سياستها تجاه سوريا لكن الأهم الآن هو عودة سوريا إلى الجامعة العربية خطوة أولى، وهناك جهود تبذل في هذا الإطار".

ووحول وجود نقاش مع سوريا للانضمام لهذا التكتل، قال "إن الأردن وعلى المستوى الوزاري كان هناك زيارات لوزير التجارة السوري وبعض الوزراء الآخرين للأردن أخيراً، وكان هناك طبعاً مباحثات مثمرة في موضوع تصدير الكهرباء لسوريا وقضايا تجارية عديدة".

وفيما يتعلق بلبنان، قال الفايز، إن لبنان يعاني اليوم من وضع اقتصادي صعب جداً، وحتى اللحظة لم يستطيعوا تشكيل حكومة ونتمنى لهم التوفيق.

وفي معرض رده إن كانت سوريا جزءاً من الشام الجديد في ظل وجود هذا الموقف الدولي حولها، بين الفايز أن هناك مفاوضات الآن بين المعارضة السورية وبين النظام وتحت إشراف الأمم المتحدة حول تعديل الدستور السوري لكن الآن هناك وضع قائم في سوريا يجب التعامل معه.

وحول السؤال المتعلق بموضوع التكامل الاقتصادي مع سوريا الذي هو أساس هذا المشروع الجديد، قال إن مرحلة إعادة إعمار سوريا لا يوجد اتفاق دولي كيف تسير عملية إعادة الإعمار في سوريا أو عملية التجارة مع سوريا نتيجة العقوبات المفروضة عليها دولياً، مشيرا إلى أن سوريا دولة جارة ومهمة للأردن.

وحول تقاطع مشروع الشام الجديد مع مشروع نيوم السعودي، قال الفايز "لا اعتقد أن هناك تعارضاً، أعتقد أنها مشاريع مكملة لبعضها البعض وأي مشروع ينفع السعودية ينفع الأردن وما ينفع الأردن ينفع مصر وما ينفع الأردن ومصر ينفع السعودية، فنحن لا نتحدث عن أي مشروع اقتصادي لأنه حتى مشروع النهضة نيوم فيه فائدة اقتصادية للأردن، كذلك ممكن لمصر ان تستفيد منه، فنحن دائما مع أي مشروع يخدم مصلحة السعودية والأردن ومصر والعراق والدول العربية، وبالتالي هذه المشاريع مكملة لبعضها البعض ولا تتعارض، ونحن ومصر لنا علاقات تاريخية مميزة ثابتة راسخة مع السعودية.

في معرض رده على سؤال حول رؤية 2030 التي يتبناها ولي العهد السعودي والحديث عن شرق أوسط مختلف وعن أوروبا جديدة أو مثل هذا النوع من المشاريع ومى مساهمتها في تعزيز فكرة تحويل منطقة الشرق الأوسط أو المنطقة العربية إلى منطقة مهمة عالميا، قال الفايز، إن "ما يقوم به سمو الأمير محمد بن سلمان هو مقدر، وإن شاء الله سيكون نواة لتكامل اقتصادي عربي".

وأضاف "أنا أعلم أن سمو الأمير محمد بن سلمان يسعى أن تكون السعودية في المستقبل دولة لا تعتمد فقط على النفط، بل دولة تعتمد على مصادر أخرى، وأن تنجح في تكوين نواة لتكامل اقتصادي عربي وتوسيع الدائرة وفتح حوار مع إخواننا في دول الخليج وشمال إفريقيا.

وفي سؤال حول محاولات إيرانية للتغلغل في الأردن من خلال الزيارات الدينية الشيعية؟ قال الفايز، إن "إيران تلعب دوراً سلبياً تجاه الأمة العربية وهناك تدخلات إيرانية في كثير من الدول، وهو امر لا يمكن السكوت عنه، وعندما تلعب إيران دورا إيجابيا تجاه المنطقة العربية عندئذ سنفكر في موضوع السياحة الدينية إلى مناطق الجنوب التي تعتبر بالنسبة لهم مهمة جدا.

وأكد أن الموقف الأردني تجاه إيران مرتبط بالموقف الإيراني، فاذا قاموا بدور إيجابي تجاه العالم العربي عندها لكل حادث حديث، ولكن لا يمكن أن نتعامل نحن مع إيران إذا ما استمرت بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية بأي دولة عربية.

