حذرت جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" من أن جرائم القتل الأسرية ستستمر لا بل قد تزداد وتيرتها، ما دامت تشريعاتنا تتضمن أعذارا مخففة لمرتكبي الجرائم بذريعة "الشرف"، وما دام القانون يجيز ضرب الأطفال تأديبا، وما دام التنمر والعنف يزدادان انتشارا وتوسعا، وما دامت إجراءاتنا وتدابيرنا مكبلة بتقديم شكاوى من عدمها، وما دامت العقوبة رهن التخفيف في حال إسقاط الحق الشخصي اختيارا أو إكراها، وما دام هنالك ضعف أو خلل في إجراءات وبرامج الوقاية والحماية من العنف الأسري، حيث لا تزال خيارات وفرص النساء للنجاة من العنف الأسري محدودة الأفق والنطاق.
وتشير "تضامن" الى أن الأردن ومنذ بداية عام 2021 وحتى تاريخ اليوم 28/6/2021 شهد وقوع 12 جريمة قتل أسرية ذهب ضحيتها 13 أنثى، فيما نجت من الموت إبنة وزوجة طعنتا في حادثتين منفصلتين على يد الأب والزوج على التوالي، وفقاً لرصد وسائل الإعلام المختلفة.
فخلال شهر كانون ثاني 2021، أقدم زوج على قتل زوجته (53 عاماً)، وإبنه (18 عاماً) رمياً بالرصاص بتاريخ 18/1/2021 في منطقة الرصيفة، وبتاريخ 25/1/2021 إعترف شاب بقتل أخته (عشرينية) ضرباً حتى الموت في منطقة ماركا في العاصمة عمان.
وخلال شهر آذار 2021، وبتاريخ 6/3/2021 تحديداً أقدم أب على قتل طفلتيه (سنتان و 3 سنوات) بواسطة آداة حادة في البادية الجنوبية، وفي اليوم الدولي للمرأة الذي صادف يوم 8/3/2021 اقدم رجل على قتل طليقته (خمسينية) طعناً داخل محكمة الرصيفة الشرعية، وبتاريخ 10/3/2021 قتلت أم (ستينية) على يد إبنها طعناً في العاصمة عمان، وبتاريخ 11/3/2021 قتلت فتاة (عشرينية) طعناً على يد والدتها في محافظة المفرق. هذا وطعنت فتاة (عشرينية) على يد والدها في منطقة صويلح في العاصمة عمان بتاريخ 18/3/2021 وكانت حالتها العامة متوسطة.
وخلال شهر نيسان 2021، وبتاريخ 29/4/2021 قتلت زوجة طعناً على يد شقيق زوجها في منطقة الرصيفة في محافظة الزرقاء.
وفي شهر آيار 2021، وبتاريخ 26/5/2021 أقدم إبن (أربعيني) على قتل والدته (ثمانينية) طعناً في منطقة مخيم الحسين في العاصمة عمان. وبتاريخ 30/5/2021 أصيبت زوجة (ثلاثينية) بعدة طعنات على يد زوجها فيما طعن الأبناء والدهم قبل فراره.
وفي شهر حزيران 2021 وبتاريخ 16/6/2021، قتلت فتاة جامعية (21 عاماً) على يد والدها نتيجة ضربها ضرباً مبرحاً بسلك كهربائي لإخفاقها في مادة دراسية. وفي النصف الثاني من ذات الشهر أقدم أخ على قتل شقيقته حرقاً بمادة الكاز في محافظة الزرقاء حيث توفيت متأثرة بالحروق البليغة التي تعرضت لها، وبتاريخ 28/6/2021 أقدم زوج على قتل زوجته ضرباً وخنقاً في محافظة البلقاء.
علماً بأن “تضامن” كانت قد رصدت وقوع 21 جريمة قتل أسرية بحق النساء والفتيات خلال عام 2019 و 20 جريمة عام 2020.
هذا وتشكل جرائم قتل النساء أخطر وآخر حلقة من سلسلة حلقات العنف المتواصلة ضدهن، وهذه الجرائم نتيجة حتمية لتبعات وآثار مختلف أشكال العنف الممارس ضدهن. وترتكبت جرائم “قتل النساء والفتيات لكونهن نساء” وهو يختلف تماماً عن جرائم القتل التي ترتكب ضد الأشخاص سواء أكانوا ذكوراً أم إناثاُ. فجرائم قتل النساء يقصد بها تلك الجرائم المرتكبة عمداً ضدهن كونهن نساء، وكان يشار الى هذه الجرائم قديماً على أنها جرائم “قتل الإناث” أو جرائم “وأد البنات” أو جرائم “القتل الممنهج للإناث”.
