أكد خبراء اقتصاديون أن الوصول لمرحلة التعافي الاقتصادي المنشود يتطلب خططاً قصيرة وطويلة المدى عابرةً للحكومات تتجاوز الصعوبات، وتعالج الآثار السلبية لأزمة كورونا وتُعيد النمو للأرقام الموجبة.
وقالوا إن تنفيذ الخطط يبدأ بضخ السيولة الكافية بالاقتصاد، وتحفيز الاستهلاك، وتشجيع الاستثمار، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وإجراء إصلاحات ضريبيّة وجمركيّة، وتعديل أو سنّ كل ما يلزم من التشريعات والقوانين والأنظمة للوصول إلى مرحلة التعافي.
وتعاني المملكة من صعوبات اقتصادية جمة منذ سنوات اثرت على نسب النمو وزادت معدلات البطالة، ولاسيما مع تفشي فيروس كورونا، ما يتطلب وصفة تضمن البقاء على استمرارية الوظائف واستدامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بوصفها العمود الرئيس لخيمة الاقتصاد.
اقرأ أيضاً : ارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالميا في الأسبوع الثالث من نيسان
وتوقع البنك الدولي في تقرير حديث أن يعكس الاقتصاد الأردني اتجاهه نحو النمو خلال السنة الحالية بنسبة 1.8 بالمئة، بينما نسبة دين الحكومة المركزية للناتج المحلي الإجمالي ستقفز من 110.5 إلى 113.5 بالمئة.
وبين التقرير أن إجمالي الدين العام للمملكة سجل العام الماضي 47.5 مليار دولار، متوقعا أن يتخطى 50 مليار دولار العام الحالي.
وكانت الحكومة تقدمت ببرامج للتخفيف من حدة تأثير تبعات الجائحة على القطاع الخاص والمواطن الذي بات يرى أن تحسين الوضع المعيشي لن يتحقق في ظل غياب استراتيجية اقتصادية واضحة.
واطلق المجلس الاقتصادي والاجتماعي أخيرا خطة للتعافي الاقتصادي من آثار الجائحة شملت الدعم الفوري لقطاعات العمال والاقتصاد والدعم التكميلي لمختلف القطاعات، وتمكين الاقتصاد من التعافي السريع.
وشملت الخطة كذلك توفير دعم متكامل للقطاعات الحيوية ومسارات النمو الاقتصادي المستدام، لتحقيق التكامل بين جميع القطاعات والوصول إلى التعافي الاقتصادي البنيوي، ما يساعد على تمكين الاقتصاد وتطوير القطاعات ذات الأولوية للتعامل مع آثار جائحة كورونا.
وأكد رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق، غياب القرارات والحزم الاقتصادية الفاعلة، أو أن ما يعلن عنها لا يتواءم ومستوى الضرر الذي ترزح تحته القطاعات التجارية والخدمية.
وقال إنّ أولى خطوات التعافي الاقتصادي، هي تشكيل مجلس اقتصادي طارئ، يضمّ أصحاب الخبرة من جميع القطاعات، ويخرج بوصفة اقتصادية تشخّص مشاكل كل قطاع، وتحدد حجم الضرر، والعلاج المناسب، ومدة العلاج، وتكلفته.
وأضاف إن الخطوة الثانية، هي تشكيل لجنة لكل قطاعية مشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص، لوضع خطط عاجلة، بقرارات جريئة واستثنائية، كإنشاء صندوق لتعويض القطاعات المتضررة، ولاسيما السياحة والخدمات، وضخّ سيولة لا تقل عن ملياري دينار في السوق المحليّة، موزعة بين المواطنين والقطاع الخاص بفائدة قريبة من الصفر وشروط بسيطة.
وبيّن أن الحفاظ على الوظائف القائمة وحل مشكلة البطالة، هي أولويات أساسية، ويجب دعم منشآت القطاع الخاص للحيلولة دون زيادة نسبتها، داعياً إلى تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وطالب بتخفيض الرسوم الجمركية وتوحيدها على نسبة 5 بالمئة كحد أعلى، ما يسهم بزيادة إيرادات الخزينة، والحدّ من التهريب، ورفع القدرة الشرائية للمواطن بتخفيض الأسعار والتكاليف، لافتاً إلى أن هذه الإجراءات من شأنها التخفيف على القطاعات، من حيث التكاليف والحاجة للاقتراض.
ودعا الحاج توفيق الذي يرأس كذلك النقابة العامة لتجار المواد الغذائية، إلى أمر دفاع جديد يعفي المستأجرين عن فترة التعطل، وينظّم العلاقة مع المالك من خلال حوافز تعوّضه عن الخسائر.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي الدكتور جواد عناني إن أول الحلول التي يجب اتّباعها هو احتواء الجائحة الصحية، ما يمكّن من إعادة الحياة إلى طبيعتها، إضافة لوضع خطة للعامين المقبلين، تستوعب آثار الجائحة المباشرة، وتوقف تراجع الأرقام الإحصائية الأساسية، كالنمو الذي يجب أن يعود للنسب الموجبة، والبطالة العالية التي زادت بنحو 6 نقاط مئوية عما كان قبل الجائحة، والعجز في الميزانية الذي ازداد بنحو 5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وشدّد على ضرورة وضع خطة طوارئ، بموجبها ينشط الأسواق، وحل مشاكل الشركات المتعثرة، وتنشيط السياحة كإجراءات عاجلة، مطالبا بإعادة النظر بأية أنظمة وقوانين من شأنها تسهيل وتشجيع وتسريع إجراءات الاستثمار الذي يواجه تحدياتٍ تشريعيّة ومادية، كتكاليف الطاقة المرتفعة التي تعد معوقاً اقتصادياً رئيسا أمام مختلف القطاعات.
ودعا إلى تشجيع المواطنين على الاستثمار في أسواق الأسهم، وتخفيف الضرائب الإضافية عليها، وإحياء سوق العقار تدريجياً، منعاً لتعسّر المقترضين من البنوك، بإنشاء صندوق للحفاظ على أسعار العقارات، يعيد شراء العقارات كلما انخفضت أسعارها حتى لا ينهار هذا القطاع، وإنشاء مشروعات الكبرى من خلال استغلال الموارد الطبيعية الموجودة في الأردن.