ينشغل اللبنانيون هذه الأيام، ببثّ شائعات تثير الذعر، عن حتميّة تسلّل أعداد هائلة من الجراد إلى لبنان، ويتحدّثون عن كارثة لم تشهدها البلاد منذ الحرب العالمية الأولى، أمّا لسان حالهم، فيسأل: هل ينقصنا همّ، أم أنّ الجراد أذكى من أن ينتقل إلى بلاد لم يعد فيها لا أخضر ولا يابس؟
اقرأ أيضاً : الزراعة: توقعات بدخول أسراب من الجراد في أي وقت مع تغير حركة الرياح
"جراد السلطة في لبنان لم يترك للجراد شيئاً"!.. هكذا غرّد أحدهم في معرض ردّه على السؤال أعلاه.
أمّا اللبنانيّون، الذين باتت تنطبق عليهم مقولة "ما تهزّو، واقف ع شْوار"، فتلقّفوا الخبر، بعيداً من السياسة، وسط حالة من الترقّب والعودة بالذاكرة إلى كتب التاريخ التي تحفظ كارثة المجاعة في العام 1914، وخصوصاً أن مجرّد ذكر اسم الجراد كفيل بإثارة الذعر في نفوسهم.
ولا سيّما المزارعين منهم، لكوْن السرْب (في الكيلومتر الواحد) يلتهم نحو 100 ألف طن من النباتات الخضراء، في يوم واحد، وهو ما يكفي لغذاء نصف مليون شخص لمدّة سنة.
هذا من جهة. كما تقترن هذه الحشرة في ذاكرتهم، من جهة ثانية، بالمجاعة الشهيرة التي شهدها لبنان والتي تسبّبت بها رفوف الجراد بعدما أكلت الأخضر واليابس، أبّان الحرب العالمية الأولى عام 1914، أو "حرب الـ14" كما يسميّها اللبنانيّون، وما رافقها من غياب لأشعّة الشمس لأيام عدّة.
إجراءات.. ونكات
وهكذا، قيل إنّ الجراد سيعود، وأحد المزارعين وضع الحادثة في خانة "الإشارات من ربّ العالمين إلى أن حرباً مماثلة قادمة"، في حين قلّل مزارع آخر من أهميّة الأمر، إذ يحدث هذا كلما ارتفعت الحرارة على نحو سريع، فيلفظ البحر بعض تلك الجنادب المحليّة، فتتحرك نحو اليابسة، لكنّها تكون عديمة الفعالية ولا تؤذي، ولا علاقة لها بكلّ ما يُشاع عن موجة جراد محتملة.
وما بين الرأييْن، حسم البعض أنّ الجراد سيطلّ، بكامل عدّته وسلاحه، بعد وصوله إلى سوريا والأردن والعراق، وخصوصاً بعدما حذّر وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس مرتضى مصلحة الأبحاث الزراعيّة بوجوب مراقبة حركة أسراب الجراد في الدول المجاورة.
وبعيداً من أجواء وزارة الزراعة وإجراءاتها وتطميناتها، بدأ اللبنانيون يعبّرون عن قلقهم حيال هذا الأمر، وكعادتهم، بباقة من التعليقات المتندّرة والنكات والتهكّمات، والتي ما زالت تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
ولعلّ أجمل تلك النكات هي: "قائد الجراد سيعلن الانسحاب من لبنان، بعد اكتشافه أنّ الشعب ميّت من الجوع»، مرفقةً بنصيحة مفادها: «لا تخافوا منه، ناهيكم عن أنّه لم يعد يوجد شيء في البلد ليأكله. فاطمئنّوا".
واقع مرير
ومن بوّابة السياسة، أرفِقت بعض النكات بصور من وحي الواقع المرير، فقد نُشِرت صورة لإحدى جلسات مجلس النواب، وذيِّلت بعبارة: "صورة حصريّة للجراد الذي يغزو لبنان منذ عشرات السنين". كما كان لحكومة تصريف الأعمال حصّة الأسد من النكات، ومنها: "حكومتنا المستقيلة تعهّدت بحلّ الموضوع بالحوار مع أبو جراد".
ومن العموميّات إلى الخصوصيّات، لم تسلم وزارة الزراعة من التهكّمات: "أسراب الجراد الآتية إلى لبنان تدعو إلى اعتصام حاشد أمام وزارة الزراعة اللبنانية، بسبب عدم توفّر لا أخضر ولا يابس"!