استعرض أستاذ التاريخ والحضارة في جامعة الحسين التقنية د. بسام البطوش، خلال مشاركته في فقرة "أصل الحكاية" ببرنامج "دنيا يا دنيا" على قناة رؤيا، تفاصيل بدايات الدولة الاردنية، والظروف التاريخية التي أسست لهذه البدايات، وأجاب عن سؤال: ماذا لو لم يأتي الأمير عبدالله الأول إلى البلاد، ويلتف حوله زعماء البلاد والشعب الاردني، وتأسست الدولة الاردنية؟
وقال إنه لو تركت البلاد للحكومات المحلية الكثيرة التي تشكلت عقب تعثر مشروع الدولة الفيصلية في دمشق بعد معركة ميسلون، لكان مصير البلاد مجهولًا، وطالبت الصهيونية بإدراجها في برنامجها الاستيطاني، وضمها إلى خطة "وعد بلفور" لإقامة وطن قومي لليهود.
إذًا مجيء الأمير عبدالله الأول إلى شرقي الأردن، وتأسيس الدولة، حمى الأردن من المخططات الصهيونية، وحال بين الشعب الاردني والاحتلال المباشر، والإهانات التي واجهتها شعوب المنطقة، صحيح أن الأردن خضعت للانتداب البريطاني، غير أن البلاد كانت تدار من حكومات وطنية وعلى رأسها أمير عربي.
اقرأ أيضاً : الأردنيون يحتفلون بمئوية الدولة الأردنية الأحد
وقال إن ما أسس لتشكيل أول حكومة أردنية يوم التاسع من نيسان عام 1921، سلسلة من أحداث متتالية.
كانت البلاد، شأنها شأن كل المنطقة قد خضعت للاحتلال العثماني أربعمائة عام، مع سياسات التجهيل والإفقار، لكن بدأت الروح القومية برزت كنتيجة موضوعية للمشاعر القومية العربية، وهو ما أسس للثورة العربية الكبرى، واندحار العثمانيين عن منطقتنا عام 1918.
دخلت قوات الأمير فيصل بن الحسين إلى دمشق محمولة بمشروع الدولة العربية، وتأسست الحكومة العربية الفيصيلي، وكان المؤتمر السوري الأول الذي انعقد في شهر حزيران عام 1919، وكان بمثابة برلمان لممثلين عن عن كل مناطق بلاد الشام، وكانت أهم قراراته إعلان الحكومة العربية بقيادة الأمير فيصل بن الحسين، لكن سرعان ما تعثر مشروع المملكة السورية العربية في معركة ميسلون مع الاحتلال الفرنسي.
وقعت بلاد شرقي الأردن في حالة فراغ سياسي إثر انهيار مشروع الدولة الفيصلية في سورية الطبيعية - سورية الحالية ولبنان والأردن وفلسطين -، فتأسست ثلاث حكومات محلية هي حكومات الكرك والسلط واربد، لكن سرعان ما انقسمت حكومة اربد إلى عدة حكومات بسبب تنافس الزعماء المحليين، المهم أن هذه الحكومات لم تتمكن من الاستمرار سوى ثمانية أشهر.
لم تكن الحكومات المحلية تمتلك الإمكانات والمقومات للاستمرار بهذا الشكل، لذا جرت محاولة لتوحيدها بانعقاد مؤتمر أم قيس، الذي كانت أبرز معالمه استشعار الخطر الصهيوني، وأهم قراراته توحيد البلاد في حكومة واحدة، ومخاطبة الشريف الحسين بن علي بتطلعات البلاد بمناداة أحد أبنائه أميرًا للبلاد.
وصل الأمير عبدالله الأول بن الحسين إلى معان يوم 11 تشرين الثاني عام 1920، واتصل بزعماء البلاد، وأخذ يستعد للخطوة التالية، وهو الانتقال إلى عمان، إذ وصلها يوم الثاني من شهر آذار عام 1921، وبدء سلسلة من المفاوضات مع زعماء البلاد.
بعد ذلك عُقد اجتماع في القدس بحضور وزير المستعمرات البريطاني حينذاك ونستون تشرشل، وقرر دعم بريطانيا العظمي إنشاء دولة في مناطق شرقي الأردن.
عاد الأمير عبدالله الأول من القدس إلى عمان وشرع في تشكيل أول حكومة أردنية، وأسند إلى اللبناني رشيد طليع رئاستها، وضمت ثمانية وزراء، خمسة منهم من سورية وفلسطين، واثنين من الحجاز، وواحد من الأردن هو علي خلقي الشرايري، وكان ذلك يوم الحادي عشر من شهر نيسان عام 1921، أي قبل مئة عام.