إنشاء مرصد وطني لحالات قتل النساء والفتيات
وتجدد “تضامن” مطالبتها بإنشاء مرصد وطني تشترك فيه مؤسسات المجتمع المدني مع الجهات القضائية ممثلة بوزارة العدل والجهات الحكومية الأخرى كوزارة التنمية الاجتماعية ومديرية الأمن العام والطب الشرعي ودائرة قاضي القضاة ودائرة الاحصاءات العامة وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة، بهدف وضع الإستراتيجيات الدقيقة والفعالة لمنع و/أو الحد من هذه الجرائم، وذلك من خلال جمع البيانات المتعلقة بتلك الجرائم ومرتكبيها وأسبابها ودوافعها وعلاقة الجناة بالمجني عليهن وجنسياتهم، ومناطق وأماكن إرتكابها، والأحكام القضائية الصادرة بحق الجناة وتتبع حالاتهم بمراكز الإصلاح والتأهيل، والكشف عن الجرائم المرتكبة ضد النساء والفتيات والتي يتم إخفائها بذرائع مختلفة كالإنتحار.
وسيسهم المرصد في إصدار بيانات تفصيلية تجعل من التدابير والإجراءات المتخذه تصب في الإتجاه الصحيح، ويقدم التوصيات لمختلف الجهات ذات العلاقة والتي من شأنها منع و/أو الحد من الجرائم.
عدم قبول التعهد من الأسرة في حال وجود خطورة ولو متدنية على حياة النساء والفتيات
إن عودة النساء والفتيات الى أسرهن بعد توقيع تعهد من أي فرد من الأسرة أو أكثر بعدم تعريضهن للعنف وحمايتهن لن يجدي نفعاً حتى ولو كان مستوى الخطورة على حياتهن متدني جداً. وقد أثبتت التجارب السابقة بأن لا فائدة من هذا التعهد ما دام النساء لا زلن تحت الخطر والعديد منهن فقدن حياتهن تبعاً لذلك، وقد شهدنا في السنوات السابقة مقتل فتاة على يد والدها مباشرة فور توقيعه على التعهد أمام الجهات المختصة.
التوسع في إنشاء دور إيواء النساء المعرضات للخطر
على الرغم من وجود دور إيواء للنساء المعرضات للخطر إلا أن طاقتها الاستيعابية غير كافية ولا تشمل جميع محافظات المملكة، لذا فإن “تضامن” تدعو الى إنشاء المزيد من هذه الدور وتسهيل إجراءات التحاق النساء وأطفالهن والفتيات بها، وتقديم برامج تأهيلية وعلاجية بما فيها النفسية لضمان إعادة إدماجهن في مجتمعاتهن.
تقديم الخدمات للناجيات من العنف وحمايتهن
على الرغم من وجود خدمات إجتماعية ونفسية وصحية للنساء والفتيات المحتمل تعرضهن للعنف أو الناجيات منه، في العديد من مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية، إلا أن هذه الخدمات خاصة الإيوائية منها لا زالت تشكل عائقاً أمام تقديم الحماية الضرورية والفعالة لهن.
ويزداد الأمر سوءاً مع الأعداد الكبيرة من اللاجئين في الأردن، والحاجة الملحة لوجود مثل هذه الخدمات للاجئات اللاتي يتعرضن لأنواع مختلفة من العنف بالإضافة الى ما تعرضن له أصلاً من صدمات نفسية ومشاكل جسدية وصحية بسبب النزاعات والحروب. وتعتقد “تضامن” بأن التركيز على تقديم هذه الخدمات للنساء سيكون بمثابة الإجراء الوقائي الحاسم في منع إرتكاب جرائم قتل بحقهن.
رفد المراكز الأمنية بمزيد من الشرطة النسائية وبناء قدراتهن في مجال العنف ضد النساء
إن القضاء على ثقافة الصمت لدى النساء والفتيات المعنفات المتمثل في عدم إبلاغ الجهات الرسمية عند تعرضهن لأي شكل من أشكال العنف، يرتبط مباشرة بإمكانية تغيير الثقافة المجتمعية السائدة والتي تدين ضمنياً الضحية، وتستهتر مراجعة النساء للمراكز الأمنية لوحدهن تحت أي سبب كان. وكخطوة أولى يمكن توفير مزيد من الشرطة النسائية في المراكز الأمنية وبناء قدراتهن لإستقبال هذه الحالات وتشخصيها وتوصيفها بالصورة الصحيحة مما يفسح المجال أمام المعنفات من التحدث بحرية ووضوح ودون حياء.