يحتفل الوطن الأشم بمرور مئة عام على تأسيس الدولة الأردنية الراسخة بأركانها، الثابتة على مبادئها التي تبنتها منذ انطلاق الثورة العربية الكبرى وتأسيس الإمارة، فنشأ الجيش العربي مرافقاً للمسيرة الكبيرة للدولة الأردنية، فصاحب تطلعاتها وعايش آمالها وطموحاتها نحو نهضة الوطن المشرق وتقدمه وازدهاره.
الجيش العربي وارث رسالة الثورة العربية الكبرى، والامتداد الطبيعي لجيشها وفيلق من فيالقها، ارتبط تاريخه السامي بتاريخها ارتباطاً عضوياً، وتشكلت نواته من النخبة التي اتحدت تحت راية الأمير عبدالله بن الحسين في الحادي والعشرين من تشرين الأول عام 1920 في معان بعد أن كان لها الدور الكبير في عمليات ومسارات الثورة العربية الكبرى.
ويحمل الجيش العربي الرسالة المقدسة في الدفاع عن حياض الوطن وحماية أمنه وسيادته، والولاء المطلق لقيادته الهاشمية المظفرة، والجيش العربي شامة على جبين الوطن الأبهى، وهو يحظى بسمعة طيبة وشعبية واسعة لما يتمتع به من مبادئ أصيلة وأخلاق كريمة جعلته يسكن القلوب أينما حلّ وارتحل، ويترك أثراً طيباً في النفوس أينما حط رحاله، وكأنه بلسم شاف ونسيم عليل يمسح الآلام ويداوي الجراح.
تعود نشأة الجيش العربي إلى نخبة المقاتلين من جنود الثورة العربية الكبرى الذين قدموا مع الأمير عبدالله بن الحسين، وقد أطلق الملك حسين بن علي على قوات الثورة عام 1917 اسم (الجيش العربي)، وأطلق الأمير عبدالله بن الحسين في عام 1923 على نواة قوة إمارة شرقي الأردن الاسم نفسه، ليظل هذا الجيش جيشاً لكل العرب كما كانت الثورة العربية ثورة لكل العرب.
وكان همّ الملك المؤسس عبدالله أن يكون للإمارة جيش يحمي أرضها ويدافع عن شعبها، خاصة أن ظروف التأسيس كانت بالغة الصعوبة من حيث معاناة ما بعد الحرب العالمية الأولى، فكان أول تنظيم للجيش على النحو التالي: سرية الفرسان، سرية المشاة، فئة رشاشات، فئة لاسلكي، حرس سجون، فئة موسيقى.
وبلغ تعداد هذه القوة حتى عام 1923، 750 مقاتلاً وسميت بالقوة السيارة، وكانت أولى مهام الجيش توطيد الأمن والاستقرار في البلاد، وفي أواخر عام 1930 بدأ الجيش العربي بتأليف وحدة عسكرية من أبناء البادية وجرى إمداده بالسيارات وأجهزة اللاسلكي، وعمّ الأمن والاستقرار رحاب الأرض الأردنية في وقت لم تشهده منذ قرون طويلة.
وبايع عرب فلسطين الأمير عبدالله بعد اجتماعهم في أريحا عام 1950 ملكاً على الضفتين، وأصبح الجيش مكوناً من ثلاثة ألوية، وفي ذلك الوقت أنشئت أول نواة لسلاح الدروع والمدفعية.
وبعد استشهاد الملك المؤسس على باب المسجد الأقصى تولى الملك طلال سلطاته الدستورية فاهتم -طيب الله ثراه- ببناء وتقوية الجيش العربي، فتم تشكيل الحرس الوطني عام 1951.