وفيما يتعلق بالنفوذ الإيراني في العراق، قال الفايز "نحن دائما عندما نتحدث مع إخواننا العراقيين نتحدث على أساس ألا تؤثر علاقتهم مع إيران على أي دولة عربية جارة للعراق، ولا نتحدث عن علاقاتهم مع إيران لأنه قرار سيادي للعراق لكن ألا تؤثر العلاقات الإيرانية العراقية على العلاقات الأردنية العراقية، والأشقاء في العراق متفهمون لذلك، فلا يمكن أن يكون هناك تأثير إيراني على القرار العراقي بالتقارب مع الأردن. وفي رده على سؤال يتعلق بأن كان الأردن مرتاحاً أكثر مع الإدارة الأميركية الجديدة، قال " لاشك أن الأردن يشعر الآن بالارتياح مع الإدارة الأميركية الجديدة، خاصة بعد تجاوز سياسات ترمب تجاه الشرق الأوسط الذي كان داعماً رئيسياً لنتنياهو، أولاً نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، وضم الجولان وأراضي الضفة الغربية لإسرائيل، تلك الإجراءات التي كانت تؤرق الأردن لأن ارتباطنا مع القضية الفلسطينية ارتباط تاريخياً لا يمكن أن ينفصل، وكان جلالة الملك واضحا وصريحا برفض هذه الإجراءات وأعلن اللاءات الثلاثة لا للتوطين ولا للوطن البديل، والقدس خط أحمر، والوصاية الهاشمية خط أحمر.

وبخصوص الحكومة الإسرائيلية الجديدة، قال الفايز "لا أعتقد أنها تختلف عن الحكومة السابقة، لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي هو يميني ومدعوم من الأحزاب اليمينية المتطرفة، ولا يزالون ينتهجون السياسات التي كان ينتهجها نتنياهو، خاصة في موضوع الشيخ جراح وضم الأراضي الفلسطينية للتوسع بالمستوطنات لذلك نحن نعول الآن على الإدارة الأميركية الجديدة، وزيارة جلالة الملك طبعاً سيكون لها مخرجات لوقف الممارسات الإسرائيلية التي تهدد السلام والأمن في المنطقة، ونحن ندرك أن هناك دعماً مطلقاً لإسرائيل لكن بالنسبة لنا في الأردن نشعر بأن هناك اختلافاً ربما من رئيس لرئيس أميركي بطريقة التعاطي مع السياسات الإسرائيلية".

وأضاف "نحن مرتاحون في ظل الإدارة الاميركية الجديدة، فلا يوجد ضغوط على الأردن، وجلالة الملك تربطه علاقة شخصية وعلاقة صداقة مع الرئيس جو بايدن، الذي كان نائبا للرئيس باراك أوباما وكان دائم التواصل وبينهما علاقة احترام وصداقة قوية، ونحن نعول على الإدارة الأميركية الجديدة بأن تضغط على إسرائيل لحل الدولتين.

وبين أن هناك مؤشرات إيجابية في التعامل مع السلطة الوطنية الفلسطينية، ومنها رفع الحصار عن المساعدات الأميركية التي كانت تقدم إلى السلطة وعن الأونروا التي قطعها ترمب للضغط على السلطة وعلى الأردن للقبول بالتوطين وبدولة فلسطينية مقطعة الاوصال، ولم يدرك حينها أن القضية الفلسطينية قضية سياسية وليست اقتصادية، ولن تحل إلا بعد أن ينال الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير، وبدون ذلك يكون هناك سلام لإسرائيل ولن تنعم إسرائيل بالسلام، وهذا الأمر ووجهة النظر سينقلها جلالة الملك للإدارة الأميركية الجديدة".

وردا على سؤال يتعلق بقضية الفتنة كيف استطاع الأردن أن يتجاوزها، أو هل فعلاً تجاوز الأردن هذه المرحلة؟ قال الفايز "إنني اطمئن الجميع وأقول لهم إن الأردن دولة قوية ثابتة راسخة عمرها مائة عام، عاشت في ظل ظروف إقليمية صعبة ومنذ عهد الملك عبد الله الأول واجه الأردن تحديات جسيمة؛ بدءا بالانتداب البريطاني ووعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو، واستطاعت الدولة الاردنية تجاوزها، وفي خمسينيات القرن الماضي عندما قامت الانقلابات في العالم العربي استطعنا تجاوز تداعياتها وآثارها بحكمة وحنكة القيادة الهاشمية ووعي الشعب الأردني الواحد الذي يقف خلف جلالة الملك عبدالله الثاني بقوة، لذلك أقول إن موضوع الفتنة لم يؤثر على استقرار الأردن، بل ازداد قوة، والأردن اليوم دولة قوية، لكن البعض استغل عوز الأردنيين للوصول إلى أهدافهم، ولكنهم فشلوا فشلا ذريعا.

وأضاف "الأردن اليوم وفي ظل موقعه الجيوسياسي، لم يفقد أهميته كما يروج البعض، بل هو عمود الاستقرار في الشرق الأوسط، وإذا حدث خلل أو عدم استقرار بالأردن فهذا سيؤثر على كل دول المنطقة ولن يسلم أحد، لأن استقرار الأردن مصلحة للجميع".

وفي هذا الاطار، قال الفايز "إنني أشكر دول الخليج العربي، التي لم تتوان يوماً عن تقديم الدعم السياسي والاقتصادي للأردن، وساهم ذلك في العمل على تجاوز الكثير من تحدياتنا الاقتصادية.

أخبار ذات صلة

newsletter